آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. وفيق إبراهيم
عن الكاتب :
باحث استراتيجي متخصص في شؤون الشرق الأوسط

لماذا يمنع الغرب العرب من الاندماج


د. وفيق إبراهيم

سورية هي الاستثناء الوحيد لعشرات الدول العربية التي تخضع للنفوذ الأميركي ـ الغربي فلماذا لا تؤسس اتحاداً يجمعها كحال أوروبا.
فهذه الأخيرة انتقلت دولها من الصراعات التاريخية الى السوق الأوروبية المشتركة التي وحدت أسواقها الى الاتحاد الاوروبي الذي قارب بين سياساتها واقتصاداتها في وجه المحور الروسي الأميركي وأخيراً الصين، ما أدى الى احتفاظ اوروبا بقيمة عالمية متقدمة، لذلك يبدو المنظر العالمي قريباً، فمقابل قارة اوروبية تجتمع دولها في اتحاد سياسي واقتصادي وهناك عشرات الدول العربية التي تخضع للنفوذ الغربي وتنافس بعضها بعضاً على الرغم من انتسابها للعالم الغربي ـ الأميركي، والعربي في آن معاً فلماذا هذا التناقض؟
هناك أربعة ارتباطات عربية تاريخية، شمال أفريقيا وتضم المغرب على المحيط الأطلسي حتى حدود تونس مع مصر والثانية تشمل مصر والسودان وجزر القمر والثالثة تضم سورية وفلسطين والأردن ولبنان والرابعة تحتوي جزيرة العرب واليمن.
هذه المحاور كانت مترابطة تاريخياً، فتلتقي مرة وتتحارب أخرى، لكنها تمتلك ميزة التقارب التاريخي أكثر من غيرها، هناك الاستعمار التركي ـ العثماني الذي فجّرها ملغياً كل التقاربات التاريخية الموجودة بينها.
كذلك فعل الاستعمار الانكليزي اللاحق الذي نحت فيها دولاً حسب مصالحه وحروبه الى جانب الاستعمار الفرنسي الذي مزق سورية التاريخية استناداً الى مصالحه.
يتبين أن التقسيم الحالي للدول العربية هو نتاج تركي ـ انجليزي ـ فرنسي تلاعب بالحدود والسكان ومزّقها شرّ تمزيق.
بدوره العالم الغربي الإنجليزي الفرنسي وأخيراً الأميركي الذي اجتاح العالم واضعاً يده على كامل العالم العربي بتفرعاته.
وكان السبب الأول هو وجود النفط والمواد الأولية الأخرى والآن الغاز، بذلك تمكن الأميركيون من الإمساك بالعرب في مشرق ومغرب مسيطرين على الإنتاج والاستهلاك والتصدير في آن معاً. وأصبح النفط مادة تصدير للشركات الأميركية على الرغم من أن الولايات المتحدة الأميركية لا تحوز إلا القليل منه لوجوده في باطن ارضها، لكنها أمسكت به للامساك باستهلاك البترول ومنافسة روسيا والجهات الأخرى..
ان المراقب للدول في شبه جزيرة العرب يسخر من وجود بضع قبائل تسيطر على السلطات السياسية من الامارات الى السعودية بمساحة تزيد عن 2,5 مليون كيلومتر مربع وتنشر فيها القوات الأميركية الكثير من قواعدها.
كذلك الأمر في السودان ومصر حيث يبدو السيسي موظفاً أميركياً من درجة منخفضة وكذلك السلطة السياسية في السودان التي لا تزال تحاول تشكيل أطرها من دون نجاح.
أما العاهل الأردني فهو سعودي أميركي لديه مهمة واحدة، وهي منع الفلسطينيين من التوجّه نحو فلسطين، وفلسطين نفسها التي أخذها رئيسها محمود عباس الى السفارة الاميركية في فلسطين المحتلة.
لبنان بدوره غربي الهوى، تسيطر عليه البطريركية المارونية التي قدمته في المنطلق الى فرنسا واخيراً الى اميركا.
يتضح إذاً ان سورية هي الدولة العربية الوحيدة التي حافظت على هويتها واستقلاليتها وحاولت جذب لبنان اليها عبر حزب الله وفلسطين عبر حماس.
هذا بالإضافة الى رفضها لبيع قضية فلسطين واعتبارها فلسطين جزءاً من العالم العربي وسورية.
يكفي ان كل هذه الدول تقترع في مجلس الامن الدولي الى الجانب الاميركي من دون أي استفسار وتذهب نحو الاعتراف بـ»إسرائيل» بأشكال دبلوماسية ومعطيات تحالفية.
فالآن وبعد سبعين عاماً تقريباً لا تنتج هذه الدول حتى إبرة صغيرة وتستورد كل شيء تقريباً من الغرب ولولا بقية حياء لباعت البلح للغرب وعاودت استيراده منها، لكنها بأي حال تستورد مواد من مشتقات البلد والتمر.
هناك إضافة فضائحية وهي ان هذه الدول تستورد بعض ما تحتاجه من الخارج حتى لو كان موجوداً في بلدان عربية مجاورة، وتبقى سورية الحصن المحافظ على سوريته وعروبته تحاول مقاومة الخط الأميركي الإسرائيلي السعودي ومستتبعاته الأردنية والخليجية وفلسطينيي محمود عباس بالتحالف مع حزب الله في محاولة لمنع التزوير عن حركة التاريخ وإعادة فلسطين الى سوريتها وعروبتها بالقوة الباسلة التي لا تزال تقاوم على الرغم من العالم العربي الذي يخدم «إسرائيل» والعالم الغربي ولم تعد تهمه فلسطين ولا غيرها.
جريدة البناء اللبنانية

أضيف بتاريخ :2021/07/10

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد