قصة وحدث

بانوراما: ست سنوات على ربيع الحرية والكرامة في القطيف..(١)


سحر صالح ..

حراك القطيف ربيعٌ زهوره شهداء الكرامة، تتوجهم عمامة النمر، مرت ست سنوات حصدت رؤوس زهور، ولازالت رؤوس فتية يُخشى عليها من مقصلة الذبح على يد سلطة قمعية آثمة لاتأبه لدين ولا أخلاق ولا حتى قانون ..

 

انطلاقة الحراك "التسعة المنسيون"

اليوم السابع عشر من فبراير العام ٢٠١١م كان انطلاقة الحراك للحرية في المنطقة الشرقية من المملكة السعودية، حيث خرج المئات من سكان بلدة العوامية في محافظة القطيف ذات الغالبية الشيعية مطالبين بخروج تسعة معتقلين كان قد مضى على اعتقالهم ستة عشر عاما والذين عرفوا بـ"التسعة المنسيين" ..

و يوم الخميس ٢٤ فبراير ٢٠١١ خرج العشرات في بلدة العوامية مطالبين بإطلاق سراح المعتقلين.

 

الحراك يتصاعد ويمتد جغرافيا..

ارتفعت وتيرة الاحتجاجات في شهر مارس ، حيث امتدت إلى مناطق أخرى منها الأحساء، وطالبت بالحقوق المدنية والسياسية، كما أكد المشاركون نبذ العنف ورفض الطائفية.

ومع دخول قوات “درع الجزيرة” إلى البحرين بهدف قمع الثورة هناك، بدأت سلسلة من المظاهرات في القطيف مطالبة بخروج القوات من البحرين، واستنكارا للجرائم التي ترتكبها هذه القوات بحق الشعب البحراني المظلوم..

 

 خروج الحرائر في المظاهرات وإعلان "جمعة الحشد"..

يوم الخميس ٣مارس ٢٠١١ شهدت مناطق عدة في محافظة القطيف و منها بلدة العوامية مسيرات احتجاجية شارك فيها المئات وتميزت بمشاركة نسائية لافتة، وكان من أبرز مطالبها الإفراج عن الشيخ توفيق العامر -الذي اعتقل قبل أسبوع على خلفية مطالباته الحقوقية والسياسية والتي منها المطالبة بالملكية الدستورية ورفع التمييز الطائفي- وعن السجناء "التسعة المنسيين". وقمعت المسيرة بواسطة قوات مكافحة الشغب التي قامت بتفريق المتظاهرين.

"جمعة الحشد"٤مارس ٢٠١١ كانت المملكة السعودية في هذه الجمعة على موعد مع اعتصام في العاصمة الرياض، وتحديدا في جامع الراجحي خرج محمد الودعاني الذي دعا في وقت سابق وعبر مقطع فيديو على مواقع التواصل للتظاهر في ذلك اليوم، و أطلق عليه اسم "جمعة الحشد" وخرج معه العشرات من المواطنين..

وفي الأحساء خرج مئات الشباب من مسجد أئمة البقيع بالهفوف وتوجهوا إلى مقر محافظة الأحساء، ورفعت في المسيرة صور للشيخ توفيق العامر وشعارات تطالب بالإفراج عنه، وردد المتظاهرون هتافات "الشعب يريد إخراج الشيخ توفيق" و"سلمية.. سلمية". فيما أحاطت قوات الأمن الخاصة بمقر محافظة الإحساء دون أن تعترض المتظاهرين.

وأما القطيف فقد استمرت فيها المظاهرات المطالبة بخروج السجناء "التسعة المنسيين" والشيخ توفيق العامر ورفع التمييز الطائفي.

 

الملك يلتقي وجهاء ورجال دين من القطيف..

فِي يوم الثلاثاء ٨ مارس ٢٠١١ أطلق سراح نحو ٢٥ مواطنا من القطيف، اعتقلتهم السلطة الأسبوع الماضي على خلفية خروجهم في مظاهرات خرجت للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، و رفض التمييز الطائفي، و جاء ذلك بعد لقاء الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز بوجهاء ورجال دين من القطيف.

 

سيارات مكافحة الشغب تملأ شوارع القطيف..

في يوم الأربعاء  ٩مارس ٢٠١١ خرجت مسيرة في مدينة القطيف شارك فيها المئات رافعين عدة مطالب موجهة للسلطة في المملكة كان أبرزها إطلاق سراح "التسعة المنسيين" و بحسب شهود عيان فإنّ المسيرة التي شارك فيها أكثر من ٤٠٠ مواطن جابت شارع "الثورة" في قلب المدينة قبل أن تنعطف نحو الشوارع الداخلية في الأحياء المجاورة.

ورفع المتظاهرون أثناء المسيرة شعارات تدعو للوحدة وتنبذ الطائفية والتمييز الطائفي. في ذلك اليوم لوحظ انتشار دوريات الشرطة بكثافة في شوارع المدينة.

 

الفيصل يتهم الحراك بأتباع جهات خارجية..

و في مؤتمر صحفي عقده وزير الخارجية آنذاك سعود الفيصل بمقر فرع وزارة الخارجية في منطقة مكة المكرمة قال الفيصل إنّ الحوار هو أفضل سبيل من أجل التغيير في المملكة السعودية وليس الاحتجاجات.

وذكر الفيصل أن "أفضل وسيلة للوصول لما يريده المواطن هو طريق الحوار"، وحذر من أي تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية للمملكة.

وتابع أن "التغيير يتحقق من خلال مواطني المملكة وليس من خلال أصابع أجنبية لا تحتاجها السعودية"، مؤكدا "سنقطع أي أصبع يمتد إلى المملكة"

 

 القمع بالرصاص الحي..

يوم الخميس ١٠مارس٢٠١١ نزل مايقارب ٨٠٠ من المواطنين  بينهم نساء إلى شوارع مدينة القطيف رافعين عدة مطالب منها إطلاق سراح المعتقلين و رفع التمييز الطائفي.

وحين وصلت التظاهرة إلى وسط المدينة وقاربت على الانتهاء بدأ الجنود بإطلاق النار على المتظاهرين، فأصابوا ثلاثة شبان منهم بجروح متوسطة. إطلاق النار استمر لحوالي 10 دقائق، و وصل عدد القوات الأمنية نحو 200 كانوا منتشرين في المكان.

زعم متحدث باسم وزارة الداخلية إن قوات الشرطة أطلقت النار في الهواء بعد أن تعرضت لهجوم مما أسفر عن جرح ثلاثة بينهم شرطي.

 

جمعة الغضب..

"جمعة الغضب" ١١مارس ٢٠١١ دعا مجموعة من الشبان السعوديين على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك إلى التظاهر في هذا اليوم للمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية.

في الرياض انتشرت قوات الشرطة بشكل مكثف وجابت المروحيات سماء الرياض وأقيمت نقاط تفتيش على الطرق المؤيدة إلى الأماكن المحددة للتظاهر وفيها.

أما في الأحساء فقد هاجمت قوات مكافحة الشغب وعناصر الشرطة متظاهرين وطاردتهم في الشوارع والأزقة واعتقلت عدداً منهم. حيث خرجت مسيرات في مدينة الهفوف من أمام مسجد أئمة البقيع، شارك فيها المئات وسط انتشار أمني وتحليق مروحيات في سماء الأحساء.

وجرح متظاهر واعتقل ١٤ شخص بينهم أحد رجال الدين وهو الشيخ علي الوايل وقامت السلطات السعودية بفرض حظر تجول في المنطقة.

أما القطيف التي ما سكنت فيها الاحتجاجات  منذ انطلاقها في فبراير انتشرت قوات مكافحة الشغب وسط المدينة كما حلقت مروحية على علو متوسط  في سمائها.  وخرجت مظاهرات في القطيف وصفوى والعوامية وأم الحمام.


وزير الداخلية: الأشرار أرادوا أن يجعلوا المملكة مكانا للفوضى!

يوم الأحد ١٣مارس ٢٠١١   تظاهر أكثر من ٢٠٠ شخص أمام وزارة الداخلية  في الرياض للمطالبة بإطلاق معتقلين سياسيين.

وقال أحمد علي وهو أحد المتحجين "شقيقي عمره 18 عاما، تم اعتقاله منذ أربع سنوات ولا نعلم لغاية الآن شيئا عن مصيره، أو حتى التهم الموجهة له".

بينما تحدث آخر عن حالة والده ذي السبعين عاما، والمعتقل منذ عشر سنوات، دون أن يقدم للمحاكمة، أو حتى يحصل على الرعاية الطبية اللازمة حيث أنه مصاب بسرطان القولون.

صرح  وزير الداخلية في ذلك الوقت نايف بن عبد العزيز قائلا إن "شعب السعودية الوفي أحبط مخطط بعض الأشرار لتنظيم احتجاجات يوم الجمعة الماضي".

و أضاف الوزير أن من وصفهم بالأشرار أرادوا أن يجعلوا من السعودية مكانا للفوضى والمسيرات الخالية من الأهداف السامية!.

 

 قمع  الحراك في جزيرة تاروت..

الخميس ١٧مارس ٢٠١١ شوهد عدد من سيارات شرطة مكافحة الشغب تتجه إلى جزيرة تاروت في محافظة القطيف بعد خروج عدة مظاهرات في الأسابيع الماضية في الجزيرة.

 

تهديد الملك و إصلاحات صورية..

يوم الجمعة ١٨ مارس ٢٠١١ ألقى الملك الراحل عبدالله  كلمة هدّد فيها بضرب كل من يحاول زعزعة استقرار المملكة، معلنا عن حزمة من الإجراءات الحكومية تشمل "مكافحة الفساد"، ومخصصات مالية بمليارات الدولارت لرفع الأجور للوظائف العسكرية، وتوفير عدد كبير من الوظائف التي كانت في أغلبها عسكرية، وبناء نصف مليون وحدة سكنية. ثم تلا ذلك إجازة رسمية يوم السبت للطلاب والموظفين الحكوميين.

 

الحراك يتنامى والقمع يتصاعد..

 فِي الجمعة ١٥ أبريل ٢٠١١ خرجت ثلاث مظاهرات حاشدة في  القطيف للمطالبة بحقوق سياسية وإطلاق سجناء و إعلان التضامن مع الشعب البحريني الذي يتعرض للقمع.

وقدرت أعداد المشاركين في مسيرة العوامية بنحو 500 مشارك كان بينهم العشرات من النساء. فيما ناهزت أعداد المشاركين في مسيرة مدينة القطيف 2000 مشارك بحسب تقديرات شهود عيان.

وشهدت القطيف في هذا اليوم تحليق مروحية للأمن، وانتشار كثيف لرجال الأمن ومكافحة الشغب.

وضمن حملات الاعتقال التعسفي  في٢٢أكتوبر٢٠١١ اختطف الطفل علي عبد الله المناسف من قبل قوات الأمن من أمام منزله في بلدة العوامية  حي "الزارة".


 مخطط لتقويض الحراك...

الجمعة ٢٩ سبتمبر ٢٠١١  موعد الانتخابات البلدية ،حيث شهدت أغلب مناطق المملكة مقاطعة للانتخابات و حضور ضعيف للناخبين ، و دعت حركة حسم المواطنين لمقاطعة الإنتخابات احتجاجاً على ما وصفته قمع السلطات الأمنية للمحتجين السلميين ،و لإحباط مخططات السلطات في تقويض المظاهرات المطالبة بالحرية والديموقراطية.

 

الشهداء يوقدون الأمل و يعززون المطالب..

٢١نوفمبر ٢٠١١ المتظاهرون في القطيف يرفعون صور الشهيد ناصر المحيشي -ثاني شهداء الحراك السلمي بعد الشهيد حسن عوجان - والذي قتل برصاص القمع عند أحد الحواجز الأمنية -وصور السجناء المنسيين و أعلام البحرين.

و في نفس اليوم الشرطة السعودية تتسبب في دهس الشاب علي جعفر الصفار و سقوط العديد من الجرحى في اطلاق النار على المتظاهرين في شارع الثورة بالقطيف.

كتبت إحدى صفحات الحراك على "فيسبوك" "بعد سقوط عدد من الجرحى أثر إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين من قوات سلب الأمن السعودي، التظاهرة السلمية في طريقها نحو الشويكة وسوق مياس يغلق بعد سماع دوي الرصاص"

 وفي ذلك اليوم أيضًا استشهد الشاب السيد علي الفلفل بعد أن أطلقت قوات السلطة الرصاص الحي عليه في شارع الثورة ..
 
٢٣ نوفمبر ٢٠١١ استشهد الشاب علي قريريص من سكان بلدة العوامية في شارع الثورة بالقطيف

وبعد عام زاد الشعب إصرارا و إيمانا، انكسرت حواجز من الخوف والخنوع بفضل دماء زكية سفكت لتوقد للحراك شعلة لاتنطفئ..

أضيف بتاريخ :2017/02/19

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد