آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. حسناء نصر الحسين
عن الكاتب :
باحثة في العلاقات الدولية – دمشق

اغتيال زادة يعادل استهداف محطة بوشهر النووية الايرانية.. هل يجرُّ نتنياهو كيانه إلى النهايات؟

 

د. حسناء نصر الحسين


ضمن قائمة مرتبة ومنسقة لعدد كبيرمن العلماء العرب والمسملين والتي حضّر لها الصهاينة منذ وقت مبكر تأتي القائمة الخاصة بالعلماء المعنيين بمنظومات تطوير الصورايخ ضمن أولويات المرحلة لدى الكيان الاسرائيلي، لإعتبارات تخص هذا الكيان ومنها مخاوف هذا الكيان من التطورات المتسارعة في منظومات الصواريخ الباليستية لدى ايران والمحور، وهذا ما يبديه الصهاينة في العديد من تصريحاتهم وتعليقاتهم ضمن محطات الصراع مع هذا العدو، ليأتي اغتيال العالم الايراني الكبير محسن فخري زادة ضمن هذه المحطات، لكن الفارق هذه المرة هو أن هذه المحطة تحمل طابع التحول الكبير ولن تمر بنفس ما مرت به المحطات السابقة من اغتيالات للعديد من العلماء المرتبطين ببرامج تطوير المنظومات الصاروخية وهذا ما لاحظناه سابقاً في مصر والعراق وسورية وايران والان يتكرر في ايران عبر هذه العملية الاجرامية.
اسرائيل تقلق من العقول اكثر من قلقها من أي شيء آخر، وهي تشتغل ضمن برنامج اغتيالات طويل المدى ولن يتوقف باغتيال الايراني محسن زادة، وتعمل في التنفيذ بنفس طويل ولا تتعجل في ذلك، بما يعني أننا أمام خطط اغتيالات مزمّنة، والدليل هو الاشارة الصهيونية المسبقة وبالاسم للعالم الشهيد محسن زادة واستعراض الصهيوني نتنياهو لشخصية زادة بطريقة تؤكد وضعه ضمن قائمة العمليات التي تنوي اسرائيل تنفيذها لاحقاً .
سقوط ترامب احدث موجهة ارتباك كبيرة لدى نتنياهو وبن سلمان وزاد من هذا الارباك ما صرح به جو بايدن فيما يخص ملفات مرتبطة بالطرفين السعودي والاسرائيلي وبما ينسف بشكل كبير كل ما قد كان رتب له ترامب خاصة على صعيد الملف النووي الايراني وملف الحرب على اليمن وملف صفقة القرن، وهذا يعزز فرضية أن عملية الاغتيال التي تمت بحق الايراني زادة هي بتشارك وتنسيق ثلاثي امريكي اسرائيلي سعودي، ولعل الاجتماع الاخير الذي سبق هذه العملية بأيام قليلة والذي جمع نتنياهو وبومبيو وبن سلمان في مدينة نيوم السعودية والذي كان اجندته ذات طابع أمني بامتياز وهذا ما أعلنوا عنه علناً بأنه موجّه ضد ايران وجاءت ثمار هذا اللقاء الثلاثي بعملية الاغتيال هذه .
ايران وفي كل محطات ردها على العمليات العدائية ضدها لم تكن لتقع في أي فخ قد ينسجه لها أطراف الحرب عليها، واذا ما افترضنا بأن عملية الاغتيال هذه في أحد اهدافها هو استدراج ايران لحرب أوسع، فإن المسار التاريخي للردود الايرانية يجيب بوضوح على هذا الأمر، ويؤكد مدى القدرة الايرانية على استيعاب كل يُخطَط له وما يقع في عقلية الطرف الآخر من أهداف يسعى لتحقيقها عبر توجيه الرد الايراني لمكان ما يُوقع ايران في فخ، وهذا يجعلنا نضع تساؤلاً مهماً جداً هنا وهو.. هل تُبقي ايران ومحور المقاومة على نظرية المعركة بين المعارك أو الحرب بين الحروب ؟؟ والتي تعمل على اساسها اسرائيل وتنتهجا في الوقت الراهن، أم أن المطلب الاول والتحدي الاكبر في مرحلة الصراع هذه مع هذا العدو هو كسر هذه النظرية وفرض نظرية أخرى تفقد العدو الصهيوني الاعتماد على هذا النوع من النظريات و إلغاء الابقاء عليها.
أعتقد بأن ميسترو ثلاثي الحرب وضابط الايقاع هو الصهيوني نتنياهو، وهو صاحب التأثير في اتخاذ القرارات الكبرى، وبالنظر إلى الواقع السلبي لنتنياهو ووضعه الداخلي السيء تماماً والذي يضغط عليه باتجاه التسريع بخطوات تحفظ له القدر المناسب من البقاء على الصعيد السياسي الداخلي، وهذا ما يصرح به المعلقون الصهاينة في الداخل الاسرائيلي من مستوى تشبث نتنياهو بالسلطة وأنه قد يقدم على أي شيء في سبيل بقاءه في السلطة وعدم خسارته لكل ما بناه، وهو يخشى أن يرى كيانه وحيداً في ساحة المواجهة بعد خسارة ترامب وكل هذا يجعله مأزوماً للدرجة التي يرى في الحرب مع ايران المخرج الأنسب، وهنا نشير إلى حجم الضغوط التي اشتغل عليها نتنياهو مع حليفه السعودي على ادارة ترامب لجرها والدفع بها الى حرب مباشرة مع ايران، ومع فشله في هذا يحاول استغلال الفترة الانتقالية الامريكية لجر واشنطن لحرب مع ايران عبر مثل هذه العملية واغتيال العالم الايراني الشهيد زادة.
الحملة الاعلامية الصهيونية تجاه ايران وخطوات الاستنفار التي نفذها الامريكي والصهيوني في المنطقة وداخل الكيان، تشير الى توقعات مسبقة لديهم بحجم الرد الايراني تجاه هذه الجريمة، وهو انعكاس لمخاوف تتوقع رداً ايرانياً من نوع مغاير هذه المرة، خاصة وأنهم قد جربوا مستوى الرد الايراني في مراحل سابقة وفي عملية اغتيال سليماني، وبقاء هذا الرد مفتوح ليُضاف إليه الآن عملية الرد على اغتيال زادة.

الشهيد الدكتورمحسن فخري زاده مستشار وزارة الدفاع الايرانية بصفته الرسمية وهو رئيس منظمة البحث والتطوير في الوزارة وهو عالم متخصص في تطوير الصواريخ وهو استاذ لعدد كبير من العلماء النوويين الايرانيين والذين منهم كانت قد اغتالتهم اسرائيل سابقاً، بكل هذا الثقل وهذا الوزن الذي كان يمثله هذا الشهيد، فإن اغتياله لا يقل شأناً عن استهداف محطة نووية ايرانية بل وقد يفوقها من حيث الاهمية، فالعقل هو من ينبي ويطور ويُحدّث ويرسم معادلات الردع الاستراتيجية، وعزاء ايران في الشهيد زادة هو إرثه العلمي والعملي الذي تركه وراءه والآلاف من المهندسين والتقنيين والعلماء كل هذا بجانب ما أسس له من برامج تطوير مهمة على صعيد الصاروخية الايرانية، وهو من يشرف على برامج تطوير الأسلحة الصاروخية الايرانية، وهي البرامج التي ترعب العدو الاسرائيلي وتدخله ضمن دوائر القلق الهستيري، والذي سيدفع بالصهيوني إلى رسم النهايات لهذا الكيان الغاصب .
رهان نتنياهو على جر ايران للمربع الذي يخطط له هو راهنٌ خاسر وفشل صهيوني في فهم كيف تفكر ايران وكيف يمكن أن تتعامل مع الفعل الذي يصنعه هذا الثلاثي، وكما كل مرة تخيب آمالهم في تحقيق ما خططوا له تجاه ايران، وعلى اعداء ايران أن يفهموا تماماً بأنها كما أنهم يصنعون فعلهم العدواني بطريقتهم الاجرامية، هي كذلك ايران تصنع ردة فعلها بطريقتها مكاناً وزماناً ووسيلةً وحجماً وهدفاً، وإذا كان من وضوح في مشهد الصراع هذا فهو في وضوح الافق الذي يكشف نهايات هذه الكيان الصهيوني والذي يجره إليه هذا المجرم نتنياهو بحزمة من الحماقات لا يحصد من وراءها هذا الكيان إلا النهاية والزوال .
الرحمة للشهيد والتعازي للشعب الايراني ولمحور المقاومة .

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2020/11/29

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد