عامر محسن

  • لماذا «تسبق» الغرب؟

    أذكر أنّ أحد أساتذتي (وهو الفيلسوف البريطاني مارك بيفر)، حين كان يشرح للطلاب مقولة ميشال فوكو عن تشكيل «القوّة» لخياراتنا ومفهومنا عن الحقيقة وتأديبنا الذاتي، حتى في المسائل التي نعتبرها «علمية» أو «موضوعية»، كان يستخدم المثال التالي: في عالم الرعاية الطبيّة، الجّميع يحذّرك من التّدخين وينهاك عنه - الأطباء والخبراء،

  • الدَّين العام و«نهاية العالم»: عن البدايات الجديدة

    المشكلة هي أنّه حين كنت تكتب عن مشكلة الدين العام قبل سنوات، وتحذّر من الحائط الذي نتّجه إلى الاصطدام به، لم يكن أحدُ يهتمّ أو يأخذ الكلام على محمل الجدّ؛ أمّا اليوم، حين أصبحت المشكلة حقيقية ـــ وصار الحائط أمامنا مباشرة ـــ وشعر الكلّ بالأزمة وساد الاقتناع بأنّنا في حالة إفلاسٍ مؤجّل،

  • «النظام العالمي» يزور الصين مجدداً

    كان اعتقال المديرة المالية لشركة «هواوي» الصينيّة، مِنغ وانجو، فيما هي تبدّل رحلتها الجويّة في كندا صفعةً حقيقية من واشنطن لبيجينغ. من لديه شكٌّ في أنّ «الحملة» على الصّين قد بدأت (على الرغم من «هدنة» مؤقتة هزيلة عُقدت مؤخراً بين الرئيسين) ما عليه سوى أن يتابع الصحافة الغربية

  • ذكرى اختطافٍ غير معلن

    قبل عامٍ من اليوم، بعد أن ألقى سعد الحريري خطابه الشهير من الرّياض، راسلني الكاتب الزميل أحمد حسن ليقول إنّه لا يوافق على حملة «التّعاطف» والتبرير التي أحاطت بالحدث، والحبّ المفاجىء لشخص سعد الحريري، سواء صدرت عن صدقٍ أو سذاجةٍ أو نفاق. وإنّ الحريري ــــ بغض النظر عمّا إن كان مكرهاً في خطاب «الاستقالة» أم لا ــــ من المفترض أن يُحاسب بعد أن يرجع إلى البلد، فلا شيء يبرّر، حتّى ولو تلقّيت «أوامر» أو تعرّضت إلى الضّغط، أن تُطلق أمراً بمواجهة داخليّة تعلم جيّداً أنها لو وصلت إلى منتهاها، وقد كان هذا احتمالاً جدّيّاً يومها، قد تودي ببلدك إلى الخراب والحرب.

  • «بن سلمان الحقيقي»

    «لقد تكلّمت للتوّ مع وليّ العهد السّعودي، وهو ينفي بالكامل أن تكون له أي معرفة بما جرى في القنصليّة» - دونالد ترامب

  • حين يقتلون زميلك

    الاغتيال السياسي والخطف وقتل الخصوم ليس أمراً جديداً. كان صدّام حسين، مثلاً، يرسل عملاءه - منذ أيّام ناظم كزار - لاغتيال المعارضين في مختلف أنحاء العالم، من الكويت وبيروت واليمن وصولاً إلى عواصم أوروبا وأميركا. ولكن، حتّى في حالة صدّام، كانت هذه «الأهداف» عبارةً عن معارضين ايديولوجيين شرسين، بينهم وبين الحزب الحاكم دماء وسجون ومعارك، أو رفيق انقلابٍ انشقّ وهو أصبح خصماً خطيراً، يمتلك أسرارك وخفاياك. حتّى صدّام لم يكن ليفكّر بإرسال فريق اغتيالٍ ضدّ كاتبٍ فرد، هو ليس عدوّاً جذرياً للنظام، بل ويرفض أن يسمّى «معارضاً» (للأمانة، في حالةٍ واحدة على الأقلّ، أعطى صدّام أحد خصومه الذين لا يمثلون تهديداً - إبراهيم الداوود - فرصة أن يستدير بطائرته ويلجأ إلى المنفى بنفسه، حتى لا يحطّ في بغداد ويضطرّ صدّام إلى اعتقاله). ما نشهده اليوم هو «الأفق الجديد» الذي افتتحه عهد سلمان وابنه.

  • «تمّ الأمر»: انكشاف العمق الإسرائيلي

    صواريخ «الفاتح» لا تعتمد الوقود السائل، ومن الممكن تخزينها بسهولةٍ ولمدةٍ طويلة، ولا تحتاج إلى صيانة (أ ف ب )

  • حين تفسد «الديمقراطية»

    من المفارقات التي لا يذكرها الكثيرون (ولهذا أسبابٌ سنعود إليها لاحقاً) هي أنّ النّظام السياسي في العراق هو، قبل أيّ شيء آخر، نتاج الغزو الأميركي و«التجربة الديمقراطية» في البلد. وبالمعنى الإجرائي المؤسسي، فإنّ العراق هو بالفعل نظامٌ «ديمقراطي»، والدستور والقوانين رسمها الأميركيون وخبراؤهم. قد لا نحبّ الاعتراف بذلك، أو نصرّ على أنّ الديمقراطية في العراق «ليست حقيقية» (لأنّ البلد تحت الاحتلال، أو بسبب الطائفية، أو الفساد، الخ)؛ إلّا أنّ هذا لا يغيّر حقيقة أنّ النّظام، شكلياً وإجرائياً، هو «ديمقراطي»: السلطات تنبثق عن انتخابات، والانتخابات إجمالاً حقيقيّة، وهناك تبادل سلطات، وأحزاب كثيرة، وحكومات محلية، ومليون منظّمة مجتمع مدني، و«هيئات مستقلّة» تتمثّل فيها مصالح مختلفة (في العراق، مثلاً، رغم كلّ شيء، ليس من السهل على السلطة أن تقتل إنساناً أو أن «تخفيه» السجون من دون أن يعرف أحد - ولكنّ الميليشيات تقدر على ذلك). في العراق بحسب الدستور الحالي، في وسع ثلاث محافظاتٍ أن تعقد تصويتاً وأن تجعل نفسها، مباشرةً، إقليما فيديرالياً. بل إنّك، لو اعتمدت مفهوم عالم السياسة روبرت داهل عن «التعددية السياسية» (polyarchy) باعتبارها الشرط الأساسي للديمقراطية، فإنّ نظام المحاصصة في العراق يخلق «تعددية سياسية» لا مثيل لها، وصولاً إلى البيروقراطية والجيش وولاءات الموظفين والضباط.

  • الباب العالي في واشنطن

    «السلطة الحقيقيّة هي الخوف»

  • أكثر من محطّة وقود: عن ريع النّفط و«التخلّف»

    حتّى لا يكون النّقاش على مستوى الظواهر، من الأساس التذكير قبل أيّ كلامٍ عن الوضع المالي في السّعودية، وخطط الدولة وإجراءات التقشّف، بأنّ أي «أزمة» في المالية العامّة، وأي عوز يصيب المجتمع، هي عوامل «اصطناعية» بالكامل ولا يفترض بها ـــــ في عالمٍ آخر «منطقي» ـــــ أن تكون. الإسراف في الاستهلاك والتوظيف غير المنتج للمواطنين و«الفشل التنموي»، هذه كلّها عوارض، من الممكن أن تفسّر عجز الموازنة بالمعنى الحسابي الآني، ولكن السؤال الحقيقي يبدأ من مكان آخر.

  • «انقلابٌ» في بلاد السّند

    اللافت في انتخابات باكستان الأخيرة أنّ الفائز الأوّل بها، عمران خان، يشبه ــــ ظاهرياً ــــ الكثير من مرشّحي «التغيير» و»الطريق الثالث» و»كلّن يعني كلّن» في بلاد الجنوب. عمران خان يأتي من خارج المنظومة الحاكمة، وهو ينتقد «الطبقة السياسية» ككلّ منذ أكثر من عشرين سنة. وهو يحارب الفساد بلا هوادة ولم يتّسخ أو يتلطّخ اسمه منذ أن دخل السياسة قبل عقدين، بل هو عارض ديكتاتورية برويز مشرّف العسكرية، ثم هاجم الفساد الذي رافق حكومة زرداري، وفعل الأمر نفسه مع حزب نواز شريف بعد عام 2013. كما أنّ عمران خان نجمٌ رياضي سابق، درس في «أوكسفورد» ويتكلّم بلهجة بريطانيّة فخمة (عدا عن أنّه رمزٌ وطني للباكستان، إذ إنّه أهداها كأس العالم ــــ الوحيدة لها ــــ في الكريكيت عام 1992؛ وهي كانت لحظة فارقة في تاريخ البلد، تشبه أن تفوز المغرب أو مصر بكأس العالم لكرة القدم، وذلك بمنتخب مُتعب أنهكته الإصابات، وقائده ــــ خان ــــ قد تجاوز الأربعين سنة).

  • كلاوزفيتز في جبل عامل

    من الأمور المثيرة في سيرة كارل فون كلاوزفيتز، أنّه قد عاش في أكثر من عصر، وشهد بعينيه من أحداث التاريخ ومعاركه الشهيرة، ما أقنعه أنّ الحرب لا يمكن أن تقاربها عبر علوم الأقدمين (وهو يشبّه الحرب بالتّجارة: نشاطٌ بشري اجتماعي تتصادم فيه المصالح ويكون في نهاية كلّ «صفقة» نتيجةٌ وحاصل؛ ولكن عملة الحرب، بدلاً من الذّهب، هي الدّم والموت).