هيئة الغذاء ووزارة الزراعة: صح النوم
علي سعد الموسى
هل تستحق الضجة الكبرى حول سموم التمور تخصيص مقال لقلم اعتاد تفضيل تحليل بنية الخطاب وسموم العقل لا سموم البطون؟
القصة برمتها أعمق من جذع نخلة أو عذق رطب، هي تكمن في غياب الشفافية ونقص حاد في المعلومة، أو قد تكون في الفشل الذريع لأجهزتنا المختصة، وهم موظفون بالآلاف، على تحليل تمرة.
آلاف الإشاعات الخطيرة التي تهدد محصولا بالغ الأهمية في حياة آلاف الأسر، وأيضاً في المجال الاقتصادي، ومع هذا لا تجد صوتا شاردا من ما يسمى «هيئة الغذاء والدواء» ناهيك عن وزارة الزراعة التي تحملت أيضاً مسؤولية البيئة كإضافة مجهولة إلى لوحاتها العامة.
أكتب اليوم، بعيد اتصال طويل مع مهندس زراعي من نفس طابور الوزارة وهو يشكو إلي هذه الحقائق القاتلة، يقول لي إن حجم المبيدات أو المحسنات السائلة، ومن أخطر المنتجات الكيميائية التي نستوردها أو نصنعها محلياً في العام الواحد، توازي ما يملأ سدا عملاقا مثل سد وادي بيشة. حجم الأسمدة غير العضوية التي تستهلك في كل المزارع السعودية يكفي لبناء جبل بارتفاع ألفي متر. يختصر المهندس قصة الكارثة بالقول إن مشهدنا الزراعي أصبح اليوم لا يشبه إلا مزارع التجارب الهندسية الغذائية التي تتبع كليات الزراعة في الجامعات المختلفة.
يذكر على سبيل المثال أن مزارع التمور ترش هذا العام بنوع من المحسنات الكيميائية الذي يؤدي إلى نضوج الثمار قبل وقتها الطبيعي بفترة طويلة تبعاً للجشع المادي من قبل كارتيل «الفرنسي» في المنافسة المبكرة للنزول إلى السوق، ومن أجل ذلك يتم استخدام سموم محظورة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ويتم تصنيعها خارج القوانين البيئية في دول ذات بنية صناعية متخلفة. يقول لي أيضاً أن كارتيل الزراعة المحلي في أكبر المزارع الوطنية أو حتى في مجرد حقول صغيرة شاردة تستخدم أيضا أنواعا من التغذية النباتية التي تتدخل في حجم وشكل كل المنتجات الزراعية التي تصل إلى موائدنا وكلها سموم قاتلة. يتحدث المهندس بشكل مخيف عن حجم سموم الثروة الحيوانية وهو يختصرها بالقول إن الدجاجة الواحدة تشحن من الأدوية البيطرية المختلفة أكثر مما يستهلكه شاب من الأدوية البشرية في عامين. كل هذا يحدث بلا رقابة على الإطلاق بل أيضاً عبر المنفذ الرسمي وتحت نظر خمس جهات رقابية مختلفة على الغذاء، الذي يصل إلى فم كل مواطن، المساحة لا تكفي لسرد حديثه المخيف.
صحيفة الوطن أون لاين
أضيف بتاريخ :2017/08/08