آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. وفيق إبراهيم
عن الكاتب :
باحث استراتيجي متخصص في شؤون الشرق الأوسط

ولي العهد السعوديّ في «معاناة» إنقاذ مستقبله السياسيّ

 

د. وفيق إبراهيم

كشف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كامل أوراقه، برهانه الكامل على الكيان الاسرائيلي مع نتائج قمة العشرين التي اختتمت أعمالها في عاصمة بلاده الرياض قبل يومين.
اللافت هنا، أن القمة من جهة والزيارة الخاطفة لرئيس وزراء العدو نتنياهو ومدير مخابراته الى السعودية حيث التقيا لخمس ساعات متواصلة ابن سلمان تزامناً، بما يؤكد مدى تعويل ولي العهد على هذين الحدثين للجم المفاعيل المرتقبة عليه، جراء سقوط ولي أمره وحليفه العالمي الرئيس الأميركي ترامب في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
هذه العجلة اذاً في الاستحضار السعودي لورقة التحالف الإسرائيلي مع ابن سلمان تحديداً بدت مراميها واضحة وهي أن هذا الرجل يستشعر باقتراب موعد نهايته السياسية، فيستحضر كل مكامن قوة يتمتع بها قبل تسلّم الرئيس الاميركي الجديد لمهامه الرئاسية في النصف الثاني من كانون الثاني المقبل.
لماذا لديه هذا التوجس؟
ابن سلمان متأكد ان الادارة الاميركية تعتبره ثقلاً إضافياً لا لزوم له على حركتيها العربية والاسلامية وهذا يشمل بالطبع الشرق الأوسط.
ألم يخسر أدواره في ميادين سورية بهزيمة الارهاب الذي موّله مراهناً عليه طويلاً، وانحسرت حركته في العراق، لمصلحة تقدّم الحشد الشعبي العراقي، والدور التركي، وهذا فرض على ابن سلمان توفير دعم كبير لإقليم كردستان الانفصالي وصولاً الى تشجيعه على محاربة بغداد العاصمة المركزية للعراق.
أما الحرب السعودية ـ الإماراتية على اليمن فأدركت خواتيمها لجهة الانسداد الذي أدركته القوات السعودية والإماراتية والمرتزقة مع قوات عبد ربه منصور هادي التي تؤمن الإسناد الداخلي والتغطية اليمنية للعدوان المستمر منذ خمس سنوات متواصلة.
لجهة الداخل السعودي أثارت سياسات القتل والاغتيال التي يمارسها محمد بن سلمان بحق المعارضين السعوديين منذ سنوات، اشمئزاز العالم الغربي واليابان، حتى انه لم يكتف بالإرهاب الداخلي على النساء والاطفال والرجال، بل طاردهم حتى في المنافي، والخاشقجي واحد من هؤلاء الذي قتلته مخابرات سعودية تابعة لولي العهد في قنصلية بلاده التركية في اسطمبول، ومزقت جثته وألقتها في المجاري، حتى لا يجد أحد له اثراً، وتواصل هذه الأجهزة اعمال المطاردة والقتل حتى في كندا واميركا وأوروبا، يبدو ان ابن سلمان يرتكب هذه الجرائم بتغطية من معلمه ترامب الذي يمنع صدور أي قرارات فعلية معادية له اولاً حجة لجنونه..
هذا ما استولد رفضاً اوروبياً رسمياً ومن الجمعيات السياسية لهذا الجنون المتسم بدكتاتورية من القرون الوسطى كذلك فإن الحزب الديموقراطي الاميركي الذي ينتمي اليه الرئيس الرابح بايدن، يواصل منذ خمس سنوات المطالبة بطرد محمد بن سلمان من السياسة السعودية وإلقاء القبض عليه، وطرده من ولاية عهد اشتراها عنوة بدعم من الرئيس ترامب، لأن الانتقال السياسي في المملكة يجري منذ تأسيسها من ملك الى شقيقه، وهكذا الى ان نصل الى مرحلة إبن الشقيق الى إبن الشقيق الآخر وهكذا دواليك.. لكن محمد بن سلمان مدعوماً من ترامب الأميركي ضرب كامل تيارات آل سعود منصباً نفسه ولياً للعهد أي الملك المقبل لأرض الحرمين الشريفين.
لقد أدى هذا السخط السياسي العالمي على ابن سلمان وخسارة ترامب الانتخابات، إلى إصابة ولي عهد بجنون غير عادي، وبدا ذلك بإصرار السعودية على رفض بلاده إرجاء قمة العشرين الحالية، وأخيراً انعقدت برئاسة ابيه سلمان وعضوية المملكة التي ألقى كلمتها في المؤتمر الافتراضي محمد بن سلمان، فتوفر للملكة بهذه الطريقة كلمتان أساسيتان واحدة للأب الملك وأخرى لابنه.
ما هو مهم هنا، نجاح ابن سلمان في ربط دوره القيادي في السعودية بمشروع لإنقاذ الاقتصادي العالمي ومجابهة الفقر وجائحة كورونا وتراجع المداخيل ومجمل الوضع الصحي بموازنة تزيد عن 32 تليريون دولار أي 32 الف مليار دولار تسدّدها على عشرين عاماً مجموعة الدول العشرين لإنقاذ العالم، حسب ما قال إبن سلمان.. وهذا مبلغ يساوي الموازنة الحالية للسعودية لنحو 220 سنة فقط، علماً أن حصة السعودية من هذا المبلغ يصل الى الفين من المليارات ونحو ستمئة وسبعة وستين الف دولار اميركي، بما يكفي بمفرده لإنقاذ العالم العربي، لكن ابن سلمان يريد استعماله في إقناع 19 دولة من قمة العشرين بفوائده وضرورة استمراره ملكاً على السعودية.
لكن خطوة قمة العشرين لم تمتص رعب ولي العهد، فتعمّد تنظيم لقاء له مع وزير الخارجية الاميركي بومبيو في مدينة نيوم، مستحضراً رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو ومدير مخابراته.

إلا أن الرد هنا، لم يتأخر، فأطلق اليمنيون صاروخ قدس، على معمل لتكرير النفط في جدة في رسالة مباشرة ترفض الحلف السعودي الاميركي ـ الاسرائيلي وتعلن استعدادها لمقاتلته، كما أنها رسالة نارية الى قمة العشرين بأن عصر دعم الدول الكبرى للسعودية مقابل عقود اقتصادية وتسويات في ميادين النفط، وشراء أسلحة، لم يعد صالحاً، فاليمن المنتصر يعتقد أن زمن الرئيس المقبل بايدن هو عصر الاضطرار الأميركي إلى إيقاف حرب اليمن وحصار ايران وسورية، وذلك بموجب موازنات القوى الجديدة.
اما مستقبل محمد بن سلمان فمتروك لشعب جزيرة العرب، وانفتاح ابواب صراعات مفتوحة بينه وبين اولاد عمومته الذين يتجهون نحو الداخل وبايدن من جهة أخرى لانتزاع حقوقهم من العرش التي سرقها محمد بن سلمان وحليفه ترامب.

جريدة البناء اللبنانية

أضيف بتاريخ :2020/11/24

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد