تقرير خاص: ’الكلمة توازي داعش’... ماذا بعد إعلان الداخلية؟
لم تمضِ أيام على جريمة إعدام رمز الحراك السلمي الشيخ الشهيد نمر النمر وثلاثة آخرين من محافظة القطيف حتى خرجت وزارة الداخلية بتصريح مفاده: "المجموعة التي كانت تستلهم تحركاتها من الشيخ نمر باقر النمر "سوف تلقى معاملة نفسها لأنصار تنظيمي "داعش" و"القاعدة" الإرهابيين".
الشيخ الشهيد النمر وبحسب شهادات رؤساء وسياسيين غربيين لم يكن إلا معارضاً سلمياً، وآخر تصريح بهذا الخصوص لـ وزير الخارجية البريطاني الأسبق، جاك سترو، يقول: إنه لا يعلم دليلا يربط رجل الدين الشيعي المعارض، نمر النمر بالإرهاب، مشيراً إلى أن إعدام السعودية له لم يكن أمرا حكيما.
سبق أن أدخلت وزارة الداخلية قانون "نظام جرائم الإرهاب وتمويله" في فبراير عام 2014م ، يمنح الوزارة صلاحيات واسعة جديدة، ويضفي الصبغة القانونية على انتهاكات حقوق الإنسان ضد النشطاء.
منظمة العفو الدولية اعتبرته ترسيخ للأنماط السائدة لانتهاكات حقوق الإنسان، كونه يُوظف كأداة أخرى تُضاف إلى أدوات قمع المعارضة السياسية السلمية.
إرهاب القاعدة وداعش
التنظيمات الإرهابية تخرجت من الفكر التكفيري الذي ترعاه المناهج السعودية في مدارسها، ولا يخف على أحد بأن السعودية أصابها نار هذا الإرهاب من (القاعدة و داعش) وسقط لديها العديد من الضحايا من المواطنين والأجانب، أومن قوات الأمن ويعود تاريخها إلى العام 1995. وتعتبر الفترة الممتدة من 2003 إلى 2006 هي الأعنف و الأكثر دموية.
في العام الماضي، تعرضت القطيف لعمليات إجرامية من قبل التكفيريين الذين فجروا مساجد وحسينيات الشيعة، وسقط فيها العديد من الشهداء والجرحى. والملفت أنه إلى الآن لم يتم محاكمة المجرمين ولا محاسبة المحرضين والداعمين لهم.
موقف النشطاء من الإرهاب
نشطاء الحراك طالبوا بمقاضاة الإرهابيين ومحاسبتهم ..لكنهم أيضا رفضوا المساواة وخلط الأوراق بين الإرهاب والتعبير عن الرأي، وأكدوا بأنهم يستلهمون تحركاتها من "الشهيد الشيخ النمر" الذي كان سلاحه الكلمة، ويحذر من الانجرار للعنف والتصادم مع قوات الأمن.
ويقول أحد النشطاء إن تصريح الداخلية الأخير يضع النقد والخطاب والتحليل والكلمة المخالفة بموازة التفجيرات الإرهابية التي تحصد أرواح الأبرياء. "في بلادنا الكلمة مجرَّمة، من يتكلم مصيره الإعدام! السلطات تريد تفجر أوضاع من خلال التمادي في استفزاز الشارع عبر انتهاكاتها اللا إنسانية في قمع شباب الحراك لأنها تخاف من الكلمة."
"صالح" هو اسم مستعار لأحد الشباب المشاركين في التظاهرات التي لا تزال تخرج بشكل يومي منذ جريمة اعدام الشهيد الشيخ النمر و ثلاثة من نشطاء الحراك. يأسف "صالح" لكون "جميع الدول الحضارية تعتبر التظاهرات السلمية وسيلة شرعية بينما في السعودية بالت تهمة تؤدي للقتل".
ويؤكد الشاب العشريني أنه وغيره من المتظاهرين خرجوا للمطالبة بالإصلاح والتغيير، والمطالبة بالكرامة والحرية، ويرفضون الإرهاب والترهيب، والمساس برموز المنطقة.
يقول "صالح" إنّ "السلطة لم تستوعب الدرس، فكلما سقط لنا شهيد سنتوحد أكثر في وجه الظلم والفساد، وكلما أمعنت في قمعنا سنمعن في التمسك بالحقوق المشروعة لأي شعب حسب القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان."
هذا الشاب وغيره كثر يأخذون على السعودية أنها تكيل بمكيالين، في سوريا تستهدف النظام بحجة قمعه للشعب، فيما تتجاهل ثورة الشعب البحريني واليمني وما يحدث في بلادهم، وتجرم النشطاء لكونهم "خرجوا عن الطاعة".
يقتنع هؤلاء بما يتم تداوله في الصحافة الغربية، التي يقولون انها الوحيدة القادرة على تعرية الظلم الذي تمارسه السلطة في السعودية، يكررون أن إمعان السعودية في قمع شعبها شيعة وسنة يدل على ضعف وتخبط وتحاصرها الأزمات في الداخل والخارج، خصوصا أنها دولة ملكية مغلقة بعيدة عن الحريات.
على الصعيد الحقوقي، طال المملكة السعودية انتقادات كبيرة لناحية ممارساتها. لا يختلف النشطاء على أحقية مطالب الحراك السلمي منذ انطلاقه 2011م مستنكرين تصرفات عناصر وزارة الداخلية التي لا تأبه بأرواح المواطنين باسم الأمن، والتي حولت المنطقة الشرقية لثكنة عسكرية مركزها بلدة العوامية.
يرى الحقوقيون في تصريح الداخلية إيغال في الاستبداد وشطب "حرية التعبير عن الرأي" الذي يضمنه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في المادة 19 من كليهما.
يتحدث أهالي العوامية كيف تستهدف قوات الأمن السعودية المارة من المدنيين العزل بحجة البحث عن مطلوبين لدى وزارة الداخلية. يستاء هؤلاء من التشويه المتعمد لصورة المنطقة في وسائل الإعلام السعودية.
مازالت كاميرا الشهيد حسين الفرج توثق ما تشهده المنطقة من قمع وقتل بدم بارد. قميص الشهيد الفرج الأبيض الذي يوحي بالسلمية لم يحل دون قتله... فالكاميرا وفق تصنيفات الداخلية سلاح إرهابي، وحملها كان مبرر لقتل حسين الفرج!
ليس الرصاص وحده ما يلاقيه المطالبون بالإصلاح في القطيف، الاعتقالات والإعدام سلاح آخر بمواجهة الكلمة التي تضع الناطقين بها في مصاف الإرهابيين، هكذا أُعدم الشهيد الشيخ النمر مع إرهابيين، وبهذا تتوعد الداخلية!
أضيف بتاريخ :2016/01/09