آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
مطلق بن سعود المطيري
عن الكاتب :
استاذ اعلام بجامعة الملك سعود. وكاتب بجريدة الرياض

الشباب وأسطورة الوظائف

 

مطلق بن سعود المطيري ..

الكلام عن السعودة في الوقت الحاضر يشبه الحديث عن مجد أسطوري كان خيالا في الماضي وأصبح مستحيلا الآن، تعددت أساطير هذا العمل المسمى سعودة الوظائف: أسطورة صندوق المئوية، وأسطورة الموارد البشرية، وأسطورة نطاقات، الأسطورة حكاية لا تخضع لمنطق الحياة ومتطلباتها، ولا تحاسب أن لم تثبت صحتها، الشباب السعودي عندما يبحث عن مكان عمل آمن اليوم عليه أن يكون رجلا أسطوريا متجاوزا الزمان والمكان ليسكن في جوف حكاية مسلية في روايتها ولكنها لاتسمن ولا تغني من جوع..

 

أخيرا امسك الشباب السعودي الأسطورة من رقبتها وجعلها حكاية حياة تشاهد بالعين وتتكلم بمنطق الإنتاج وستر الحال، شباب تعلم في أرقى جامعات العالم، ولم يضيّع وقته في البحث عن وظيفة في برامج وزارة العمل، امتطى عربة الطعام وسار بها في طرقات مدينته المحبوبة، يبيع الأكلات الأجنبية والمحلية، يقضي على ساعات عمل اليوم وينهب من ساعات الغد ساعات إضافية ليعيش بكرامة خبرة الذاتية، فكيف جعل العمل يطيعه ويتسعود وهو لم يتدرب في أساطير صندوق المئوية ولا الموارد البشرية ولا شركات القطاع الخاص، وكيف حصل على هذه الخبرة المفيدة والمنتجة، وكل ما حوله محبط وناقص التأهيل والإرادة ؟ أولا عرف أن المؤهل العلمي ربما يكسبه شيئا اسمه الثقة بالنفس والاعتماد عليها، ولا يقدم له عملا مريحا وجاهزا، وعرف أن المجتمع ومؤسسات صناعة الوظائف نصائحهم وتدريبهم وَهْم وابتعد عنها، والقطاع الخاص يبقى قطاعا خاصا أي يضيق فرص الانتماء إليه ويحصرها بالمالك ومايتبعه من مصالح، والقطاع العام يطمح بان يلحق في القطاع الخاص بكل شيء، في تقييمه وانتمائه حتى يتجاوز ساعة عمله الوحيدة !

 

شباب المطاعم المتنقلة أسطورة في الإرادة وحب العمل والوطن، أسطورة تروى في شوارعنا ونتعلم منها أن العمل حق يثبت عندما يحاكم الشاب حاجاته ويربطها بحاجة الوطن والأسرة إليه، يحاكم حاجاته بدون أن يستعين بمحامٍ من وزارة العمل أو وزارة الخدمة المدنية ليترافع عنه أمام متطلبات الحياة وحاجته للعمل... ووزارة العمل وبرامجها التدريبية مدعوة إلى أن تتعلم من هذا الشاب كيف تصنع الوظيفة، وكيف تكتسب المهارة..

 

وأن أرادت وزارة العمل أن تقضي على العمالة الوافدة ماعليها إلا أن تلحقهم في برامجها ودوراتها المعدة للتأهيل الوظيفي، وهذا المسار كفيل بأن يقلص وجود العمالة الأجنبية في البلد، فقد كان هذا الخيار مطبقا على طالب العمل السعودي حتى تقاعد بمهنة عاطل عن العمل، أما الشاب السعودي الجاد اليوم ابتعد بعيدا عن هذه البرامج وصنع لنفسه وظيفة ومكان عمل لا يتطلب منه سوى الإرادة القوية والاستعانة بالله.

 

جريدة الرياض

أضيف بتاريخ :2016/11/14

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد