آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد سامي خضرا
عن الكاتب :
باحث وكاتب إسلامي

ليست المشكلة في فرنسا بل في الباذلين كرامتهم لها!

 

 السيد سامي خضرا

لا يكفي أنّ الحكومات الفرنسية المُتعاقبة ارتكبت شتَّى أنواع الجرائم والمجازر التاريخية بل هي أيضاً تُصرُّ على ذلك بطريقة وقحة ومُتَبَجِّحة.

فَبَدَلَ أن ننتظر اعتذاراً عن ارتكاباتهم الوحشية عبر عقود طويلة خاصةً على أبناء الأمة الإسلامية فإذا بهم يتمادَون في عدوانهم وبَغْيِهم وصلافتهم من دون أيّ اعتبار ولو شكلي في علاقتهم مع الشعوب والبلدان!

فلا تمرّ مناسبة إلا ويُجدِّدون فيها تعرُّضهم لمقدسات الإسلام وشعائر المسلمين من دون إقامة أيّ اعتبار أخلاقي.

وإذا أردنا أن نذكر جرائم الحكومات والجيوش الفرنسية في شتى أنحاء العالم لاحتجنا إلى مُجلدات وبعضها موجودٌ فعلاً.

 وبالرغم من أنّ هؤلاء يَدَّعون الإنسانية والحضارة والحرية والديمقراطية فلا يُطبِّقون شيئاً منها مع الشعوب المُستعمَرة إنما يَستَغلِّون هذه الشعارات لتكون سيفاً مُسلَّطاً عليهم يُستعمَل عند الحاجة.

فلا يمرّ عدة أشهر إلا ونسمع فيه تحدياً فرنسياً جديداً يمسُّ العرب والمسلمين!

مع العلم أنّ أكبر أقلية في فرنسا هي المسلمون الذين يجب وبكلّ الموازين أن يكون لديهم حقوق واعتبارات خاصة بهم باعتبارهم مواطنين ومُقيمين وفاعلين ومُضحِّين وعاملين ومِعْطائين ولهم مُساهماتٌ جبَّارة في استمرارية هذا الكيان.

ولكن يبدو أنّ العصبية الفرنسية الإستعمارية أو الصليبية هي الطاغية لدرجة أنهم لا يُحْسِنون التفكير حتى في أمنهم الداخلي!

وفوق كلّ ذلك تتجلى الوقاحة بسعيهم لصناعة إسلام جديد أو إسلام مُعتدل مُهَجَّن بما يتناسب مع سياسة التدجين ليبقى تحت سيطرتهم يستعملونه عندما يُريدون.

يبقى أنه:

ليست المشكلة في فرنسا وسياستها وخلفيتها الثقافية إنما بالمُعجبين والمُتأثرين بها والمُقلِّدين لها والتابعين والمُنصاعين «والمُقيمين للقداديس على نِيَّة حفظ فرنسا» الذين من شدَّة غبائهم يبذلون حياتهم وكرامتهم وحرياتهم وأملاكهم واقتصادهم وأرضهم وسُمعتهم من أجل رضاها والذين يرَوْنها جمالاً وكمالاً وفنَّاً وحضارةً وعطراً وسحراً وحرية وديمقراطية!

والذين يَمسخون أنفسهم أمام جبروتها ووحشيتها وظلمها.

وفي مثل هذه الأجواء التي تُذَكِّرنا بتاريخ فرنسا هل تنفع دروس التذكير للمُنهزمين أمامها والذين يعتقدون أنها صاحبة القِيَم من الحرية في التعبير والإعتقاد والتنوير والإنفتاح…

 وهي التي لعبت وتلعبُ أدواراً لا تُحصى في قمع الشعوب!

فالغريب جداً أن يتبنّى الرئيس الفرنسي تلك السخافات التي تنشرها مجلة «شارلي إبدو» بإشراف مُرشدها الحاقد «فيليب فال» والذي لا همَّ له إلا التحريض على الحركات الإسلامية والإسلام كدين وهو من جملة الأبواق التي تعتبر الإسلام عدواً وتعتبر المسلمين في أوروبا طابوراً خامساً يُشكل خطراً على القيم.

فأين كانت كلّ هذه الإنسانية والحرية مع عشرات الاعتداءات العنصرية من قِبل الأجهزة الأمنية الفرنسية بحق المسلمين من أصول عربية وأفريقية الذين يُعتدى عليهم بشكلٍ دائم من دون أن يتحدث أحد عن هذه الجرائم بل تمرُّ مروراً هادئاً؟!

إنّ المسلمين كما الإسلام يتعرّضان لاعتدءات عنصريةٍ مُستدامة على أفرادهم ودُورِ عبادتهم.

وأما معارك الحكومة الفرنسية ضدّ الحجاب والمحجبات فهذه أكثر من أن تُحصى.

فما معنى أن تتعامل فرنسا اليوم مع العالم الإسلامي كما كانت تتعامل معه قبل مئتي عام؟!

وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل:

كيف يمكن لرئيس دولة كبرى أن يُدافع عن كاريكاتور مُقرف يفتقد إلى الحدّ الأدنى من الأخلاق!

والأسوأ من هذا أن تقوم الحكومة الفرنسية بطبع تلك الرسوم في كرَّاساتٍ صغيرة لتوزيعها على المدارس تحت حجة حرية التعبير، بل وتسمح لبعض المؤسسات والبلديات بنشر هذه الصور على طوابق المباني العالية والواجهات العامة!

فهذا تبنِّ صريح لمحاربة الإسلام والمسلمين.

وفي الخلاصة:

عداء فرنسا للإسلام ولعدة أسباب ليس بالشيء الجديد، وهي المعروفة بتاريخها وجرائمها ومجازرها ونهبها للشعوب واحتلالها للبلدان والأراضي وهي التي لا تُقيم وزناً لِقِيَم أو رأي أو إنسانية أو أطفال أو نساء إن جُرِحُوا أو هُجِّروا أو قُتِلوا وكيف قُتِلوا وبِأيّ طريقةٍ وأسلوب!

لكن المؤسف أنَّ بعض مسلوبي الشخصية اعتادوا أن يعيشوا مهدوري الكرامة بحيث أنَّ هواء الحرية والشرف لا يُناسب ضحالتهم!

جريدة البناء

أضيف بتاريخ :2020/10/31

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد