آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الباري عطوان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي سياسي فلسطيني رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم

وكالة “رويترز″ تحرج السعودية وتكشف عن تهديدها للأمم المتحدة بإصدار فتاوى إسلامية ضدها ووقف الدعم المالي لمنظماتها

 

عبد الباري عطوان ..
لم نكن ننوي مطلقا العودة إلى هذا الموضع مرة أخرى، ولكن تأكيدات وكالة أنباء “رويترز″ العالمية في برقية لها اليوم (الأربعاء)، أن المملكة العربية السعودية حشدت وزراء خارجية دول التحالف العربي الذي تقوده إلى جانب نظرائهم من دول أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي للاتصال بالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لتهديده بكل الطرق، المباشرة وغير المباشرة، بأعمال انتقامية في حال استمراره في إدراج المملكة وحلفائها في حرب اليمن على القائمة السوداء التي تضم الدول التي تقتل الأطفال وتشوههم، هذه التأكيدات حتمت علينا هذه العودة.

والأهم من ذلك أن المملكة هددت بوقف جميع المساعدات المالية التي تقدمها إلى المنظمات التابعة للأمم المتحدة، ومن بينها منظمة “الاونروا”، التي ترعى شؤون اللاجئين الفلسطينيين، باعتبارها رابع دولة الأكثر تبرعا لها، حيث قدمت مئة مليون دولار في العام الماضي، علاوة على عقد اجتماع لعلماء مسلمين، وإصدار فتوى ضد الأمم المتحدة باعتبارها معادية للإسلام، الأمر الذي وصفه دبلوماسي أممي لوكالة “رويترز″ بأنه أحد أبشع أنواع الابتزاز، مما يدين هؤلاء العلماء، ويؤكد أن فتاواهم تصدر حسب الطلب.
***
“عاصفة الحزم” السعودية قتلت بصواريخها وقذائفها أكثر من 500 طفل يمني، و1168 قاصرا، علاوة على ستة آلاف آخرين، حسب إحصاءات الأمم المتحدة نفسها، وحذف اسم السعودية وحلفائها من القائمة السوداء لا يمكن أن يحجب هذه الحقيقة، أو يقلل من فداحة المصاب اليمني بجوانبه كافة.

لا نختلف مطلقا مع كل الآراء التي تتهم الأمم المتحدة بالفساد، وخضوعها لهيمنة الولايات المتحدة الأمريكية، وتواطؤها الكامل مع الحصار، ومن ثم الحرب، التي شنتها الولايات المتحدة، بغطاء أممي، التي أدت إلى مقتل مليون طفل عراقي، وبعد ذلك إعطاء الغطاء الشرعي لحلف “الناتو” لقصف ليبيا، وقتل أكثر من 30 ألفا من أبنائها، وتحويلها إلى دولة فاشلة، ولكن ما نختلف فيه مع المملكة والدول العربية والإسلامية التي “هرعت” لدعمها، والضغط على الأمين العام للأمم المتحدة لرفع اسمها من القائمة السوداء، أنها صمتت، بل شجعت، الحصار الأمريكي الظالم على العراق الذي استمر 13 عاما، وانتهى بإسقاط النظام العراقي الذي حارب إيران ثماني سنوات لحماية المملكة العربية السعودية ودول الخليج من ثورتها الإسلامية.

نعم.. الأمم  المتحدة رفضت، وبضغط أمريكي إسرائيلي إدراج دولة الاحتلال الإسرائيلي من القائمة السوداء نفسها العام الماضي بسبب قتلها أطفالا في قطاع غزة، ولكن هذه الخطوة تدين السعودية وحلفاءها، لأنهم طالما يملكون كل هذه “العضلات” المالية والسياسية لماذا لم  ينتصروا لأطفال غزة والعراق، ويجبروا المنظمة الدولية على تصحيح خطيئتها هذه في حقهم، ووضع إسرائيل على القائمة السوداء؟

قتل البشر، سواء كانوا صغارا أو كبارا، في اليمن أو سورية، أو العراق، أو ليبيا، أو فلسطين المحتلة، وأيا كان القاتل، هو إرهاب وجريمة كبرى يجب أن تعاقب الدول والجماعات التي تقدم عليها سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة دون أي تمييز.

السعودية قد تكون نجحت وحلفاؤها في إزالة اسمها من القائمة السوداء، ولو مؤقتا، ولكن الضرر الذي لحق بها مزدوج، فقد بات العالم بأسره، وبسبب هذا الارتباك الذي لحق بالمنظمة الدولية من جراء تراجعها، يعرف جيدا أنها ارتكبت جرائم في حق أطفال اليمن وبلدهم أولا، وألحقت هذه الضجة الإعلامية التي ما زالت في بدايتها ضررا أكبر لها، وصورتها بصورة الدولة التي تمارس الترهيب والابتزاز ضد منظمة دولية وأمينها العام ثانيا.
 
***
لا نضيف جديدا عندما نقول، أن كل هذه المصائب التي تتوالى على المملكة العربية السعودية وحلفائها الذين ورطتهم معها، تأتي بسبب “عاصفة الحزم” التي قصفت، وتقصف، طائراتها شعب فقير معدم منذ عام وثلاثة أشهر على الأقل، دون هوادة أو رحمة.

كما نتمنى لو أن حكومة المملكة العربية السعودية استخدمت إمكانياتها العسكرية وأسلحتها المادية الضخمة في خدمة القضايا العربية العادلة، وعلى رأسها قضية فلسطين، ودعمت خطط التنمية في الدول العربية الفقيرة لتوفير لقمة العيش للعاطلين عن العمل فيها، وهم بعشرات الملايين، ومن بينهم أكثر من ثلاثة ملايين سعودي، وجيشت علماءها وكل نظرائهم في الدول الإسلامية لتحرير المقدسات العربية والإسلامية من الاحتلال الإسرائيلي، لا لحذف اسمها فقط من قائمة قتلة الأطفال السوداء.

إنها، وباختصار شديد، “لعنة اليمن” التي ستظل تطاردها لعقود قادمة.. والأيام بيننا.

أضيف بتاريخ :2016/06/09

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد