التقارير

تقرير خاص: الدعم #الاميركي لطموح #بن_سلمان... كيف سيرسم مستقبل #المملكة؟

 

كثيرة هي التحليلات التي خرجت لتتناول زيارة ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فهناك من اعتبر أن للزيارة أبعادا سياسية مرتبطة بمستقبل المملكة نفسها والعلاقة الفاترة مع واشنطن لا سيما بعد التهديد الأمريكي بنشر تقرير عن أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 بما يبين ضلوع جهات سعودية نافذة في هذه الاعتداءات، كما أن البعض ذهب للحديث عن أبعاد اقتصادية للزيارة انطلاقا من ترويج ولي ولي العهد لـ"رؤية 2030" مع ما يستتبعه ذلك في فرص استثمار في أكثر من مجال.

 

لكن الأبرز في كل التحليلات والتسريبات التي تقول إن "بن سلمان" هدف من الزيارة لتصوير نفسه وكأنه "ملك المستقبل" للسعوديين، فهو يزور الولايات المتحدة طامحا إلى أبعد من "ولاية العهد" وهذا ما لا يمكن أن يتم إلا بنيل الرضا والضوء الأخضر الأمريكي، وانطلاقا من ذلك يمكن الحديث في كل الملفات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية والدبلوماسية وتقديم برنامج عمل الرجل للسنوات القادمة وبما قد يسميه البعض "أوراق اعتماد" لدوائر القرار الأمريكية ولمؤسسات صنع القرار هناك، خاصة أن الزيارة تأتي في وقت يتحضر فيها الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما للرحيل، فيما ولم تحسم بعد هوية الرئيس الآتي، وهل هو دونالد ترامب الذي يرفع لواء الانتقاد لسلطات الرياض أم هيلاري كلينتون مع كل ما يقال عن دعم سعودي لإيصالها باعتبارها صديقة قديمة للعائلة الحاكمة في المملكة؟

 

دلالات زيارة بن سلمان إلى واشنطن

فماذا يعني وصول بن سلمان على رأس وفد اقتصادي دبلوماسي سياسي إلى البيت الأبيض للاجتماع برئيس يوضب أغراضه لترك المقر لرئيس جديد؟ وماذا يعني مناقشة مسائل اقتصادية مع الفريق الاقتصادي للرئيس المغادر؟ خاصة أن بعض الجهات اعتبرت استقبال أوباما لولي ولي العهد السعودي هو بمثابة إشارات ضمنية تدل على "قوة الرجل" ومستقبله في قيادة المملكة، باعتبار أن أوباما ليس مضطرا لاستقبال غير رؤساء الدول.

 

بالرغم من أن هناك من خرج لانتقاد طريقة استقبال أوباما لـ"بن سلمان" الذي قيل أنه انتظر فترة خمسة أيام قبل أن يحظى بهذه المقابلة وأن هناك بعض الشروط  التي فرضت كي تحصل، بالإضافة إلى أنها حصلت دون وجود للإعلام السعودي الذي مُنع من التصوير حيث أُخذت الصور عبر المصوّر الخاص للبيت الأبيض، وهي أمور لا تحصل في كثير من استقبالات أوباما لضيوفه، فهل تعتبر هذه "إشارات سلبية" على الزيارة أم أنها مجرد أمور عابرة؟ خاصة أن الرأي العام الأمريكي ينتقد الرياض في أكثر من ملف ليس أولها أحداث 11 سبتمبر/أيلول وليس أخرها انتهاك حقوق الطفل في اليمن والجدل الذي حصل عبر الضغط على الأمم المتحدة لرفع اسم "التحالف" الذي تقوده المملكة في الحرب على اليمن.

 

من البيت الأبيض إلى الأمم المتحدة

هذه "البلبلة" التي حصلت مع الأمم المتحدة دفعت بن سلمان لزيارة مقرها والاجتماع بالأمين العام بان كي مون الذي انتظر مدة 45 دقيقة قبل وصول الزائر السعودي الذي أكد قبيل الزيارة أنه ليس غاضبا لإدراج "التحالف" على لائحة الأمم المتحدة، فهل لزيارة الأمم المتحدة أيضا دلالات معينة تتعلق بمستقبل ولي ولي العهد السياسي وتصوره مستقبلا في رأس هرم السلطة في المملكة؟ وإلا لماذا زيارة الأمم المتحدة بعد كل ما حصل في ملف انتهاك حقوق الطفل؟ ولماذا إشاعة الأخبار أن هذه الزيارة هي لتبريد الأجواء بين الطرفين؟ فكما يبدو أن ولي ولي العهد يتصرف وكأنه المعني الأول في العلاقة بين المملكة والمؤسسة الأممية، ناهيك عن لقائه وزير الخارجية الأميركي جون كيري حيث قيل أنه تم البحث في الملفات المشتركة بين البلدين.

 

بالإضافة إلى كل ذلك بحث ولي ولي العهد العلاقات الاقتصادية الثنائية من بوابة الفرص الاستثمارية التي ستقوم بها المملكة تنفيذا لـ"رؤية 2030"، باعتبار أنها تمثل فرصا استثمارية كبيرة للشركات الأمريكية، كما أن بن سلمان بحث الأوضاع الأمنية والعسكرية والتعاون المشترك والضروري في هذا المجال بين الطرفين خاصة في ظل التركيز السعودي على ما تعتبره المملكة "مخاطر" ناجمة عن توقيع الاتفاق النووي الإيراني، وبالتأكيد أن ولي ولي العهد تباحث مع المسؤولين الأمريكيين في كل تلك الملفات بصفته هو من يقف خلف اتخاذ القرارات في المملكة السعودية، متناسيا أن هناك وليا للعهد وملكا للمملكة السعودية، وأنه يعتبر "نظريا" في المركز الرسمي الثالث من حيث التراتبية الحاكمة، فهل هذه التصرفات تؤكد كل ما يقال أن الرجل يحاول فرض نفسه كـ"خلف" مفترض لوالده الملك؟ أم أن كل هذا الأمر لا يعدو أن يكون محاولات ليس إلا تندرج في ما يشبه "البرنامج الانتخابي" للمرشحين في الدول الديمقراطية، فالرجل يقدم عروضه وبالتالي على أصحاب القرار الاختيار بينه وبين منافسه المفترض ولي العهد الحالي محمد بن نايف؟

 

خلافة الملك السعودي.. وترجيح الكفة أمريكيا!!

وفي هذا الإطار، كشف "الضابط السابق في الاستخبارات الأميركية" بروس ريدل عما أسماه "تدهورا حادا في صحة ولي العهد محمد بن نايف"، ورجّح أن "الكفة باتت تميل إلى ولي ولي العهد محمد بن سلمان ليخلف والده الملك سلمان بن عبد العزيز البالغ من العمر 80 عاما".

 

وقال ريدل (المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وعضو الفريق الانتقالي في إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما) في إطار تقرير نشره موقع شبكة "أن.بي.سي" الأمريكية إن "محمد بن نايف يعاني من مرض جدّي... الأمر الذي جعله خارج السباق على السلطة"، بحسب التقرير.

 

وأكد ريدل أن "الإدارة الأمريكية وبغض النظر عن جميع العثرات المحتملة التي قام بها محمد بن سلمان اعترفت بأن خلافته في نظام الحكم السعودي قوة قاهرة واقعية جدا وأنه من الضروري التعرف بشكل أحسن على ولي ولي العهد السعودي"، وفي إشارة قد تكون لها دلالات لفت ريدل إلى أن "القيادة الأمريكية هي التي وجهت الدعوة إلى محمد بن سلمان للقيام بزيارة رسمية إلى الولايات المتحدة من أجل التعرف عن قرب على الشخصية التي ستعتلي على الأرجح بحسب تقديرات المسؤولين الأمريكيين عرش ملك السعودية في القريب"، وتابع "الإدارة الأمريكية أبدت اهتماما بابن سلمان منذ تعيينه في منصب الرجل الثالث في الحكم وأن الكثير من الناس داخل الإدارة والاستخبارات الأمريكية قلقون من تهوره".

 

فهل هذا الكلام لو صدق، يعني أن الإدارة الأمريكية تتجه لتزكية محمد بن سلمان كملك على المملكة السعودية؟ ولو صدق هذا الأمر فبأي حق تسمح واشنطن لنفسها القيام بذلك وكيف يمكن السماح لها بالتدخل بهذه الطريقة في شؤون دولة ذات سيادة هي المملكة السعودية؟ خاصة أن تعيين بن سلمان سيعني انتقال "العرش" لأول مرة إلى الجيل الجديد من آل سعود أي أحفاد الملك المؤسس عبد العزيز، في مخالفة كما يبدو للأعراف في العائلة الحاكمة؟ وما حقيقة تخلي الإدارة الأمريكية عن محمد بن نايف؟ وكيف ستكون ردة الفعل على ذلك من قبل بن نايف وغيره من أولاد أو أحفاد عبد العزيز؟ أسئلة كثيرة تحتاج إلى أجوبة بالتأكيد أن مستقبل الأيام سيحمل الخبر اليقين بشأنها...

أضيف بتاريخ :2016/06/30

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد