آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
قاسم حسين
عن الكاتب :
كاتب بحريني

ديوان الخدمة المدنية: وَفَسَّرَ الْمَاءَ بَعْدَ الجُهْدِ بِالْمَاءِ!


قاسم حسين ..

فيما يبدو رداً استباقياً على مطالبة بعض النواب ديوان الخدمة المدنية بتوظيف المواطنين الخريجين العاطلين بدل الأجانب، جاء الرد عمومياً وفضفاضاً وسريعاً على طريقة البيض المسلوق.

ليس في الرد أي جديد لا يعرفه المواطن البحريني، فقد دأب على قراءته نصاً لمئات المرات في السنوات الأخيرة، عبر الردود الجاهزة التي تكتبها الوزارات والجهات الرسمية لتبرير سياسة تفضيل الأجانب على المواطنين.

الأرقام لا تكذب، والواقع يشهد على وفرة الخريجين البحرينيين في أغلب التخصصات التي يعلن عن شغورها ديوان الخدمة المدنية، ويجري توظيف الأجانب فيها. وهي الردود التي نتلقّاها دائماً من وزارات مثل التربية والتعليم والصحة، حينما نضع الأصبع على الجرح، وننتقد سياساتهم في توظيف الأجانب واستبعاد أبناء الوطن.

ديوان الخدمة المدنية، في ردّه الاستباقي على النواب، أشار إلى أن «الاقتراح برغبة بشأن قيام الحكومة الموقرة بتفعيل نص المادة (11) من قانون ديوان الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (48) لسنة 2010، والذي سينظره مجلس النواب في جلسته المقبلة يوم الثلثاء (28 مارس/ آذار 2017)، متحقق فعلياً على أرض الواقع سواءً من الناحية التشريعية أو من الناحية الإجرائية». ومادام ذلك كذلك، فلا داعي لطرح الموضوع في المجلس وإضاعة أوقاتهم الثمينة، ولا المطالبة بتوظيف الخريجين البحرينيين العاطلين بدل الاستمرار في استقدام الأجانب، على طريقة «عندي دوا الناس ما عندي دوا روحي»، فتريد هذه الوزارات الإسهام في حل أزمات البطالة في الدول الأخرى، بينما تتنكر لمسئوليتها الوطنية في توظيف أبناء البحرين.

الاقتراح برغبة كان يتضمن طلب قيام الحكومة بتفعيل نص المادة (11) من قانون ديوان الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (48) لسنة 2010 التي تنصّ على «عدم توظيف الأجنبي في الوظائف الحكومية عند توافر المواطن البحريني المستوفي لشروط شغل هذه الوظيفة». ونحن نؤمن تماماً، بوجود وفرةٍ من الخريجين المؤهلين في أغلب هذه المجالات، ويؤيد كلامنا الأرقام المعلنة، فضلاً عن الواقع المعاش. فوزارة الصحة تستقدم 7 أطباء أسنان أجانب على سبيل المثال، وتدفع لهم كل العلاوات والمكافآت وتذاكر السفر وبدل الغربة والسكن، بينما ينتظر 90 طبيب أسنان بحريني فرصتهم في العمل والمساهمة في خدمة بلدهم.

الكلام العام الفضفاض لا يقنع أحداً من المواطنين، فهناك أزمة بطالة تتجنّب الجهات الرسمية الاعتراف بحجمها، وتقصرها على نسبة 4 في المئة، بينما الأرقام الأخرى تشير إلى أنها أربعة أضعاف ذلك. وسياسة استبعاد المواطن من التوظيف وإحلاله بالأجنبي، تُفاقم من هذه المشكلة، حيث تراجعت مساهمة البحريني في سوق العمل إلى أقل من 20 في المئة، بعد أن كانت فوق السبعين قبل ثلاثة عقود.

ليس في ردّ ديوان الخدمة المدنية أي جديد، وإنّما هو ردٌ مكررٌ لمئات المرات خلال سنوات طوال، وهو خالٍ تماماً من أية أرقام أو معلومات مفيدة. مجرد تكرار لحجةٍ ضعيفةٍ، لا تصمد دقيقتين أمام النقد. فما يُطالب به النواب وعموم الناس، من إيقاف توظيف الأجانب، متحقق بالفعل، حيث أنه لا يوجد خريجون بحرينيون مستوفون للشروط، ولأن الشروط تتوفر فقط في الأجانب، فإننا نفتح الباب على مصراعيه لاستقدامهم باستمرار!

لقد أجهد ديوان الخدمة المدنية نفسه بهذا الرد، الذي جاء على طريقة «وفسّر الماء بعد الجهد بالماء». وهو تفسيرٌ غريبٌ في عالم المال والسياسة والاقتصاد وعلم الاجتماع... وحتى في حب الوطن!

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2017/03/28

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد