قصة وحدث

قصة وحدث: 9 نوفمبر إنفجار #الرياض ومعضلة الإرهاب

 

* تاريخ "القاعدة" في المملكة:

أنشأ تنظيم "القاعدة" بالمملكة السعودية في تسعينيات القرن الماضي على يد يوسف العييري "البتار" السعودي الجنسية وبأمر من أسامة بن لادن، فقد كان العييري أحد الحراس الشخصيين لــ "بن لادن" في السودان وشارك في الحرب الأفغانية- السوفياتية بعدها ذهب للصومال فالسعودية. اعتقل عام 1996 بعد أن كان من ضمن المشتبه بهم بتفجير " أبراج الخبر". وبعد الإفراج عنه عمل على تأسيس تنظيم القاعدة في السعودية. وقد قتل يوسف العييري في 2 يونيو 2003 في منطقة حائل بعد مطاردة أمنية.

قبل الإعلان الفعلي عن القاعدة كان هناك عمليات عديدة داخل المملكة أبرزها:

- في فبراير 1995 مقتل ستة أشخاص بهجوم لسيارة مفخخة على إدارة للحرس الوطني من بينهم خمسة أمريكيين.

- في حزيران 1996: هجوم عنيف عبر شاحنة مفخخة على قاعدة عسكرية أمريكية بمنطقة الخبر أدى إلى سقوط 19 قتيلًا وخلّف 500 جريح.

لقد اختار التنظيم بطون الأودية والأماكن البرية للتدريب، وقد تشكلت خلاياه من: مقاتلين تدربوا في معسكرات أفغانستان، ومن شباب لم يحملوا السلاح أبدًا حيث قاموا بتدريبهم وتجهيزهم للقتال. يتبنى تنظيم القاعدة كما هو معروف التوجه السلفي، وهو يدعو إلى الجهاد العالمي ومن أهدافه "إنهاء النفوذ الأجنبي في البلدان الإسلامية، وإنشاء خلافة إسلامية جديدة"، تُصنف القاعدة على أنها منظمة إرهابية وهذا التصنيف أتى من قبل كلّ من مجلس الأمن والأمانة العامة لحلف شمال الأطلسي، والمفوضية الأوروبية للاتحاد الأوروبي.

ولا بدّ من الإشارة إلى أن الخلاف ما بين أسامة بن لادن والمسؤولين السعوديين يعود إلى فترة 1990 إبان الغزو العراقي للكويت، حيث عرض بن لادن آنذاك على الملك فهد بن عبد العزيز خدمات مقاتليه لحماية المملكة من الجيش العراقي سيما أن أهم حقول النفط في السعودية كانت على مقربة من القوات العراقية في الكويت، إلا أن العاهل السعودي رفض عرضه ولجأ للقوات الأمريكية والحليفة لمساعدته وسمح لهما بالانتشار على أراضي المملكة، عندها ثار غضب بن لادن ولم يتوان للحظات بمهاجمة الحكومة السعودية لأنه بحسب معتقداته أن وجود قوات أجنبية يعتبر انتهاكًا للأراضي المقدسة، الأمر الذي نتج عنه نفيه من المملكة وسحب الجنسية السعودية منه، وتبرأت منه عائلته.

 

* انفجار الرياض وما تبعه من عمليات:

سبق وذكرنا أنه قبل إعلان التنظيم في السعودية حصلت عدة تفجيرات في أماكن مختلفة، وبعد الإعلان عنه بين عامي 1998-1999 بدأ التحضير لعمليات إرهابية متنوعة. وقد انطلقت أولى هذه العمليات في مارس 2003 عندما انفجرت قنبلة يدوية الصنع في حي الجزيرة في الرياض والتي أعدها فهد الصاعدي حيث تم إلقاء القبض عليه وقد وجد في منزله كميات كبيرة من المتفجرات، وبعدها بشهر مايو أدى هجوم بثلاثة سيارات مفخخة على مجمع سكني بالرياض يقطنه أجانب إلى مقتل 26 شخصًا و9 من منفذي العملية.

- وبتاريخ 9 نوفمبر 2003 وقع انفجار كبير استهدف مجمعًا سكنيًّا في الرياض عبر شاحنة مفخخة أسفر عن سقوط 17 قتيلًا و100 جريح.

وتتابعت الهجمات ففي 1مايو 2004 أدى هجوم مسلح في منطقة ينبع إلى مقتل ستة أجانب، وفي التاسع والعشرين من نفس الشهر اقتحم مسلح مجمعًا سكنيًّا في الخبر وقام باحتجاز عشرات الرهائن ممن كانوا يعملون في شركات نفط أجنبية، وقد نتج عن هذه العملية مقتل 19 أجنبيًّا.

 وفي 6 ديسمبر 2004 هاجمت مجموعة مسلحة مقر القنصلية الأمريكية في جدة، وأدى هذا الهجوم إلى مقتل خمسة من عمال القنصلية إضافة إلى مقتل المهاجمين، وفي التاسع والعشرين من الشهر نفسه حصلت عمليتان انتحاريتان في نفس الوقت، حيث استهدفت الأولى مقر وزارة الداخلية في الرياض عبر انتحاري فجر نفسه مما أدى إلى إصابة رجل أمن، والثانية عبر انتحاريين حاولا تفجير سيارة بالقرب من مركز تدريب قوات الطوارئ الخاصة في الرياض إلا أنهما لم ينجحا.

وظلت هذه العمليات مستمرة ضاربة العديد من المناطق مرورًا بمحاولة اغتيال مساعد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف عام 2009 على يد عبد الله طالع العسيري إلا أنها باءت بالفشل وتم قتل العسيري.

 

المملكة بين فكي القاعدة وداعش:

عندما بدأت القاعدة بأعمال العنف في المملكة، قامت بتغيير استراتيجيتها من حيث اختيار معسكرات التدريب، فتوجهت إلى الاستراحات الخاصة على أطراف المدن. إلا أنه وبعد الملاحقات المستمرة لعناصر تنظيم القاعدة لجأ البعض منهم إلى اليمن خاصة بعد دمج تنظيمي القاعدة في كل من اليمن والسعودية بداية عام 2009

وإن خفت نسبة الأعمال الإرهابية إلى أنّ هذا لم يمنع من استمرار بعض العمليات للقاعدة آخرها كان الهجوم الذي حصل عام 2014 على منفذ الوديعة الحدودي بين السعودية واليمن الذي نتج عنه مقتل 4 من رجال الأمن السعوديين وأصيب 9 آخرون إضافة إلى مقتل 5 من المجموعة الإرهابية.

ولكن بعد أفول نجم "القاعدة" في المملكة يظهر على الساحة السعودية وبقوة تنظيم "داعش" الذي حل محل "القاعدة" خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، لقد قام داعش بتطوير نوعي في هجماته ضاربًا بعرض الحائط حرمة الأماكن المقدسة السنية والشيعية، وفيما يلي نستعرض أبرز الهجمات الإرهابية التي قام بها "داعش":

- 3 نوفمبر 2014: أقدم ثلاثة إرهابيين على إطلاق النار بشكل عشوائي على المصلين والمتواجدين أمام وداخل حسينية المصطفى في قرية الدالوة بمحافظة الأحساء بالمنطقة الشرقية أثناء إحياء مراسم عاشوراء، وقد تسببت هذه الحادثة الإرهابية باستشهاد 8 أشخاص وأصابة 9 آخرين.

- مايو 2015 تفجير انتحاري في مسجد الإمام علي (ع)  في بلدة القديح التابعة لمنطقة القطيف شرق المملكة، وذلك أثناء أداء صلاة الجمعة. وقد سقط ٢٣ شهيدًا و102 جريحًا، كان أصغر الشهداء "حيدر المقيلي" الذي يبلغ من العمر 6 سنوات، إذ لفظ أنفاسه الأخيرة في مستشفى القطيف المركزي بعد نقله لتلقي العلاج  يليه الطفل علي آل غروي ذو العشر سنوات.

- في مايو 2015 اقتحم انتحاري مسجد "جامع الإمام الحسين" أثناء صلاة الجمعة في في حي العنود بمدينة الدمام شرقي المملكة، وقد أسفر هذا العمل الإرهابي عن سقوط ٤ شهداء.

- يناير 2016 استهدف انتحاري مسجد "الإمام الرضا" في مدينة الأحساء بالمنطقة الشرقية، فوقع 4 شهداء و18 جريحًا، وقد استخدم أسلحة متنوعة وقنابل قبل أن يفجر نفسه.

كذلك الأمر في مساجد: أبها، المشهد، حسينية الحمزة، حسينية مدينة الإحساء، وصولًا إلى العمل الإرهابي في الحرم النبوي الشريف قبل يومين فقط من عيد الفطر.

إذًا، هل طويت صفحة "القاعدة" إلى حدّ ما في السعودية وفتحت صفحة إرهابية جديدة مع "داعش"؟

أضيف بتاريخ :2017/11/09