آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد الوعيل
عن الكاتب :
كاتب صحفي سعودي

حوادث المرور والانتحار البطيء على الطرق


محمد الوعيل ..

لا أعرف إلى متى سنظل نقف مكتوفي الأيدي، جرّاء تزايد الحوادث المرورية في بلادنا، وارتفاع عدد ضحاياها لأرقام مفزعة، تنتج لنا مآسي نفسية واجتماعية وتسبب خسائر بشرية ومادية ليس لها أي حدود؟

وبينما بُحَّت كل الأصوات الصارخة، بحثاً عن حلٍّ جذري، يحفظ أبناءنا، ولا يجلب لنا الدموع والندم، يبدو أن كل الحلول المعلنة تفشل في وقف النزيف الدموي على طرقنا، وأن كل حملاتنا التوعوية ـ مع تقديري واحترامي ـ مجرد دخان في الهواء، ويجب التفكير في حلول بديلة وواقعية أكثر تأثيراً ونجاعة.

في بعض عواصم العالم، تقل نسبة الحوادث، بينما تتجه لدينا نحو الأسوأ.. وبعيداً عن القضاء والقدر، ليس معقولاً أن نفقد سنوياً أكثر من 7200 ضحية (وهو معدل يفوق ضحايا حرب عاصفة الصحراء) تلفظ أنفاسها جراء الحوادث القاتلة، ويتوقع وفق بعض الدراسات والإحصاءات أن تصل إلى 9600 عام 2019، بينما كان العدد 4100 عام 2001، ونكتشف أننا أهلنا التراب على 86 ألف قتيل خلال 20 عاماً فقط، وفق الأرقام المعلنة.!

وإذا صحَّ ما كشفته دراسة أجرتها الهيئة العليا لتطوير منطقة الرياض، قبل عامين تقريباً بالتعاون مع إدارة المرور، من أن عدم تطبيق المعايير الدولية المتعارف عليها لتعريف وفيات الحوادث في المملكة التي تنص على اعتبار من يتوفى أثناء تلقي العلاج خلال فترة 30 يوماً ضحية للحادث المروري، وهو ما لا يعطي الرقم الحقيقي للضحايا (73% منهم من فئة الشباب بين 18- 22 عاما)، فإننا إذاً أمام كارثة حقيقية غير معلنة.

هذا عدا إجمالي أعداد الإصابات المفزعة حيث تسجل المملكة 40 ألف إصابة سنوياً من الحوادث المرورية، 30% منها إعاقات دائمة، وبنسبة 35 معاقاً يومياً، ومعدل 1000 معاق شهرياً، ويتوقع أيضاً أن تصل النسبة إلى أكثر من 68 ألف إصابة عام 2019.

المفجع أيضاً، أنه وحسب دراسة أجراها فريق بحثي متخصص بجامعة الملك عبدالعزيز في جدة، أن 57% من قتلى حوادث السير بالمملكة هم من مُنتسبي سلك التعليم بين طلبة (22%) ومعلمين ومعلمات (35%).. وذلك بسبب ما اعتبرته الدراسة طول مسافة السفر التي يضطر المُعلمون والمُعلمات لقطعها للوصول إلى مدارسهم التي قد تبعد عن مواقع سكنهم قرابة الـ 500 كم في بعض الأحيان.

لن أتحدث عن الخسائر المادية، لأنها لا تعني شيئاً مقابل قيمة الأرواح البريئة التي نفقدها، ولكن علينا أن نجد حلاً، لأنه ليس هناك أي معنى أن يسجل بلدنا حالة وفاة مرورية كل 80 دقيقة، وحالة إعاقة كل 40 دقيقة، هذا معناه أننا شعب ينتحر ببطء على الطرقات.؟!

وقفة
"حزمة" من الأفكار يدرسها رجال المرور للحد من الحوادث.. ولكن لم تستطع هذه الدراسات أن تحد من خطورة عشوائية الليموزين وكذلك الشاحنات في الشوارع.

جريدة الرياض

أضيف بتاريخ :2016/07/30

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد