آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
أحمد عسيري
عن الكاتب :
- ولد عام 1373 هـ، بقرية الملاحة بمنطقة عسير.rn- حاصل على دبلوم معهد المعلمين عام 1393هـ.rn- عمل معداً ومقدماً لمجموعة من البرامج الإعلامية بالتلفزيون السعودي.rn- مدير جمعية الثقافة والفنون بأبها، شاعر وأديب نشر له العدد من القصائد.

لأكثر مبيعا ليس الأفضل

 

أحمد عسيري ..

قلنا ذات خاطرة: إن الكتاب الورقي لا يزال على قيد الحياة، حيا يرزق، رغم كل التمثلات البائسة والرثائية التي تبشر بموته وقرب الانعتاق من هيمنته التاريخية والمعرفية، بل لا يزال يمعن في مساجلته وتيقظه وغلبة تداعياته التغييرية في نسيج الحياة وتحولات الأمم، وتأجيج سلطة المعرفة وتشوفاتها المستقبلية وحواضنها المتبصرة، كنت أتساءل وبإلحاح ذهني، ما دورنا في صنع الشغف ومتعة القراءة لهذا الجيل؟ الذي أصبح فريسة تتناهبه كل مكتسبات العصر وملهياته وتقنياته المستحدثة، وإرهاصاته بكل جبروتها، حين تعمل مضختها المضادة لفعل القراءة ومتعتها، يقول «توماس كارلايل»: «الجامعة الحقيقية هذه الأيام هي مجموعة من الكتب»، ويقول الكاتب الفرنسي «دانيال بناك» في كتابه «متعة القراءة»: «يجب أن نقرأ لنحيا، لم يصبني حزن ما إلا وانتشلتني منه القراءة، القراءة فعل تواصل، القراءة تؤنسن الإنسان، أي يصبح أقل توحشا، إنه لحزن عميق وعزلة داخل العزلة أن يكون المرء منفيا عن عالم الكتب، القراءة تفتح أبواب الخيال»، الملاحظ أن بعض المكتبات ومعارض الكتب تلوح بـ«لافتة» كتب عليها «الكتب الأكثر مبيعا»، كإقرار مباشر، وتسليم مقنن، وتمجيد مؤثر، واختراق مبطن لروح اللحظة النفسية، والقاعدة القرائية للمتلقي وذائقته المحاصرة بذلك الصخب، والهالة والبهارات المضللة، والاحتفاء التأطيري، فعندما تقع ضحية لتلك العناوين الشاخصة والاحتشاد الماكر، فسوف تمتد يدك لشراء ذلك الكتاب «الأفضل»، ولكنك تكتشف فيما بعد، أنك ضحية حملة تسويقية ظالمة، وتسليع فاضح، واقتناص من المؤلف لحدث يفقد حرارته وحضوره الاستثنائي بعد وقت قصير، فالكتاب لا يحمل رؤية مجدية، ولا مضمونا معرفيا، ولا استبصارا عقلانيا منفتحا على المدى الإنساني، والمضامين الفكرية، إنها حالة من التعابث والتغافل والخداع المبيت، والتسلط المهيمن على الإرادة الواعية وغير الواعية، واستسلامها للجاهز، وغلبة الحس الاستلابي واللاشعوري، تحت وطأة بريق الأسماء المتضخمة والمتورمة، ودلالاتها الضاربة في فضاءات المشهد الاستهلاكي. هناك «قناصون» يتحينون أحداث الكون والمجتمعات ومشاغلتها المربكة، لينسربوا في الخفاء إلى خلوتهم ويمكثوا فيها بعض الوقت، ليعودوا حاملين تخثراتهم وهذرهم ومطارحاتهم العجيبة، وبراعة تسويقهم، وضجة إعلامهم وحشود مريديهم، ولذا علينا أن نحذر تلك اللافتات، وما تطرحه في أذهاننا من أطواق وسلاسل وموحيات، وعدم الركون لها، فالبضاعة الجيدة لا تحتاج إلى تسويق فج، وتراسلات عكسية وشفرات خادعة.

 

صحيفة الوطن أون لاين

أضيف بتاريخ :2017/03/23

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد