عبد الله السناوي

  • صداع غزة في رأس إسرائيل

    «أتمنى أن استيقظ من النوم ذات صباح فلا أجد غزة على الخريطة». هكذا كاشف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران في اجتماع ضمهما بقصر الإليزيه بمشاعر لم يعد بوسعه أن يخفيها وكوابيس تلاحقه في النظر إلى مستقبل الدولة العبرية. كان ذلك مطلع تسعينيات القرن الماضي وأحاديث تسوية القضية الفلسطينية تتسيّد كواليس الديبلوماسية الدولية. لم تكن العبارة الكاشفة، التي نقلها الرئيس الفرنسي مندهشاً من رسائلها إلى صديقه القديم الأستاذ محمد حسنين هيكل، تعبيراً مجازياً مبالغاً عن هواجس ومخاوف بقدر ما كانت تأسيساً لاستراتيجية كاملة حكمت إدارة إسرائيل للمفاوضات مع الفلسطينيين في «أوسلو».

  • المساجلة الأميركية الكبرى

    حدث ما كان متوقعاً في الانتخابات النصفية لمجلسي الكونغرس الأميركي. بدا الأمر كله كما لو أنه استفتاء على دونالد ترامب وسياساته وخياراته بعد عامين من رئاسته، وما إذا كان ممكناً أن يبقى على مقعده في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2020.

  • منزلقات التطبيع من الأبواب الرسمية

    السياق الأخطر في الزيارات الإسرائيلية المتزامنة إلى ثلاث دول في الخليج والتداعيات قد تضع المنطقة على مسار مأساوي جديد. الزيارات بذاتها ليست مفاجئة، فقد أشارت تسريبات إسرائيلية متواترة منذ مدة طويلة نسبياً إلى قرب نقل ما هو جارٍ من اتصالات في الكواليس مع عدد من الدول العربية إلى العلن الدبلوماسي. أكدت تلك التسريبات فضّ الارتباط بين التوصل إلى تسوية سياسية للقضية الفلسطينية، والتطبيع مع إسرائيل اقتصادياً وعسكرياً واستخباراتياً، كأنها عملية دفن غير معلنة لـ«المبادرة العربية» التي ترهن التطبيع الكامل بالانسحاب الشامل من الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967.

  • أقوال أخرى في قضية خاشقجي

    أزاحت أزمة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول ملفات دولية أكثر أهمية وخطورة من صدارة نشرات الأخبار، تطوراتها تجري أمام الكاميرات وتسريباتها تشد الاهتمام الدولي على نحو غير مسبوق. بدت الأزمة ـ بذاتها ـ كأنها اختبار أخلاقي وسياسي لا مفر من الإجابة عليه. لماذا؟

  • صفقة القرن المعدّلة

    الكلام الأميركي الجديد من أن «صفقة القرن» جاهزة ومكتوبة، واقعية ومنصفة وقابلة للتطبيق، يعوزه أي دليل مقنع. بالكلام نفسه منسوباً إلى فريق دونالد ترامب، فإن توقيت الإعلان عن الخطة الأميركية للسلام الفلسطيني ــــ الإسرائيلي مؤجل إلى مطلع العام المقبل. التأجيل المتكرر على مدى عام ونصف عام تعبير عن فشل مزمن يصعب نفيه. إذا كانت الصفقة واقعية ومنصفة، فلماذا يجرى التكتم على نصوصها باستثناء ما يجري تسريبه لوسائل الإعلام الإسرائيلية من وقت لآخر لاختبار ردات الفعل المحتملة؟ ثم ما طبيعة التعديلات التي يقال إنها قد أدخلت على الخطة الأميركية؟

  • حالة حرب معلنة

    هذه حالة حرب معلنة بلا حشود عسكرية أو حركة دبابات. لا القانون الدولي يبيح إجراءاتها، ولا القواعد الدبلوماسية تبررها. كل شيء مستباح وكل حق مهدر. تركيع الفلسطينيين بالضغطين السياسي والاقتصادي هدف أول، وفرض «صفقة القرن» بلا شريك فلسطيني، أو جلوس إلى مائدة تفاوض وفق أية مرجعيات هدفٌ ثانٍ.هكذا تبدو الصورة من قصف سياسي إلى آخر، من نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، إلى إغلاق مكتب «منظمة التحرير الفلسطينية» في واشنطن، ومن قصف اقتصادي إلى آخر: من إحكام الحصار على غزة والسلطة الفلسطينية إلى وقف تمويل «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) التي تقدّم الخدمات الصحيّة والتعليمية لمن عانوا ويعانون شظف الحياة في مخيمات اللجوء.

  • هل يُعزل ترامب؟ سؤال في أزمات الإقليم

    احتمالات عزل الرئيس الأميركي دونالد ترامب غير مستبعدة لكنها ليست مؤكدة. إلى حد كبير تتوقف احتمالات العزل، أو الإفلات منه، على ما قد تسفر عنه انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل من نتائج.

  • الذريعة والحقيقة: قصة أزمتين

    لا يمكن تلخيص دواعي الأزمة التي تفاقمت بين الرياض وأوتاوا في الاحتجاج الكندي على اعتقال ناشطات سعوديات في مجال الدفاع عن حقوق المرأة. ولا يمكن تفسير الأزمة التي تكاد تخنق الاقتصاد التركي بالعقوبات الأميركية على خلفية توقيف قس متهم بالتجسّس ودعم الإرهاب؛ في الأزمتين أجواء عصبية فوق طاقة الأسباب المباشرة، وكان يمكن تطويقهما بالوسائل الدبلوماسية والمقايضات المعتادة بين الدول، من دون كلفة سياسية كبيرة. لماذا خرجت الأزمتان عن أي سيطرة؟ ما الأسباب الحقيقية والرسائل الضمنية في كلتيهما؟ وإلى أيّ حدّ تؤثر التداعيات المحتملة في حسابات الإقليم وتحالفاته وموازينه السياسية؟

  • نظرة من بعيد على كاراكاس

    بدت محاولة اغتيال الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو كأنّها استدعاء للانقلابات العسكرية في أميركا اللاتينية واستدعاء آخر لحروب العصابات التي واجهت أثقالها الغليظة. المحاولة بوقائعها وتفاصيلها تفوق الخيال العلمي في شطحاته. أثناء عرض عسكري في العاصمة كاراكاس استهدف مادورو بطائرتين مسيّرتين محملتين بمتفجرات. إحداهما ضلت طريقها بفعل أجهزة التشويش والأخرى ارتطمت بمبنى مجاور. خلّفت الانفجارات فزعاً في المكان وهروباً للجنود المشاركين في العرض العسكري وانقطاعاً في البث التلفزيوني وتساؤلات عن مغزى الحادث وما بعده وتأثيراته على مستقبل الديموقراطية في القارة اللاتينية. حتى الآن لم تستبين خلفيات حادث الاغتيال، ولا كيف خطط له، ولا من موّله، لكن بمواريث التاريخ لا يمكن استبعاد تورط مباشر من الإدارة الأميركية الحالية واليمين المتطرف في فنزويلا ونظام الحكم في كولومبيا، الذي توعد على فترات متقاربة إزاحة حكم مادورو. في سنوات الحرب الباردة أديرت الصراعات المسلحة في الشرق الأوسط تحت خطوط حمراء لا تسمح بانجرار العالم إلى حرب نووية، وكادت القوة الأميركية أن تنفرد بتقرير مصائر القارة اللاتينية وفق مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية من دون أي اعتبار لشعوبها. تقوضت الحقوق هنا وسحقت الإنسانية هناك. كأي فعل، فإن له رد فعل يساويه في القوة ويضاده في الاتجاه. هكذا استدعت الأنظمة الفاشية حرب العصابات في أحراش القارة. كانت الثورة الكوبية نموذجاً لقدرة حرب العصابات على إلحاق الهزيمة بنظم موغلة في تبعيتها وفسادها.

  • الثعلب والأحمق: زوابع هلسنكي

    أثارت قمة هلسنكي بين الرئيسين الأميركي والروسي، دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، زوابع سياسية وإعلامية لا مثيل لها في أيّ قمة على هذا المستوى. الزوابع بعواصفها هبّت من كل اتجاه داخل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على مستوى أداء ترامب، الذي وُصف بـ«المشين». والزوابع، رغم غبارها، تكاد تبيّن وتكشف تحولات جوهرية في بنية النظام الدولي تؤثر ـــ بالضرورة ـــ على الإقليم ومستقبله.

  • مذبحة صفقة القرن

    متظاهر أمام السفارة الإسرائيلية في وسط العاصمة اليونانية أثينا (أ ف ب )

  • التصعيد على الحافة مع إيران: تداعيات محتملة

    أيّ أزمة تكتسب مستوى خطورتها من تداعياتها. باليقين، فإن الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي مع إيران تتجاوز تداعياته المحتملة حدود نص القرار وأهدافه المباشرة. في لحظة إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ذلك القرار، بدا العالم ومراكز القرار فيه منتبهاً لما قد يحدث بعده في حسابات القوى والمصالح والأخطار. لم يكن القرار بذاته مفاجئاً لأحد، غير أن المفاجآت بعده لا يمكن استبعادها. الأوراق كلها، تقريباً، فوق المائدة، والحسابات المتعارضة تنذر بأوضاع غير متوقعة. الإدارة الأمريكية مضت في ما عزمت عليه منذ فترة طويلة، من دون أن تتوافر لديها حيثيات مقنعة لحلفائها، أو أيّ بدائل ممكنة.