آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. سليمان الضحيان
عن الكاتب :
دكتور في جامعة القصيم وكاتب في التنوير الإسلامي.

هل يزداد إرهاب داعش قبل سقوطه؟


سليمان الضحيان ..

ذكرتني التفجيرات الآثمة التي قام بها منتمون إلى داعش في القطيف والمدينة وجدة، وكانت أقرب للتفجيرات العشوائية التي يريد من قام بها الانتحار بأي ثمن، ذكرتني بظاهرة تحدث للحيتان، وهي نزوح أعداد كبيرة منها إلى الشاطئ حيث تموت، ويقدر العلماء أن عددها في كل سنة 2000 من الحيتان الضخمة، وفسَّر العلماء ذلك بإصابتها بالمرض الذي يؤثر على قدرتها على تحديد الاتجاهات، فتتجه إلى الشاطئ من غير قصد فتعلق فيه فتموت، ويبدو أن أتباع داعش بدؤوا بممارسة الطقس نفسه، فثلاثة منهم جاؤوا لتفجير مسجد في القطيف، وكل ما صنعوه أنهم انتحروا ثلاثتهم خارجه حتى إن أحدهم فجَّر نفسه في السيارة، وآخر فجَّر نفسه حينما أقبل على مبنى القنصلية في جدة في فضاء من الأرض، ولم يصب أحدا، وهذه العشوائية والتخبط علامة على اقتراب نهاية التنظيم.

كان أعظم عوامل الجذب التي استثمرها التنظيم انتصاراته المتتالية وتوسعه السريع بالاستيلاء على أراض شاسعة مما جعل لشعاره الشهير (باقية وتتمدد) نوعا من المصداقية، وكان أنصاره يدللون على صوابية فكره وصحة منهجه بتلك الانتصارات، إذ يرونها دليلا على أن الله معهم ينصرهم على أعدائهم الكثيرين، إلا أن فترة الانتصارات ولت إلى غير رجعة، وبدأت فترة الانكسارات والتقهقر في معركة (عين العرب)، حينما فشل التنظيم في الاستيلاء عليها، وخسر في محاولته أكثر من 1000 قتيل، ثم توالت الهزائم بعد ذلك، ففي سوريا سيطر الأكراد على ست مدن وبلدات وأكثر من 650 قرية، واستعاد سدين وأربعة حقول نفطية ومحطتي غاز وست نقاط حدودية وقاعدة عسكرية، كلها تحت سيطرة داعش. وسيطر جيش النظام السوري على مدينتي تدمر والقريتين اللتين كانتا تحت سيطرة داعش، وفي العراق استعاد الجيش العراقي تحت غطاء طيران التحالف الدولي تكريت وغالب محافظة صلاح الدين، ثم استعاد مدن الرمادي وبيجي والفلوجة.

وفي دراسة بحثية لمركز الأبحاث IHS خلصت إلى أن الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم داعش تقلصت من 90800 كيلومتر مربع في يناير عام 2015 إلى 68300 كيلومتر مربع في بداية عام 2016م، واليوم تقلصت أكثر، فيقدر أنه خسر أكثر من ثلث الأراضي التي استولى عليها سابقا، ويقدر عدد القتلى في صفوفه بـ 25 ألف مقاتل، وقد أحكم العالم حصار التنظيم اقتصاديا وفكريا وإعلاميا، فقد أعلن موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) في الشهر الثاني من سنة 2016 أنه أغلق 125000 حساب مؤيد للتنظيم في الشهور السبعة الماضية. وأزيلت كل أشرطة التنظيم من مواقع اليوتوب، وأحكم عليه الحصار الاقتصادي فدمرت حقول النفط التي يتاجر بها، وأحكمت مراقبة الحدود التركية في وجهه، وانقلب شعار دولة التنظيم من (باقية وتتمدد) إلى (فانية وتتبدد)، وقد أدرك القائمون عليها أن لحظة النهاية اقتربت، ولهذا صرَّح العدناني الناطق باسم التنظيم أنه إذا سقطت الرقة والموصل سيعودون إلى الصحراء، وهو من كان بالأمس يصرح مزهوا أن الطريق إلى دمشق وبغداد أصبح سالكا أمام جحافلهم، وهذا الاقتراب من النهاية هو ما يفسر ازدياد توحشهم بالتفجيرات العشوائية، فهي محاولة لإيصال رسالة بأنه ما زال مؤثرا وله حضور وسطوة، ويبدو أن هجمات التنظيم الهمجية ستزداد في المستقبل القريب لأمرين، الأمر الأول: أن التنظيم سيعمد لاستعمال كل ما يملك من أسلحة في معركته الأخيرة، وآخر أسلحته تحريك خلاياه النائمة التي كان يعدها لمرحلة زحف عسكري حينما كان في أوج قوته، وأما إذا انتكس وضعه، وتقوضت قوته، وخاب أمله في زحف عسكري فلا أقلَّ من أن يستثمرها لإشاعة الرعب وإثبات الوجود. والأمر الثاني: التصرف الفردي من خلاياه النائمة، فحينما يرون تنظيمهم يتهاوى في معقله الأصلي، ويجدون أن الأرض ضاقت عليهم بما رحبت حينها لا يجدون مخرجا لهم إلا الانتحار بأي شكل من الأشكال كما تنتحر الحيتان على شواطئ البحار.

صحيفة مكة

أضيف بتاريخ :2016/07/14

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد