آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
قاسم حسين
عن الكاتب :
كاتب بحريني

«داعش»... تصدير فائض القوة العدوانية

 

قاسم حسين

بدأت الدول الغربية، بعد هجمات باريس الأخيرة، بكشف بعض الأرقام المتعلقة بالإرهاب والحركات الإرهابية في أراضيها، بعد طول تكتمٍ وصمت.

كان الإعلام الغربي يتكلّم عن 20 أو 30 ألف عنصر تابع لـ «داعش» في سورية والعراق، وكنّا نشكّك منطقياً في هذا الرقم، بسبب حجم العمليات التي نفّذها، وحجم الأراضي التي سيطر عليها في البلدين. والفرض الأقرب للقبول هو أن الرقم ما بين 100 إلى 120 ألف مقاتل. وكان هؤلاء يتدفّقون على أراضي القطرين العربيين من 80 دولة عربية وأجنبية، ويحظَون بتسهيلات لوجستية واسعة في الكثير من محطات الترانزيت والعبور.

اليوم يتبارى الغربيون في كشف بعض الأرقام الموجودة لديهم. والرقم الأكثر تداولاً في البورصة هو 30 ألف إرهابي في سورية وحدها. وقد أشار رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس، إلى وجود 2000 فرنسي من بينهم، فيما تذهب تقديرات أخرى إلى 3000، حيث كان للساحة الفرنسية نصيب وافر في تموين «داعش» وأخواتها بالـ «الجهاديين».

أحد التقارير التلفزيونية، ركّز على مشاركة الفرنسيين في القتال في سورية، التي بدأت في العام 2012، مع بداية تحويل الثورة السورية الشعبية إلى العسكرة، لحساباتٍ إقليمية ودولية معروفة، في ظل احتدام صراع المحاور في المنطقة. واللافت أن بداية التحاق الفرنسيين بـ «الجهاد» كانت مع جبهة النصرة (الفرع الشامي لتنظيم «القاعدة»)، لكن أغلبهم تحوّل سريعاً إلى القتال مع تنظيم «داعش».

من الغرائب التي كشفها التقرير، أن كاهناً كاثوليكياً فرنسياً، أصبح قائداً جهادياً في سورية، وقد ظهرت صورته في التقرير، بهيئته ولباسه ولحيته الحمراء، كأحد زعامات حركة «طالبان» في أفغانستان. كما كشف أن اثنين ممن اشتُهروا بعمليات الذبح في سورية كانا فرنسيين، وقد تسمّيا باسمي «أبو عثمان» و «أبو عبدالله»، واسمهما الحقيقي ميكائيل دوس سانتوس (23 عاماً)، وهو من أصول برتغالية؛ وماكسيم أوشار (23 عاماً)، المنحدر من منطقة النورماندي الفرنسية، والذي وصفته الـ «فيغارو» بـ «الجلاد»، وكانت بداية التحاقه بسورية تحت ستار العمل الإنساني. وهما من تولّيا ذبح الرهائن الغربيين والصحافيين الأميركيين وبعض الجنود السوريين. ومثل هذه المعلومات تكون موجعةً للفرنسيين، حيث من المتوقع أن يمارس الرأي العام الفرنسي، ضغطاً متزايداً على الحكومة، ومحاسبتها على سياستها الشرق أوسطية.
فالتفجيرات الأخيرة لن تقتصر آثارها النفسية على نشر الرعب لفترة طويلة في قلوب الفرنسيين، بل إنها خلفت عشرات القتلى ومئات الجرحى، بعضهم سيعيش بقية حياته مشوهاً ويعاني من عاهات مستديمة.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، استغل قمة العشرين في تركيا، ليقول إن تمويل «داعش» يأتي من 40 دولة، بينهم دولٌ تشارك في اجتماع قمة العشرين. وحسب هذا التصنيف، هناك 80 دولة تدعم التنظيمات الإرهابية بالرجال، فيما تساهم 40 دولة بتزويدها بالمال.

لقد أصبحت المنطقة بؤرةً للصراع المفتوح بين المحاور الدولية، وبدأت تنشر شررها في مختلف الاتجاهات. ومن كان يراهن على حصرها في بلدين فقط، سورية والعراق، على طريقة نزول العذاب بعيداً (حوالينا وليس علينا)، تبيّن خطأ حساباته. فالإرهاب قد تضخّم وأصبح يصدّر فائض القوة العدوانية المتجمّعة لديه، خصوصاً بعدما دخلت مرحلة محاصرته وضربه جدياً في المنطقة بعد التدخل الروسي.


صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2015/11/22

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد