آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
علي سعد الموسى
عن الكاتب :
- دكتوراه في الأسلوبية والنقد الاجتماعي للغة من جامعة أسكس. - بكالوريوس في الآداب من جامعة الملك سعود بأبها. - ماجستير في اللغويات النظرية من جامعة كلورادو.

ما الذي قتل الطفل نواف الأحمري


علي سعد الموسى ..

المعلومة التي يصر المسؤولون على توزيعها وتكريسها هي أن الوادي هو من سحب الابن الطفل نواف الأحمري، وأخذه إلى نهايته المحتومة. هم يحاولون تغييب حقيقة أن هذا الطفل لقي مصرعه في قلب الشارع الرسمي المسفلت على بعد أمتار من المدرسة.

المسؤولون، وهم بالمناسبة، بالعشرات يهربون اليوم إلى الخلف، ويرمون بالتهمة على شماعة الوادي وجشع المواطن، وأيضا على السماء والسحب، لأنها قررت أن تهزم كل فضائحهم في ظرف ساعة واحدة. هؤلاء، وهم بالعشرات، وفي أزمان إدارية متعاقبة، هم من بصم بالأختام الرسمية والتوقيعات النهائية على مخطط الحي، وعلى كل قطعة أرض، وعلى مسار كل شارع به، ثم ماذا بعد: يتسابقون اليوم على التصريحات الرنانة التي تتحدث عن حي شعبي أكله (المواطن) بالهجوم والاستحواذ في عسف للوقائع والحقائق، ولولا تبعات القانون، لكتب هنا ما كان صاعقا من حقائق الأيام، ولكنني قلم (رصاص) بلا ظهر أو سند.

قبل سنوات طويلة جدا، كتبت عن هذا الحي في مقالي الشهير (حارة حريك)، أعدت تحوير التسمية بعدها بسنين أيضا إلى (يوميات جمهورية المنسك الشعبية). لم يلفت أمانة المدينة إلا استفزاز المسميات، دعوتهم مع غيري من سكان هذا الحي، وفي أيام الطفرة التاريخية الأخيرة، ولو إلى مجرد زيارة فكان الإهمال المتعمد. وهنا سأكتب للتاريخ: لم تصرف هذه الأمانة ريالا واحدا منذ ولادة هذا الحي على يديها وبأختامها وتواقيعها قبل خمسة عشر عاما، إلا ما كان من أعمدة النور وسيارة النظافة. وللأمانة، هم يرصفون اليوم مجرد الشارع الرئيسي، تمهيدا لمرحلة مواقف السيارات المدفوعة الثمن في الأشهر القادمة.

اليوم رحل عن دنيانا الابن الطفل، نواف الأحمري، وهو للصدفة، زميل فصل ابننا (خلدون) في ذات الفصل والصف والمدرسة. لم يبق للأمانة التي أهملت كل شيء هنا طوال عقد ونصف العقد إلا استخراج صك شرعي يحمّل المواطن في هذه الحارة دفع الدية. لم يقل أحد منهم أبدا أنه مات في الشارع الرسمي أمام المدرسة. كلهم يتحدثون عن نسبة المطر والوادي والمواطن، وهم وللأمانة؛ وفي هذه (الأمانة) من كان القدوة العليا أمامنا جميعا من حوّل وادي أبها الشهير إلى عبّارة وشارع رسمي، من اختزله من عرض ستين مترا إلى عبّارة بعرض عشرة أمتار. هم من قتل رئة هذه المدينة ومعلمها الأهم الأبرز، وكأن لديهم فرمانا سماويا أن السد من فوقه لن يفيض، وأن الوادي لن يعود يوما إلى أيامه التاريخية الغابرة.

بعض ما تبقى من الحقائق الصادمة يصعب أن يكتب، ولكن لا تتحدثوا عن سكان الحي وكأنهم فرقة (حنشل).. تحملوا المسؤولية بكل شجاعة ولو لمرة واحدة.

صحيفة الوطن أون لاين

أضيف بتاريخ :2017/02/18

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد