أمريكا والصورة المقلوبة في العراق
جهاد العيدان
أية متابعة عقلانية وإستراتيجية لقراءة السياسة الأمريكية في المنطقة والعالم لاتخرج عن القول أنها سياسة غبية بكل المقاييس , إذ أنها مازالت تخضع لمنطق الكابوي ومنطق الغاب , صحيح أنها قد تحقق في الظاهر مكاسب مادية وانية إلا أنها سرعان ماتنقلب إلى الأسوأ ويحصل الضد بالضبط.
لا أريد الحديث عن المصاديق وهي كثيرة وتحتاج إلى مؤلفات بل أتوقف عند قضية مراهنة أمريكا على الكرد هذه الأيام وهو بلاشك رهان خاسر ومدمر وسيكلف الكرد ضرائب باهضة هاهي اليوم بعض استحقاقاتها تتكشف على الساحة العراقية والبقية أشد وأعظم.
فمنذ أن اندلعت أزمة الانفصال إلى اليوم والخارجية الأمريكية تلمح تقريبا إلى فضل الإقليم على القوات الأمريكية حيث قالت المتحدثة باسم الخارجية “رجالنا ونساؤنا في القوات العسكرية قاتلوا وماتوا إلى جانب الأكراد ولم نكن والشعب العراقي على ما نحن عليه اليوم لولا البيشمركة ولولا القوات الكردية”, بينما نجد هذه الخارجية ذاتها تتهم احد قادة الحشد الشعبي بالإرهاب وهو المجاهد أبو مهدي المهندس المشهود له بالجهاد ومقارعة جماعات داعش الإرهابية ورغم أنه كان مهندس العمليات الناجحة ضد داعش التي أفل وجودها وظلها في العراق بفضل أبطال الحشد المقدس .
لا نريد مناقشة هذه الصورة المقلوبة لأمريكا فهي تعتبر الكرد المتآمرين مع داعش وبكل الأرقام وبكل الأدلة وكأنهم منقذين للجيش الأمريكي ومتفضلين على أمريكا وذلك كي تمرر أجندتها في المنطقة الرامية إلى دعم هؤلاء وتهيئتهم للدور المقبل المنوط بهم ليكونوا كبديل عن داعش وليكونوا بيادق جديدة لواشنطن وتل أبيب في المنطقة .
أما الحشد الشعبي والوطني والعقائدي والمخلّص الحقيقي من داعش فواشنطن كانت على عداء مع هذا النتاج المقدس منذ بداية نشوئه من خلال فتوى المرجعية العليا في العراق وأن إساءة واشنطن للحشد من خلال تصريحات وزير الخارجية الأمريكي سابقا واليوم من خلال المتحدثة باسمها إنما هي بالفعل إساءة للمرجعية وإساءة لكل ماهو أصيل ووطني ومستقل .
فأمريكا وقفت بالضد من هذا النتاج النابع من إرادة صميمية للشعب والمرجعية فكم من المرات حالت دون مشاركة الحشد في عمليات التحرير من داعش وكم من المرات قصفت تواجد الحشد الشعبي بطائراتها بدلا من قصف الدواعش وكم مرة تعرضت بالسوء لرجالات وقيادات هذا الحشد والبت عليهم بعضلا الأطراف السياسية واليوم ومع اقتراب نهايات داعش في القائم وراوة كشرت واشنطن عن أنيابها لتلوك سمعة قيادات ورجالات الحشد المقدس لتؤكد للرأي العام وللتاريخ ولشعبنا بأنها هي العدو اللدود وان كل مصائب العراق وفلسطين وسوريا والمنطقة إنما هي من تحت رأس واشنطن اليهودية الحاقدة .
إن اتهام الحاج أبو مهدي المهندس هي وصمة عار للعراق والعراقيين وأن السكوت عن هذه التهمة هي سكوت على الباطل وقبول به لينجر العراق إلى محطات ماساوية أخرى لايعلم مدياتها إلا الله . أن أمريكا بهذه الاتهامات أعلنت الحرب على الشعب العراقي وعلى المرجعية , وأن بقائها في العراق يعني المزيد من تدمير العراق والمزيد من تقسيمه وتشظيته وأن العراق الذي دافع عن نفسه في مواجهة داعش وانتصر عليها ودافع عن وحدته بعد حمى الانفصال البرزانية سيدافع أيضا وبشراسة اكبر عن شرفه وكرامته وسيطرد أمريكا عن أرض العراق لأن أمريكا مجرد بلد عابث وكيان مدمر ومخرب لايمكن التعايش معه أو التعاطي مع شعاراته أو مزاعمه التي هي وصمة عار على البشرية . أن كل يوم يمر تكتشف البشرية أن سبب معاناتها وحروبها والفتن التي تعصف بالكرة الأرضية إنما سببه هذا الوحش الأمريكي الذي يعيث في الأرض فسادا ودمارا وأن يوم انقراضه بات قريبا أن شاء الله تعالى .
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/10/30