آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
قاسم حسين
عن الكاتب :
كاتب بحريني

إلى أجمل الأمهات


قاسم حسين ..

من الآن وحتى نهاية الشهر المقبل، ستتدفق على الصحف مئات الأخبار عن تكريم الوزارات والشركات والمؤسسات الأهلية للسيدات، في يوم المرأة العالمي.

للأمهات تقدّم الهدايا والورود، وتُكثر الدول من استعراض إنجازاتها، الحقيقية أو المدّعاة، للمرأة، ويتفاخر بعضها بما حقّقته من تمكين، وتنقضي المناسبة ببرود.

في كلمته بالمناسبة، قال الأمين العام الجديد للأمم المتحدة، إن حقوق المرأة هي حقوق الإنسان، وفي هذه الأوقات العصيبة، حيث تزداد الفوضى في عالمنا، تتعرّض حقوق النساء والفتيات للتقلّص والتقييد والتراجع. أما المدير العام لليونيسكو إيرينا بوكوفا، فقالت إن «مظاهر العنف والظلم والصور النمطية التي تسبب المعاناة لأعداد ضخمة من النساء في حياتهن الشخصية أو المهنية، تؤدي إلى إضعاف المجتمع بأكمله وحرمانه من إمكانات هائلة من حيث الإبداع والقوة والثقة بالمستقبل».

المرأة في منطقتنا هي الأكثر معاناةً على مستوى العالم أجمع، مع انتشار الحروب والفتن، حيث أصبحت المرأة تتعرّض للقتل والاغتصاب على أيدي وحوش البشر. وفي هذه المنطقة التي تقيم وزناً خاصاً للعفة والأخلاق، أصبحت النساء عرضةً لاستباحة الروح والجسد، وعادت أسواق النخاسة وسط طرب البعض، وصمت الجميع.

لا يكفي توزيع الورود والهدايا على النساء في يومهن العالمي، والتقاط الصور، بينما شهدت هذه المنطقة المنكوبة أوسع عملية انتهاك لكرامة المرأة، حيث تم سبي الآلاف من النساء في المناطق التي استولى عليها التكفيريون، وتم تهجير الملايين من سورية بسبب الحرب الأهلية والتدخلات الخارجية. وفي خضم هذه الفوضى تعرّض الكثير من النساء في البلدان العربية الأخرى للقتل في الغارات الجوية أو السجن.

في السنوات الماضية، كنّا نستعيد في هذه المناسبة قصيدة الشاعر الفلسطيني محمود درويش، «أجمل الأمهات» وهو يعزف على أوجاع كل أم فلسطينية: أجمل الأمهات التي انتظرت ابنها فعاد مستشهداً فبكت دمعتين ووردة. ولم تنزوِ في ثياب الحداد. صامدون هنا. قرب هذا الدمار العظيم. وفي يدنا يلمع الرعب. وفي القلب غصنُ الوفاءِ النضير. صامدون هنا باتجاه الجدار الأخير.

اليوم، في كل بلد عربي، حيث انتشر الرعب، وسط هذا الخراب العظيم، هناك آلاف الأمهات الجميلات، اللائي ودّعن أبناءهن الوداع الأخير. شامخات الجباه مثل المنائر والقباب.

درويش كان سجيناً، وكان الإسرائيلي يتفنن في تعذيب ضحاياه، وحين جاءت أمّه العجوز تحمل له طعاماً وقهوة، منع الطعام، وسحب إبريق القهوة وسكبه على الأرض، فاشتعل درويش حزناً وهو يرى الدموع الحائرة تترقرق في مآقيها، فكتب أجمل قصائده على علبة السجائر: أحنّ إلى خبزِ أمي. وقهوةِ أمي. ولمسةِ أمي.

إلى أجمل وأنبل وأشرف الأمهات... نهديك قبلتين ووردة... يا أعطر الورود وسر هذا الوجود.

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2017/03/10

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد