ناصر قنديل

  • البعد الإقليمي في تعقيد ولادة الحكومة

    – يستصعب اللبنانيون على اختلاف مشاربهم تصديق أن تكون أسباب تعقيد الحكومة محلية، ليس فقط لأنهم لا يثقون بلبنانية الخلفيات المحرّكة للقوى السياسية، ولا لأنهم أحياناً يرغبون بالتفكير بأسباب تخفيفية لقادتهم في ما يخطئون فيه باعتبار الأزمات فوق طاقتهم، أو لأنهم اعتادوا في كثير من الأزمات السابقة أن الحلول لا تتم بابتكار مخارج غير مألوفة بل بقبول ما لم يكن مقبولاً، وما كان ممكنا قبوله من قبل وتجنيبهم عذاب الانتظار وعقاب التعقيد، وتأتي كلمة السر من مكان ما في الخارج فتحل العقد بسحر ساحر، بل أيضاً لأنهم لا يتخيّلون أن أحداً من السياسيين لا يدرك حجم المخاطر المحيطة بالبلد اقتصادياً وسياسياً، والكلام صار علنياً عن درجة الخطر، أو أنهم يدركون ذلك ويمعنون في اللعب على حافة الهاوية والهاوية لم تعد بعيدة، لكنها إذا ما انزلقت القدم إليها ستكون سحيقة جداً.

  • اليمن سيبقى مصدر الكلمة الفصل

    – خلال عشرة أيام ماضية تزامن الحديث الأميركي عن وقف النار في اليمن في مهلة أقصاها نهاية الشهر الحالي، مع خطة عسكرية وضعها الأميركيون وقدموا كل مستلزماتها اللوجستية والاستخبارية للجيشين السعودي والإماراتي للسيطرة على مدينة الحديدة ومينائها، لتكون ورقة القوة التي تبرّر الذهاب للتفاوض من موقع مختلف. وخلال الأيام العشرة تلقت مدينة الحديدة وما حولها آلاف الأطنان من المتفجرات، ودمرت فيها المباني والجسور، وقتل فيها المئات من الأبرياء، وأحرقت صوامع الغذاء والمحروقات، وتقدّمت وحدات النخبة في الجيشين السعودي والإماراتي على مجموعة من المحاور وحققت في بعضها تقدماً جدياً. وبدأت الاحتفالات بالنصر في قيادة حلف الحرب على اليمن.

  • هل فتحت الانتخابات الأميركية باب تحوّلات «إسرائيلية»؟

    – كان أول من انتبه لمعانٍ خاصة بـ»إسرائيل» تحملها الانتخابات الأميركية هم الإسرائيليون أنفسهم. وقد أفردت الصحف الإسرائيلية صفحات تحليلية خاصة بالمعاني التي يجب أن تنتبه لها «إسرائيل»، والعبر التي يجب أن تتعلمها من هذه الانتخابات ونتائجها. فكل ساسة كيان الاحتلال يدركون حجم الاعتماد المتزايد لكيانهم على أميركا في السياسة والاقتصاد والقوة العسكرية، وصولاً لتحول الكيان محمية أميركية، حيث فقد جيش الاحتلال القدرة على الحروب، وحيث الاقتصاد مرتبط بالأمن، والأمن مرتبط بالقدرة على الحرب أو السلام، و»إسرائيل» فاقدة القدرة على كليهما.

  • استعادة التوازن في المعركة الرئاسية الأميركية المقبلة

    – يصحّ القول في نتائج الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي بمجلسيه، إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الزاوية الإجرائية وقع بنصف خسارة، بفقدانه السيطرة على مطبخ التشريع الذي يمثله مجلس النواب، وقد بات بعهدة خصومه، والسيطرة على مجلس الشيوخ تمنح الفيتو على القوانين، كما هي الرئاسة، لكنها لا تمنح صلاحيات إطلاق مسار قانوني لولادة القوانين، ويمكن القول إن التسويات والمقايضات ستكون الطريق الإلزامي أمام الرئيس للتشريع، وكذلك يصحّ القول إن لهذا التغيير تأثيرات على السياسات الداخلية للرئيس ترامب أكثر مما يقيده في السياسات الخارجية، التي يشكل مجلس الشيوخ الجهة الوحيدة التي تشارك الرئيس نسبياً في رسم ضوابطها، لكن هذا كله وصف للحال الإجرائية بعيداً عن جوهر المعنى السياسي للانتخابات، في قلب الدينامية التي تمثلها الانتخابات في ترسيم توازنات وحركة اتجاهات الرأي العام، خصوصاً في الانتخابات النصفية، وبصورة أخصّ في مجلس النواب الذي يشهد إعادة تشكيله بالكامل، وقبل سنتين من المعركة الرئاسية.

  • ماذا ستقول الانتخابات النصفية الأميركية؟

    – لن يغيّر الفوز شبه المستحيل للديمقراطيين بالأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ في صلاحيات الرئيس دونالد ترامب ودوره المحوري في رسم السياسات واتخاذ القرارات، خصوصاً أن الاختلافات لا تبدو جوهرية في السياسة الخارجية، نظراً لحدود ما يستطيعه الكونغرس بمجلسيه أن يفعله في السياسات الخارجية. كما لن يغير الفوز شبه المستحيل للجمهوريين مجدداً بالأغلبية في المجلسين لجهة زيادة منسوب التصعيد في السياسات الخارجية الأميركية المأزومة بفعل عناصر لا ترتبط بحجم التفويض الأميركي الداخلي، حيث المواجهة مع روسيا مسقوفة بالعجز، والمواجهة مع إيران محكومة بمحدودية الخيارات، والتصعيد في سورية بات من الماضي، وصفقة القرن معطّلة من داخلها بغياب الشريك الفلسطيني، وقضية العلاقة العميقة مع السعودية وولي عهدها تلاحق الرئيس الأميركي بعد مقتل جمال الخاشقجي وظروف قتله، وفي ظل مأزق حرب اليمن التي تحوّلت جريمة منظمة.

  • مهازل القانون: حول الخاشقجي والعقوبات الأميركية

    – تستحقّ المواقف التي تثيرها العناوين المتخذة بعداً سياسياً بغطاء قانوني بعض الاهتمام لنشرها تلوثاً فكرياً وأخلاقياً لا يمكن تركه يملأ الأجواء فيضيق التنفس الطبيعي لكل نص قانوني وكل دعوة للاحتكام للقانون. وبين هذه العناوين ما يتصدر الوضع الدولي اليوم بقوة، ومنها خصوصاً قضية محاولة رسم إطار للتحقيق في قضية مقتل جمال الخاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول، وقضية العقوبات الأميركية على إيران التي تدخل حزمتها الأشد التنفيذ اليوم.

  • نتنياهو يستنفر لإبن سلمان: حلف الخاسرين

    – كما ظنّ وروّج الكثيرون لمقولة إن روسيا لا تتخلى عن «إسرائيل»، في ذروة الكلام الروسي عن نشر صواريخ الأس 300 في سورية وتسليمها للجيش العربي السوري، معتقدين أنهم أساتذة يعلمون ما لا يعلمه سواهم، يروّجون لنظرية أن واشنطن لن تتخلّى عن سعودية إبن سلمان، وأن طلب «إسرائيل» بهذا الخصوص في واشنطن لا يُردّ، وهم يظنون أنهم أيضاً أساتذة يعلمون ما لا يعلم سواهم. وكما سقطت نظريتهم السطحية في فهم الموازين الاستراتيجية التي تحكم الدول التي تديرها عقول المؤسسات وحسابات المصالح في الحالة الروسية، ستسقط مزاعم ما يدعونه من عمق الفهم والتحليل وتظهر الحقائق الجديدة التي ترسم الحسابات والمصالح الأميركية.

  • اليمن بداية مسار التراجع السعودي

    – كان لافتاً ما أدلى به وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس حول صيغة لوقف الحرب في اليمن، فهو لم يوجه دعوة سياسية بل أعدّ روزنامة عملية حدّد لها سقفاً بثلاثين يوماً لوقف النار وبدء التفاوض السياسي، من دون أن يكلّف نفسه عناء زيارة الرياض والتشاور مع القيادة السعودية كشريك استراتيجي في المنطقة، وفقاً لوصف سابق لماتيس وللرئيس الأميركي دونالد ترامب. فكلام ماتيس الأقرب للأمر العسكري موجّه لكل من السعودية والإمارات، بوقف الحرب. والباقي دعوة ومطالب للقيادة اليمنية ولأنصار الله خصوصاً بقبول مقايضة وقف العمليات العسكرية السعودية والإماراتية، مقابل وقف قصف الصواريخ على المناطق السعودية. وهي دعوة لقيت رداً واضحاً من أنصار الله بربط كل بحث بوقف الحرب بأن يكون شاملاً وفي المقدمة يأتي فك الحصار.

  • كلام رئيس الجمهورية والعلاقة بحزب الله

    – أراد رئيس الجمهورية أن يوصل رسالته حول العقدة الحكومية المرتبطة بتمثيل النواب السنة المنتمين لقوى الثامن من آذار، متبنياً موقفاً قريباً من موقف الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة في توصيف الوضع السياسي للنواب كأفراد لا يستحقون التمثيل، وداعماً الرئيس المكلف بدعوته لعدم إضعاف رئيس الحكومة بتمثيل وزاري يعارضه في طائفته التي يمثل الكتلة الأكبر فيها، لكن رسالة الرئيس كانت واضحة أنها موجهة لحليفه الأهم حزب الله، لجهة القول بأن التمسك بتمثيل هؤلاء النواب هو تكتيك سياسي يضرب الاستراتيجية الوطنية.

  • «إسرائيل» والتطبيع: الجولان في كفّة والخليج في كفّة

    – كان واضحاً المسعى الأميركي الإسرائيلي من ترتيب الزيارات الخليجية الصاخبة لكبار المسؤولين الإسرائيليين، يختالون بنشوة المنتصر بين المساجد والقصور، أن لا أفق سياسي فلسطيني يسمح بتحقيق حلم جاريد كوشنر بنجاح ولي العهد السعودي بتأمين الشريك الفلسطيني الوازن للتوقيع على التنازل عن القدس وحق العودة. وأن هذه الزيارات الاستعراضية المهينة للحكومات الخليجية التي شاركت في ترتيبها، لن تغير في حقيقة أن مصير القضية الفلسطينية والتوازنات التي تؤسس عليها لا يزال بيد الفلسطينيين، وأن المال الخليجي والنفوذ العربي يشتغلان عندما يواكبان مزاجاً فلسطينياً يمثل على الأقل نصف الفلسطينيين، فتمّ استعمال الشراكة الخليجية التطبيعية تعويضاً عن انسداد الأفق أمام الخطوات المرتجاة التي صارت أبعد فأبعد، بقوة الثبات الشعبي الفلسطيني الذي أغلق الأبواب على القادة واحتجزهم في مربع لا يمكنهم تخطّي حدوده. والتعويض التطبيعي جوهري بالنسبة لكيان الاحتلال في لحظة قلق وجودي على مستوى الرأي العام في كيان الاحتلال، وفي قلب حرب نفسية عنوانها كي الوعي وصناعة الوعي تدور رحاها بين قادة الكيان وقوى المقاومة، عنوانها الصراع بين معادلتين، واحدة تقول للمستوطنين كيانكم إلى زوال فلا تطمئنوا، وتقول للشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة، ولّى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات، وأخرى تقول للمستوطنين ها نحن قد أصبحنا كياناً طبيعياً من كيانات المنطقة فلا تقلقوا، وتقول لشعوب المنطقة وللفلسطينيين لا جدوى من المكابرة فالاعتراف بإسرائيل كأمر واقع يحقق النجاح بين الحكام العرب.

  • ترامب وتهيئة أوراق القمة مع بوتين

    تزدحم الساحتان الإقليمية والدولية بتطوّرات تبدو متعاكسة في كثير من الأحيان، وتبدو واشنطن مرجعاً لهذه التطورات، لكنها لا تبدو بالتحولات الكبرى التي ترسم الاستراتيجيات ولا تملك سياقاً يسمح لها بالتحول إلى مصدر تغيير جذري في التوازنات.

  • لا للتطبيع... وإنْ كانت عُمان

    – ينتظر الكثيرون من الذين ناصبوا محور المقاومة العداء لمعرفة ما سنكتب وما سنقول أمام حدث استقبال عُمان لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ويظنون أن مواقف عُمان من الحرب على سورية وقد استحقت تنويهنا، أو رعايتها لدور معتدل تجاه اليمن والعدوان عليه وقد استحقت تقديرنا بسببه، أو حرصها على الحفاظ على علاقات طيبة بإيران رغم اللغة العدائية التي تقودها السعودية ضد إيران وقد لفت اهتمامنا ذلك، سوف يجعلنا نتلعثم عندما نرى نتنياهو في مسقط ضيفاً على الحكم العُماني.