آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
حمود أبو طالب
عن الكاتب :
كاتب وإعلامي سعودي، عضو مجلس إدارة نادي جازان الأدبي , والمشرف على المنتدى الثقافي، عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان - فرع جازان.

الحدائق المنهوبة بعد الشوارع المسلوبة


حمود أبو طالب ..

قرأت ذات مرة تصريحا عجيبا غريبا لأمانة مدينة جدة تؤكد فيه وجود ٤٥٠ حديقة في المدينة متفرقة على جميع أحيائها، قرأت الخبر وأنا أفرك عيني وأقرب الصحيفة منها لأتأكد أن المدينة المذكورة في الخبر هي جدة المكون اسمها من ثلاثة حروف هي ج د ة، وفعلا لم يكن هناك مجال للشك في أنها المدينة المعنية. بعد ذلك بدأت في مراجعة سلامة ذاكرتي وقواي العقلية لأتأكد أن المدينة التي أعرف كل أحيائها وشوارعها وأذرعها ليل نهار هي فعلا نفس المدينة أم أنني أعيش في مدينة غيرها وأتوهم أنني فيها، لأنني لم أشاهد مساحة خضراء فيها يمكن أن ينطبق عليها تعريف الحديقة، لقد دخلت في حيرة حقيقية أتعبتني وأرغمتني على الاستعانة بصديق ليفك لي مغاليق هذا اللغز الذي لم أفهمه، فقال لي جزاه الله خيرا:

يا صديقي الساذج، لا بد أولا أن تفكر بالطريقة التي تفكر بها الأمانة لتعرف ماذا تعني الحديقة في مفهومها وقاموسها. هي قطعة صغيرة من الأرض في مخطط المدينة مكتوب عليها حديقة، وربما تكون الأمانة قد خصصت أكثر من العدد الذي صرحت به تحت هذا المسمى لكنه ذهب في مسار آخر، فلم تكن الحكاية كلها سوى تمهيد لتحويلها إلى منح، الحديقة موجودة على الورق فعلا لكنها في الواقع قد دخلت في ثنايا صك ملكية لأحدهم، ومن باب ذر الرماد في العيون لا بأس من الإبقاء على عدد من الأراضي المسماة مجازاً حدائق، ليس فيها سوى بقايا عشب شاحب يابس وتراب تغطيه النفايات. الأمانة يا صديقي لا تؤمن بأن الحدائق رئة يتنفس منها الناس، وترى أنها ترف لا حاجة له، والأحق بها شخص يحول مساحتها إلى حديقة حقيقية غناء داخل منزله، أو مسبح فاخر يتمتع بمنظره. فكر يا صديقي بالمنطق العملي الذي تفكر به الأمانة ولا تتعب نفسك بالكتابة عن هذا الموضوع لأنه لا فائدة من الكتابة.

الآن، لن أمتثل لنصيحة صديقي بعد قيام الإمارة بتحرير ١٤٢ شارعا، ودعونا نناشد الأمير خالد الفيصل بتحرير الحدائق المنهوبة بعد تحرير الشوارع المسلوبة.

صحيفة عكاظ

أضيف بتاريخ :2016/06/23

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد