التقارير

تقرير خاص: #حكومة _الإنقاذ_اليمنية.. مفتاح للحل أم تسعير للخلاف؟!

 

مالك ضاهر ..

تشكلت في اليمن حكومة جديدة أطلق عليها اسم "حكومة الإنقاذ الوطني" وهي عبارة عن إئتلاف حكومي بين عدة مكونات يجمعها الوقوف بوجه الحرب التي تقودها المملكة السعودية على اليمن، وعمادها الدعم من الرئيس اليمني الأسبق علي عبد الله صالح وحركة أنصار الله بالإضافة إلى مشاركة جهات أخرى برئاسة عبدالعزيز بن حبتور.

 

منذ اللحظة الأولى للإعلان عن تشكيل هذه الحكومة راح البعض يهلل لها باعتبار أنها انتصار سياسي للجهات التي وقفت بوجه "العدوان" الذي تقوده المملكة السعودية، بينما شن عليها فريق آخر موجة اتهامات من كل حدب وصوب، فما الهدف من هذه الحكومة وأي قيمة سياسية لها في ظل الحرب التي تغرق بها البلاد؟ وهل تعتبر انجاز سياسي لمن شكلها أو أنها خطوة في طريق أبعد وخطة أشمل؟ هل هذه الحكومة تعتبر "ضربة" للمملكة السعودية وللتحالف الذي تقوده على اليمن أم أنها لا تعني الكثير في العملية السياسية الشاملة في اليمن وفي علاقاتها الخارجية وبالأخص مع الدول الخليجية وبالتحديد مع المملكة السعودية؟ وكيف سيكون تعاطي المملكة مع هذه الخطوة ومع هذه الحكومة؟ هل سنجد آفاقا سعودية تفتح معها في لحظة معينة أم أن لا علاقات مع حكومة أو سلطة لا تنضوي تحت الجناح السعودي أو بالحد الأدنى لا تتشاور مع القيادة السياسية في الرياض؟

 

الحكومة والخيارات المتاحة

بعض المصادر اليمنية تتحدث عن أن هذه الحكومة قد لا تكون هي الخيار الأفضل والأمثل لليمن، إنما أهميتها تندرج بأنها جاءت بقرار يمني محض، فمن الممكن تسمية أشخاص أفضل وأكثر فاعلية ودينامية في بعض الوزارات لكن العبرة هي في مراعاة حالات التوافق بشكل عام في البلاد والتأكيد أن عصر الوصاية والارتهان للخارج قد زال والى الأبد.

 

وحول هذا الأمر قال رئيس الحكومة اليمنية عبد العزيز بن حبتور إن "هذه الحكومة جاءت في زمن خاص واستثنائي فيه تحديات كبيرة"، وأضاف "نخطط للعمل على عدة محاور منها  الجانب الاقتصادي الذي عملت الحرب على تدميره، ولما لهذا الجانب من بُعد إنساني في يوميات اليمنيين"، وأكد "سنعمل لاتخاذ عدة معالجات واتخاذ القرارات اللازمة بخصوص ذلك ومنها العمل لإعادة البنك المركزي إلى صنعاء لأن قرار نقل البنك إلى عدن كان بقرار من قوى العدوان لإيذاء المواطن اليمني".

 

وعن التواصل مع الدول الأخرى، قال بن حبتور إن "حكومة الإنقاذ بدأت بالتواصل مع العديد من الدول الصديقة وحتى مع الدول المحايدة من الأزمة"، ولفت إلى أن "الحكومة بدأت بالتواصل أيضا مع دول داعمة للعدوان"، وأوضح "أبلغنا كل الدول وبالتحديد الدول المعادية أن هذه الحكومة لها الشرعية الوطنية لأنها حصلت على ثقة البرلمان اليمني وهي بالتالي تعبر عن إرادة هذا الشعب".

 

الحوار.. بوابة الحل

بالواقع أن هذه الحكومة نالت ثقة البرلمان اليمني الذي يمثل بالحد الأدنى جزءا كبيرا من الشعب اليمني، أي أن هذه الحكومة تعبر عن إرادة وتطلعات شريحة كبيرة من القوى السياسية والأفرقاء الجهوية والقبائل في اليمن، فهل يمكن شطب هذا التمثيل وعدم الالتفات إليه بشكل مطلق من قبل القيادة السعودية؟ وهل يمكن بحجة أن من شكل هذه الحكومة لم يتشاور معنا وليس حليفا للمملكة أن نبقى  من دون أي تواصل معها؟ أليس من المفيد أن تترك المجال المملكة لفتح قنوات التواصل مع هذه الحكومة التي يسميها أصحابها أنها "حكومة إنقاذ وطني"، ولما لا نتعاطى معها انطلاقا من عنوان لمّ الشمل اليمني لإنهاء الأزمة والوصول إلى حل سياسي.

 

وحقيقة إن التعاطي مع أطراف يمنية لها ثقلها الشعبي والسياسي وإن لم تكن متفقة معنا مئة بالمئة أو تنحاز لرأينا السياسي بشكل  تام، قد يكون أكثر فائدة للمملكة من التعاطي مع أطراف ليس لها الثقل الكافي لتكون نداً يعتمد عليه في الداخل اليمني وحتى في الإقليم وحتى على المسرح العالمي، والوقائع في الفترة الماضية أثبتت أن من يحوز على ثقة الرياض من اليمنيين أو من تحاول القيادة السعودية الرهان عليه لا يملك الكثير في الساحة الداخلية اليمنية، فأيهما أفضل صديق وجار قوي أم تابع ضعيف لا يملك حيلة ولا يقوى لإعانة نفسه أو جيرانه؟ بالتأكيد أن بناء علاقة مع جار قوي وتنظيم الخلافات معه تمهيدا لحلها هو أفضل بكثير من الاعتماد على أطراف ثانوية.

 

الإرادة اليمنية.. والنزف السعودي

وهنا يمكن الإشارة إلى ما يحاول البعض الترويج له من باب الضغط على الحكومة اليمنية الجديدة من باب الأمم المتحدة عبر الدفع بالمبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ للتعبير عن الاستياء والامتعاض من تشكيل هذه الحكومة، فهل مثل هذه السيناريوهات تفيد في الواقع وهل توصل إلى نتيجة ما؟ هنا يأتي الجواب من الحكومة اليمنية نفسها التي تعتبر على لسان رئيسها بن حبتور أن الأمم المتحدة بالتأكيد ستضطر للتعامل معها سواء بقي ولد الشيخ في منصبه أو تم تعيين أي مبعوث آخر مكانه، لأنه لايمكن "القفز فوق هذه الإرادة اليمنية"، بحسب بن حبتور.

 

يبقى أن السؤال الأبرز والأهم هو: كيف يمكن لبلد ولأناس يخوضون حربا ضارية طوال هذه المدة كما هو الحال في اليمن، أن يتمكنوا من تشكيل حكومة لمواجهة التحالف الذي تقوده المملكة سياسيا واقتصاديا بل وعسكريا؟ وهل هذا الأداء اليمني الجديد يؤكد التمسك بالمؤسسات الدستورية والحفاظ على الدولة وآلياتها القانونية ويمثل انتكاسة لخيار التحالف الذي تقوده الرياض؟ أليس مثل الأمر يظهرنا أمام الرأي العام اليمني والسعودي من جهة، وأمام الرأي العام العالمي من جهة ثانية أننا ضد قيام المؤسسات والدولة في اليمن، وأن من نستهدفهم طوال أشهر هم من يسعون للحفاظ على القانون المؤسسات في اليمن.

 

الإجابة على هذه المسائل تلخصها بعض المصادر اليمنية عبر القول إن الحرب في الواقع انتهت ولا نتائج عملية لكل ما تفعله المملكة السعودية ومن معها من قوات التحالف أو بعض الحلفاء في الداخل اليمني، وأن كل ما يجري يزيد من النزف من سمعة ورصيد المملكة وقياداتها السياسية والعسكرية، ما يظهر أن لا روادع أخلاقية أو أدبية أو دينية تحكم العقلية الموجهة في المملكة، فمن يتحمل المسؤولية عن كل هذا النزف من رصيد المملكة السياسي والأخلاقي.

أضيف بتاريخ :2016/12/04