آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. فوزي ناجي
عن الكاتب :
أكاديمي فلسطيني مقيم في ألمانيا

المخابرات الألمانية تكشف سر الرفض الألماني للتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية في حربها على العراق عام 2003


 د. فوزي ناجي ..
بعد صدور تقرير شيلكوت حول الدور البريطاني في الحرب على العراق بدأ الإعلام الغربي يلقي الضوء مجدداً على خفايا و أسرار هذه الحرب التدميرية. في مقابلته مع صحيفة دي فيلت الألمانية التي صدرت بالأمس أوضح اوغست هاننج رئيس المخابرات الألمانية الخارجية السابق الحقائق التالية:

أولاً: قام الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن بضغوط كبيرة على المستشار الألماني حينذاك جيرهارد شرودر من اجل الحصول على الدعم الألماني في الحرب التي كانت الإدارة الأمريكية تعد لها. إلا أن شرودر قاوم الضغوط الأمريكية و أصر على رفض الدعم للحرب على العراق عام 2003.

ثانياً: بعد أسبوعين من احداث11 سبتمبر 2001 الإرهابية طلبت المخابرات المركزية الأمريكية معلومات عن العراق من المخابرات الألمانية. لقد شكل ذلك لهاننج أول إشارة للاستعدادات الأمريكية لتحذير ضربة عسكرية للعراق.

ثالثاً: في العام 1999 وصل المهندس الكيميائي العراقي رافد أحمد علوان إلى ألمانيا و قدم فيها طلباً للجوء السياسي. لقد أصبح بعدها رافد علوان عميلاً للمخابرات الألمانية و قد أطلق عليه لقب Curveball. كان هذا المهندس العراقي يعمل في مجال الصناعات العسكرية في العراق. لقد اهتمت المخابرات الألمانية بهذا المهندس و قدمت المعلومات التي حصلت عليها منه إلى المخابرات المركزية الأمريكية و  المخابرات الإسرائيلية و المخابرات البريطانية.

رابعاً: في ديسمبر 2002 اتصل رئيس المخابرات المركزية الألمانية في ذلك الوقت جورج تينيت بالمخابرات الألمانية و طلب باسم الرئيس الأمريكي رداً ألمانياً خلال 48 ساعة على ثلاثة اقتراحات للإدارة الأمريكية. الأول بان يتحدث المهندس العراقي بإحدى القنوات التلفزيونية حول المعلومات التي بحوزته. الثاني بأن يستجوب المهندس العراقي من قبل أحد الخبراء الأمريكيين، و الثالث بأن تصرح الإدارة الأمريكية بأنه بناء على معلومات حصلت عليها المخابرات الألمانية فأن العراق يملك أسلحة كيميائية و بيولوجية. و اشترطت الإدارة الأمريكية أن لا تعارض الحكومة الألمانية هذه التصريحات.

خامساً: لقد عقد اجتماعاً خصيصاً لهذا الموضوع ضم كل من المسؤولين في ذلك الوقت المستشار الألماني جيرهارد شرودر و وزير الخارجية يوشكا فيشر و وزير الدفاع بيتر شتوك و مدير مكتب المستشار فرانك-فالتر شتاينماير (وزير الخارجية الحالي) و مسؤول التنسيق مع المخابرات الألمانية ارنست اورلاو.

لقد تم رفض المقترحات الأمريكية من قبل الحكومة الألمانية، حيث جاء في رد هاننج على طلبات تينيت بأنه لا يوجد دليل على ما يثبت أقوال المهندس العراقي.

سادساً: لقد ثبت لاحقاً بأن المهندس العراقي رافد أحمد علوان قد قدم معلومات كاذبة عمداً و قد اعترف بذلك و حاول تبرير كذبه بأنه أراد الضغط على الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

على الرغم من الرفض الألماني إلا أن كولن باول وزير الخارجية الأمريكي السابق قدم تقريراً لمجلس الأمن الدولي أراد من خلاله إقناع المجلس بتواجد أسلحة الدمار الشامل في العراق. لقد اعترف باول بعد ذلك بأن ما قدمه لمجلس الأمن اعتمد على معلومات إستخبارية كاذبة و أن ذلك يشكل له نقطة عار في حياته المهنية.

نستخلص مما سبق بأن تدمير العراق قد تم بناء على نية مسبقة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية استخدمت بها الأكاذيب من أجل تبرير عدوانها على العراق و محاولة تفتيته إلى دويلات ضعيفة متناحرة من أجل تسهيل سيطرتها و من يدور في فلكها على المنطقة. من المحزن جداً أن ذلك قد تم بدعم و تمويل دول عربية و خصوصاً خليجية كانت قبلها بفترة بسيطة تعتبر العراق يحارب من أجل حمايتها و الدفاع عنها.

في كتابه الصادر عام 2004 بعنوان الإرهاب كحجة اعترف السفير الإسرائيلي السابق في ألمانيا افي بريمور بأن الإرهاب قد استخدم كحجة لشن الحرب على العراق.

كما أن القلة من أبناء العراق ساهموا في احتلال بلدهم لمصالح طائفية بحتة جرت على وطنهم الدمار و الخراب و الفقر و الحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية و المعيشية من الماء و الكهرباء و غير ذلك، ناهيك عن غياب الحرية و العدالة الاجتماعية و كل مبادئ الديمقراطية التي يحلم بها العراقيون.

لقد شكل احتلال العراق البيئة الخصبة لنمو الإرهاب و تمدده في العالم العربي بأسره و انتشار الفساد و الطائفية و الحقد و الكره و الرغبة في الانتقام بين أبناء الشعب الواحد.

يقودنا ذلك إلى طرح التساؤلات التالية:
متى نتعلم احترام بعضنا البعض بآرائنا المختلفة و تباين توجهاتنا السياسية؟ و متى نحتكم إلى الشعب في خلافاتنا؟ و متى نتخلى عن وهم التعلق بأحبال القوى الأجنبية في حل مشاكلنا؟

* مدير المعهد العربي في مدينة هانوفر الألمانية
صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2016/07/11

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد