آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. منصور القطري
عن الكاتب :
درجة الدكتوراه في مجال تنمية الموارد البشري – اجامعة كنتر بيري بلندن 2006م. درجة الماجستير في علم الإدارة (سلوك) – جامعة ماديسون ولاية ويسكانسن الأمريكية – 1989م عضو سابق في هيئة حقوق الإنسان بالمنطقة الشرقية

الحرب النفسية وتخويف الناس

 

أشاع التتار والمغول أثناء حروبهم رعباً وخوفاً في المناطق التي كانوا يقومون بغزوها. وكان أسلوب الغزو المغولي

 يقوم على أسلوب نفسي من خلال عمليات الحرق والدمار بطريقة همجية فحين يدخلون أي قرية تكون معنويات الناس محطمة تماماً بسبب الأخبار التي وصلتهم من القرية المجاورة وحديثهم عن فظاعة الغزاة فيهرب الناس من بيوتهم ويلجأون إلى مناطق أكثر أمناً.

 

الأسلوب الهمجي في الذبح والذي يستخدمه المغول ليس بعيداً عما تفعله عصابة (داعش) والجماعات التكفيرية في المرحلة الراهنة. الجيش المغولي تدرب على طريقة (موغداي) وتعنى (حب الموت) وهو أقرب أسلوب إلى ما تفعله الجماعات التكفيرية في العمليات الانتحارية.

 

 بشاعة القتل كان هدفه (نفسي) حيث كان المغول وعند دخولهم أي قرية يتركون جزء من الناس يهربون أو يغضون النظر عن هروبهم بهدف أن ينقل هؤلاء الرعب في نفوس القرية المجاورة. كانت القرى والمدن تستسلم للمغول والتتار دون مقاومة ودون قتال. الهزيمة النفسية كانت تحصل قبل الهزيمة العسكرية.

 

ماذا فعل الطاغية النمرود مع نبي الله إبراهيم عليه السلام؟ جمع له الحطب أربعين صباحاً!هل هناك حاجة لحرق فرد واحد أن يأمر الطاغية بجمع الحطب لمدة أربعين يوم؟ بل وأمر بإخراج نبي الله إبراهيم روحي فداه أمام الحشود الغفيرة التي جاءت تتفرج على مشهد الحرق العظيم! هكذا فعل النمرود وكان الهدف إسقاط شخصيات المقاومين له اجتماعياً وكان القصد الترويع والتخويف لذا عبر الله سبحانه وتعالى عن نبي الله إبراهيم بـ (كان إبراهيم أمةً) وعبر عنه بـ (خليل الله) والخلة أعلى مرتبة في الحب وأعلى من الشغف!

 

كان الهدف من الحملة الإعلامية للطاغية النمرود هو كسر إرادة الناس وإرهابهم حتى لا يفكر أحد بالمواجهة أو المقاومة.

 

ماذا حدث في كربلاء؟ كربلاء الكرامة التي عبر عنها المفكر العقاد (نكسة الضمير الإنساني) لماذا كان الإصرار على قطع الرؤوس في كربلاء؟ بل حتى قطع رؤوس الأطفال وتحمل على الرماح! لماذا تدوس الخيول على أجساد الشهداء بعد فصل الرؤوس عن الأجساد؟

 

لماذا الحرق والمبالغة في التدمير والإصرارعلى سبي بنات رسول الله؟ كل ذلك هدفه نفسي وهو إرعاب بقية المسلمين وكسر إرادتهم و بعث رسالة إلى جميع المسلمين أنه لا حصانه لأحد الطاغي يستطيع أن يسحق حتى ذرية الرسول (ص)! لكن المفكرين والشعراء والأحرار في العالم استلهموا روح البطولة والشموخ والإباء وروح المقاومة من كربلاء وبعثوا صوتها المدوي إلى عنان السماء.

 

(داعش) باعتبارها قوة طاغوتية قوتها تقوم على (خدعة نفسية) وهو تخويف الناس مع العلم أنهم جبناء لا يواجهون الأبطال والأشاوس في المعركة بل يتنكرون في عباءات نساء ويفجرون الأبرياء في بيوت الله! والإعلام العربي في أغلبه وللأسف إعلام أسود يشبه دور الصندوق الأسود في الطائرات دائماً دوره يأتي ما بعد سقوط الطائرة.

 

بعض مواقع التواصل الاجتماعي وللأسف أيضاً وقعت في نفس (الفخ) وتساعد في نشر (رعب داعش) إلى الناس بينما الأجدر هو تسليط الضوء على بطولات أبناء الوطن في مبادراتهم لحفظ الأمن والدفاع عن الأوطان والدفاع عن الأماكن المقدسة كالمساجد والحسينيات. في ظني كل ما نحتاج إليه في المرحلة الحالية إرادة فولاذية وثقة بالنفس عالية والإيمان بالقدرات الذاتية وبث اللقاحات المعنوية لتقوية مناعة المجتمع.

 

أقول: إذا نجحنا اليوم في فهم اللعبة النفسية للقوة الطاغوتية بشكل عام وعبر التاريخ (لا لتخويف الناس بعد اليوم) فإننا نكون قد كسبنا ليس نصف المعركة بل نكون قد كسبنا المعركة بكاملها.

 

الكاتب: د. منصور القطري

أضيف بتاريخ :2015/10/13

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد