التقارير

تقرير خاص: الوضع #الإقتصادي المأزوم في #المملكة.. بهذه الطرق نخرج من المأزق؟

 

مالك ضاهر ..

أثارت الأوامر الملكية التي أصدرها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز حول تخفيض رواتب ومزايا الوزراء وأعضاء "مجلس الشورى" بعض "البلبلة" في  الشارع السعودي وعلى مواقع التواصل الالكتروني، خاصة أنها جاءت بعد سلسلة من الإجراءات التي قامت بها الحكومة السعودية في عهد الملك سلمان برفع الدعم عن العديد من الخدمات الأساسية وزيادة الضرائب والرسوم بهدف خفض النفقات وسد العجز في الموازنة العامة للدولة.

 

سياسة التقشف التي تعتمدها القيادة السعودية دفعت الناس إلى التساؤل إلى أي مدى ستصل هذه الإجراءات؟ وهل ستصل في لحظة من اللحظات إلى المس برواتب الموظفين في القطاع العام وفي الأسلاك الأمنية والعسكرية؟ حتى بات السؤال المتداول والمشروع اليوم: هل يمكن مثلا تخفيض رواتب الجنود الذين ترسلهم القيادة للقتال خارج الحدود؟ وهل يمكن أن نخفّض الحوافز والمزايا التي يحصل عليها من يضحي بنفسه ويترك أهله وعياله لصالح تنفيذ القرارات التي تقرها الحكومة والقيادتين السياسية والعسكرية؟

 

هل ستقف مصادر الهدر في المملكة؟

وهل تخفيض بعض المزايا والرواتب لأعداد محدودة من الأشخاص –وإن كانت خطوة لا تخلو  من الايجابية- كالوزراء وأعضاء الشورى ستكون قادرة على سد العجز التي تسببت به سياسات غير سليمة لسنوات طويلة؟ أم أن هذه الخطوة مقدمة للمساس برواتب ومزايا فئات أخرى؟ ولكن هل سنرى في يوم من الأيام إصدار أوامر وقرارات رفيعة المستوى للحد من الهدر لدى كبار المسؤولين وأفراد العائلة الحاكمة؟ وصولا إلى سد كل أبواب الإسراف والتبذير التي تحرم خزينة الدولة مبالغ طائلة كلها تدفع من حساب المواطن وعلى حساب ما يحتاجه الوطن من خدمات ومشاريع تطويرية واستثمارية ضرورية.

 

ففي حين يشكك البعض في إمكانية وصول قرارات وقف الهدر والحد منه وضبط المصاريف إلى طبقات معينة في الدولة يبقى المواطن العادي والموظف البسيط هو البيئة الخصبة لتطبيق وتنفيذ كل أنواع السياسات التقشفية والتوفيرية والإقتصادية، بالتزامن مع طرح التساؤلات حول مدى قدرة هذه الإجراءات على رفع الميزانية العامة للدول وإنقاذها من الخسائر؟

 

المراجعة ضرورية لتصويب الاعوجاج..

يبقى أن السبيل الأنسب لكل ذلك هو القيام بمراجعة عاجلة لكثير من السياسات الكبرى التي تسير المملكة بها اليوم، ويمكن هنا ذكر الأفكار على سبيل المثال لا الحصر:

 

- قرارات الحرب والإنفاق على التسليح مع ما تتكبده المملكة من نفقات في هذا المجال، أليس الأصح هو مراجعة كل ما يتعلق بالحرب على اليمن وعقد صفقات التسلح مع العديد من الدول وفي طليعتها الولايات المتحدة الأمريكية التي يبدو أنها أكثر المستفيدين من حروب المملكة في الخارج.

 

- ما تقوم به المملكة من إنفاق لدعم المعارضات والجماعات المسلحة في العراق وسوريا والعديد من الأحزاب والتيارات والشخصيات السياسية وغير السياسة في لبنان واليمن وليبيا ومصر وغيرها من الدول العربية والأجنبية، بغية تحقيق أهداف سياسية ومصالح سعودية، فكل هذه الأمور تتطلب ضخا هائلا للأموال السعودية بما يكبد الخزينة مزيدا من الضغط وبالتالي حرمان المواطن من أموال دولته وخيراتها.

 

- إعادة النظر في السياسة النفطية المتبعة من قبل المملكة، ففي خضم الأزمات التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط عملت المملكة على زيادة الإنتاج وخفض الأسعار بغية الضغط على بعض الدول، لكن تغير الظروف الدولية وقدرة بعض الأطراف على التحمل جعلت هذه السياسة ترتد سلبا على المملكة بحيث باتت الخزينة السعودية تتكبد الخسائر بدل تكبيدها للآخرين، ما جعل المملكة اليوم تعرض خفض إنتاج النفط لأول مرة منذ ثمان سنوات لإنعاش إقتصادها الذي يواجه عجزا مقداره 13 %.

 

- إعادة النظر في سياسات توزيع الثروة داخل المملكة التي تتركز في يد طبقة معينة من العائلة الحاكمة، بالإضافة إلى فئة من رجال الأعمال المقربين من القيادة السياسية مع تراجع دور العديد من الشركات التي لعبت دورا كبيرا تاريخيا في تقديم الخدمات لإقتصاد المملكة.

 

عن الرؤى الإقتصادية.. وجدواها؟

كل ذلك يدفع للتساؤل عن جدوى الرؤى الإقتصادية التي تريد المملكة تطبيقها في الأعوام المقبلة والتي تمَّ التهليل لها وما زال في الإعلام السعودي، فكيف يمكن لهذه الخطط الإقتصادية أن تتحدث عن استثمارات في الداخل والخارج بينما الواقع مخالف تماما للكلام النظري، فأي صناديق سيتم فتحها والاستثمار فيها بينما الدولة عاجزة عن تحمل بعض الرواتب المرتفعة أو تغطية بعض الخدمات الأساسية التي ترهق اليوم كاهل المواطن السعودي، ما يعني أن كل المخططات الإقتصادية الارتجالية وغير المحسوبة باتت بحاجة إلى مراجعة بشكل تتناسب حقيقة مع الواقع والاحتياجات السعودية.

 

والحقيقة أن العديد من الخبراء السعوديين قد حذروا منذ فترة طويلة من خطورة الوضع القائم نتيجة السياسات والقرارات غير المدروسة والتي لها تبعاتها الإقتصادية الصعبة على المجتمع السعودي، وأشار هؤلاء إلى أن انخفاض أسعار النفط بشكل خاص سيؤدي إلى مزيد من القرارات التقشفية، هذه القرارات التي طالت اليوم بنسب بسيطة رواتب وزراء ونواب من الممكن جدا أن تطال غدا رواتب الموظفين في الإدارات العامة وبنسب عالية، فكيف سيتعاطى الناس مع مثل هذه القرارات؟ وكيف سترد المؤسسات والسلطات المعنية على ردة فعل الناس التي لن تكون ايجابية على الأرجح؟

 

لذلك يدعو العديد من الخبراء إلى مصارحة الناس بحقيقة الوضع الإقتصادي الصعب ووضع الخطط الصحيحة الشفافة الواضحة التي تؤدي إلى إصلاح الاعوجاج الموجود، حيث تطبق القواعد والأنظمة على الجميع دون استثناء لا أن تفرض القيود على فئات دون أخرى، فيجب إقناع الناس بكل قرار سيتم اتخاذه وتوضيح الأسباب الموجبة لأي خطوة تقشفية قد تضيّق على الناس وترهقهم بتكاليف إضافية، كي يعرف المواطن أهمية التضحية التي سيؤديها للصالح العام.

أضيف بتاريخ :2016/09/28

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد