آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
قينان الغامدي
عن الكاتب :
كاتب وصحفي سعودي

لماذا مباني الحكومة مستأجرة؟: ربما مصالحي الشخصية!

 

قينان الغامدي

هذا ليس جديدا ولا اكتشافا، فمعظم مقرات "فروع الحكومة" في المناطق مستأجرة، الشرطة والمرور، والمباحث، والمدارس، والمستوصفات، والبنوك الحكومية "التسليف والاستثمار" والزراعي، والصناعي، وفروع الوزارات و.... و .... إلخ، ومع أن استئجار مبنى لخمس سنوات يكفي للبناء خلال أقل من خمس سنوات قادمة، إلا أن لا شيء يحدث، ولنفرض أن الحكومة بكل فروعها تحتاج مبنى في كل منطقة يكلف الحكومة مليوني ريال، وأن كل فروع الدولة تحتاج مئة مبنى في كل منطقة من المناطق الثلاث عشرة، بمعنى أن جميع المباني "ألف وثلاثمئة مبنى، تحتاج ألفين وستمئة مليون ريال بواقع مليونين لكل مبنى"، ألا يمكن للحكومة، اعتماد ثلاثة ملايين وليس مليونين لكل مبنى سنة واحدة أي "أربعة مليارات" دفعة واحدة، وليس فقط نتخلص من الإيجار لمبان متهالكة، غير لائقة، بل ونقدم أنموذجا حضاريا وحديثا لها كحكومة، أنا أظن أن ذلك ممكن، بدليل أن الميزانية سنويا تحمل مشاريع جمة بعضها "حبر على ورق"، والبعض الآخر متعثر، والبعض الأخير يؤجل، ومعنى هذا أن الدولة قادرة ماليا، لكن التنفيذ عسير، وأظن أن هذه المباني المستأجرة يجب أن تكون من الأولويات غير القابلة للتأجيل مطلقا، ويمكن للحكومة الاستفادة من تجربة البنوك في بناء وتجهيز مقراتها، فبعضها أنشأت مباني راقية وبسيطة، وغير مكلفة كثيرا إلا في تجهيزاتها التقنية، ولا أظن أن الحكومة عاجزة الآن -ماليا– عن الأخذ بالفكرة المطبقة على أرض الواقع، فغالبية البنوك بنت مقرات لها في أضيق المساحات، وهي مبان جميلة وخادمة لموظفيها ومراجعيها، والتجربة ماثلة للعيان، ولا نحتاج جهدا لمعرفتها، والاستفادة منها.

الحكومة –وفقها الله- تنفق سنويا بلايين على إيجار مقرات مستأجرة، وبلايين أخرى لصيانتها، بينما يمكنها من إيجارات سنة واحدة أن تبني منشآت خاصة بها، مزودة بما يخدم موظفيها ومراجعيها،  وأهمها وزارة الصحة، حيث شاهدت في "جازان" مباني غاية في الروعة والبساطة لمراكز صحية، ولا أعرف هل تم تشغيلها أم لا حتى الآن؟، وآمل أن تستمر الوزارة في هذا السبيل، حتى لو تأخر التشغيل، فالمواطن هو الرابح حتى لو كان مجرد مبنى!
قد يقول قائل، وهل أنت تفهم في الاقتصاد والتنمية أكثر من المختصين والمخططين؟ وأقول له: لا بدون حرج، لكني أحسبها حسابات بدوي أو قروي فقط، فأنا – مثلا- أعرف أنه سنويا تُصرف مبالغ مليارية للإيجار والصيانة، وأنها خسارة وطنية، وأدري أنه يمكن صرفها على إقامة مبان لفروع مبان للحكومة على المدى الطويل.

قد يكون فهمي قاصرا، وأنا أعترف بجهلي في أمور الاقتصاد، لكن هذا الأمر واضح، فهو واقع لا يليق بالمملكة ولا بإمكاناتها، وهي قادرة على تجاوزه بإمكانياتها الحالية، ما لم تكن هناك مصالح مختلفة أو "هبراوية لا أعرفها.

إحدى الوزارات –مثلا– استأجرت مقرا لفرعها في مدينة جدة منذ سنوات بستة ملايين سنويا، ومساحته لا تتجاوز ألفي متر مربع تقريباً، وارتفاعه نحو ستة أدوار، فلو افترضنا قيمة المتر عشرة آلاف ريال، يعني "عشرون مليونا" لقيمة الأرض، وتكلفة المباني عشرون أو ثلاثون مليون ريال، مع المبالغة "الفجة"، ألم يكن بإمكانها استئجاره إن كانت مضطرة لمدة سنة أو سنتين، على الأكثر وبقية مبلغ الإيجار يتم صرفه لبناء مقر أساسي في موقع "بلاش"، فالحكومة استعادت بلايين الأمتار، من التعديات في كل المناطق، أو بقيمة لا تساوي عشر مبلغ سنة من الإيجار، سيما وأن موقعها، لا يحتاج أن يكون في موقع تجاري، فليس لديها مراجعون بالمئات يوميا أو حتى العشرات، بل أقل، فما الداعي لأن يكون موقعها في منطقة تجارية، وحيوية من الناحية الاستثمارية، سيما وأن المبنى حتى من جهة استثمارية لا يستحق مبلغ الملايين الستة إيجارا، لكنها -كما يبدو- مصالح؟!

مصالح من، لا أدري، ربما مصالحي الشخصية دون أن أعلم!.


المقال لصالح صحيفة الوطن السعودية

أضيف بتاريخ :2015/11/26

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد