التقارير

تقرير خاص: التهديد بوقف تمويل ’ #الأونروا’.. موقف عابر لـ #لمملكة أم تأسيس لمرحلة جديدة من تاريخ فلسطين؟

 

لم يكن أحد يتوقع أن تهدد المملكة السعودية بوقف تمويل "الأونروا"** باعتبار أن المملكة هي الطرف العربي الوحيد الموجود في لائحة أبرز الداعمين لهذه الوكالة الإنسانية التي تُعنى بشؤون اللاجئين الفلسطينيين في دول الشتات المحيطة بفلسطين المحتلة، فالمملكة هي رابع أكبر مانح لـ"أونروا" بعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وقدمت قرابة مئة مليون دولار للوكالة في العام 2015.

 

وهذه "المفاجأة" لم يكن لها من الأسباب ما يوجب الدفع للتهديد بها على خلفية إدراج "التحالف الذي تقوده المملكة للحرب على اليمن" على اللائحة السوداء لانتهاك حقوق الأطفال، وهذا الضغط السعودي أثمر سحب القرار بحق "التحالف"، وفي هذا الإطار تحدثت مصادر دبلوماسية عديدة أن وكالة "أونروا سوف تتضرر على نحو خاص لو أعيد إدراج التحالف على القائمة السوداء".

 

لماذا تهدد الرياض بوقف تمويل "الأونروا"؟

ولكن لماذا تقوم الرياض بالضغط بوقف دعم أو التبرع لوكالة تهتم بشؤون اللاجئين الفلسطينيين؟ في حين أن المملكة هي من أكبر الدول العربية والإسلامية والتي يجب أن تعتبر نفسها "أم الصبي" في كل ما يتعلق بالشؤون العربية والإسلامية، والقضية الفلسطينية طالما اعتبرت هي القضية المركزية للعرب والمسلمين وطالما دعمت المملكة الشعب الفلسطيني في الداخل أو في دول الشتات.

 

والسؤال الذي يطرح هنا ما الذي يدفع المملكة السعودية للتوقف عن ذلك أو للتفكير بوقف دعم من يهتم بأمور اللاجئين الفلسطينيين الحياتية اليومية سواء من التعليم إلى الصحة وغيرها من المسائل؟ هل الأمر يتعلق فقط بالضغط على الأمم المتحدة أم أن هناك خلفيات أخرى للموضوع؟ علما أن السلطات السعودية يمكنها الضغط على الأمم المتحدة بالتهديد بوقف تمويل الكثير من البرامج الأخرى غير برامج أو نشاط "الأونروا" ويمكنها أن تحصل على "رضوخ" المنظمة الأممية لتهديداتها دون التطرق لمسائل لها علاقة بالشعب الفلسطيني لا من قريب أو من بعيد، فهل تمَّ تعمد إقحام القضية الفلسطينية بالموضوع أم أن الأمر هو مجرد تهديد عابر ليس له أية أبعاد سياسية أو غير سياسية؟

 

الحركة الصهيونية والحرب على "الأونروا"..

هذا مع الإشارة إلى أن "الأونروا" هي من المنظمات التي تُحارب من قبل الحركة الصهيونية في العالم ومن قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي تعيق عملها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لأن هذه الوكالة التابعة للأمم المتحدة تعتبر بنظر الصهاينة هي أحد الشواهد الحية على بقاء واستمرار القضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، ولذلك طالما طالبت السلطات الإسرائيلية بإنهاء عمل "الأونروا" أو حتى تغيير نمط عملها والأهداف المنوط بها تحقيقها بما يساعد على توطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول التي يعيشون فيها ما يعني واقعا إنهاء حق العودة وبالتالي الإنهاء التدريجي للقضية الفلسطينية.

 

وتعتبر مصادر مطلعة أن "الخطوة السعودية في هذا المجال تشكل علامة فارقة عبر التهديد بقطع الدعم عن اللاجئين الفلسطينيين بما يتلاءم مع الحرب الصهيونية ضد الأونروا نفسها"، وأشارت إلى أن "هذا الأمر يثير علامات استفهام كبيرة هي برسم السعودية نفسها وعليها الإجابة عنها".

 

وبحسب دراسات أجرتها مراكز أبحاث إسرائيلية فإن مجرد وجود "الأونروا" يغذي الإيمان لدى اللاجئين الفلسطينيين بإمكانية بالعودة إلى فلسطين، وتعتبر هذه الدراسات أن "البيئة والتجمعات التي تشرف على إدارتها الأونروا هي من أخطر المواقع ليس على إسرائيل وحسب بل وعلى السلم والأمن العالميين وأنها مصدر تفريخ للإرهاب الدولي"، بحسب الرأي الإسرائيلي، وذلك في محاولة لتشويه صورة اللاجئين الفلسطينيين الذين تدعمهم "الأونروا" تمهيدا لتشويه صورة عملها الإنساني بما يساعد على وقف دعمها وتمويلها.

 

والمتتبع في السنوات الأخيرة لعمل "الأونروا" يلاحظ المشاكل الكثيرة التي نتجت عن تقديماتها للفلسطينيين في أكثر من دولة نتيجة تخفيض الدعم من الجهات المانحة بغية إثارة البلبلة في العلاقة مع اللاجئين في دول الشتات، وقد ساهم في كل ذلك نواب في الكنيست الإسرائيلي وأعضاء في الكونغرس الأميركي، كما أن سلاح التهديد بوقف التمويل عن "الأونروا" اُستخدم عدة مرات لأسباب سياسية من بعض الجهات من ضمنها الولايات المتحدة الأمريكية.

 

كما أن وسائل الإعلام الإسرائيلية طالما دعت إلى "إغلاق وكالة الأونروا بحجة أن هذه الوكالة تشكل عقبة أمام أي اتفاق مستقبلي مع الفلسطينيين بسبب المعايير المختلفة لوضع اللاجئ الفلسطيني"، حتى أن بعض الجهات الإسرائيلية تدعو علناً إلى الإبقاء على مساعدة الفلسطينيين في مجال التعليم والصحة ولكن ليس عبر "الأونروا"، فإنهاء هذه "الوكالة" هو مقدمة أساسية لوقف كل أشكال الدعم وبالتالي تصفية الحقوق والقضية الفلسطينية في وقت لاحق.

 

وقف دعم الأونروا.. والمصلحة الإسرائيلية!!

حول كل ذلك اعتبر القيادي في "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" مروان عبد العال أن "ما تم تسريبه حول التهديد بوقف دعم الأونروا يعتبر إشارة فظيعة تكشف حجم الخطر الذي يحيق بالقضية الفلسطينية، كما يعتبر سابقة سلبية مهينة تظهر مدى الاستهتار بمسألة اللجوء الفلسطيني الممتد منذ 67 عاما والذي يعتبر موضوعيا هو جوهر الصراع"، وأكد أن "حق العودة يُمثّل معيار العدالة لأي عملية سياسية لحل الصراع العربي الإسرائيلي ولذلك فإن أية سياسة تنتقص من الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني تخدم أعداء الأمة لا محالة".

 

وشدد "عبد العال" في حديث خاص لصحيفة "خبير" الالكترونية على أن "المسار السياسي الذي يسعى إلى تحويل الصراع عن أهدافه الأساسية يتقاطع مع أهداف العدو الصهيوني لتدمير المنطقة"، ولفت إلى "ضرورة رفض المناقصة السياسية  والاستخدامية في التعاطي مع قضية اللاجئين الفلسطينيين"، وتابع "هذا المناقصة ظهرت من خلال السياسة الرسمية العربية منذ المبادرة العربية في العام 2004 والتي يُعاد التسويق لها اليوم بشكل أو بآخر بهدف الوصول إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل".

 

ولفت "عبد العال" إلى أن "مجرد التهديد بوقف التمويل عن الأونروا بما يؤدي إلى تفليسها غايته تحقيق أهداف سياسية تخدم العدو الصهيوني الساعي تاريخياً إلى إنهاء الشاهد الدولي على جريمة القرن في اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه"، وسأل "لماذا لا يكون الأداء الرسمي العربي على عكس ذلك؟ بأن تُستنفر نخوة الأمة العربية في حفظ كرامة اللاجئين الفلسطينيين دوليا ودعم وإسناد كفاحهم العادل من أجل نيل الحرية والملاحقة القانونية لمجرمي الاحتلال وإحقاق حقهم المشروع بالعودة إلى ديارهم".

 

والحقيقة أن وقف الدعم للشعب الفلسطيني هو مساعدة بطريقة أو بأخرى في التضييق على هذا الشعب والدفع به للبحث عن موطن بديل عن موطنه الأصلي، ما يعني القضاء على القضية الفلسطينية من باب وقف الدعم المالي والسياسي، وبالتالي كما أن الأمم المتحدة شاركت بالحرب على اليمن بدعم "تحالف الحرب" وسحبه عن اللائحة السوداء لانتهاك حقوق الطفل، فإن وقف دعم "الأونروا" هو عن قصد أو عن غير قصد، مشاركة في جريمة تشريد وقتل الشعب الفلسطيني والاستهتار بقضيته والعمل لإنهائها وتصفيتها.

 

**الأونروا: هي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى، تقدم المساعدة والحماية وكسب التأييد لحوالي خمسة ملايين لاجئ من فلسطين في الأردن ولبنان وسورية والأراضي الفلسطينية المحتلة وذلك إلى أن يتم التوصل إلى حل لمعاناتهم، ويتم تمويل الأونروا بشكل كامل تقريبا من خلال التبرعات الطوعية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وتشتمل خدمات الوكالة على التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والبنية التحتية وتحسين المخيمات والدعم المجتمعي والإقراض الصغير والاستجابة الطارئة بما في ذلك في أوقات النزاع المسلح.

أضيف بتاريخ :2016/06/13

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد