آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
نبيلة حسني محجوب
عن الكاتب :
كاتبة سعودية

ذراع زهراء.. المسؤولية والعقاب!


نبيلة حسني محجوب ..
الحادثة الأليمة التي تعرضت لها الشابة العشرينية زهراء خلال عملها في مصنع المحاليل الطبية كمراقبة خط إنتاج، ثم أجبرت على القيام بمهمة خطرة ولا تندرج ضمن مهمتها الأساسية، فكانت النتيجة، بتر ذراعها كاملة من عظمة الكتف، المزيد من التفاصيل في التحقيق المنشور في جريدة المدينة يوم الخميس 23 مارس 2017م .

الحادثة رغم بشاعتها، وبشاعة المأساة التي خلَّفتها، مضت دون مسؤولية أو مساءلة وعقاب، فقط ضحية أو قل ضحايا إذا أضفنا إلى زهراء أسرتها الصغيرة ،أمها المريضة التي فجعت بمصيبة ابنتها بينما كانت هي عصا موسى تتوكأ عليها أمها وتقضي لها كافة الاحتياجات، فجأة بتر أهم أعضاء شابة في مقتبل العمر أثناء وجودها في مقر العمل نتيجة صلف وتجبر المشرفة التي لم تهتم لإصابة موظفة تحت إشرافها.

ألا يوجد من يُعاقب على كل ما حدث لزهراء؟ ألا يوجد من يتحمل المسؤولية، أو جهة مسؤولة تتولى التحقيق في هذه الجناية وفي ملابساتها والإجراءات الارتجالية التي كان يمكن أن تتسبب في فقدان حياة زهراء، خلال نقلها برافعة الكراتين وإركابها السيارة؟ كيف يمكن نقل المصابين في الحوادث بواسطة الأفراد؟ كيف يرفض مستشفى استقبال حالة حرجة « بتر ونزيف وألم « ؟ هل كل هؤلاء يمارسون حياتهم دون مساءلة أو عقاب بينما توقفت حياة فتاة في مقتبل العمر وأصبحت عاجزة حتى عن تمشيط شعرها ؟ ،كيف لا يعاقب المسؤول عن رفض استقبال الحالة كي لا تصبح حياة المواطن على كف عفريت؟

المسؤولية والعقاب لمن تسبب في مأساة هذه الشابة وآلامها وضياع أحلامها في استكمال تعليمها الجامعي أو الزواج وتكوين أسرة صغيرة، بالاضافة إلى مضاعفة مأساة أسرتها التي كانت بالنسبة لهم النور والماء والهواء، أُغلقت كل النوافذ وحجب الضوء وخيم الظلام على هذه الأسرة الصغيرة المستورة التي كانت هانئة بحياتها ودخلها البسيط.

الإنسانية تعني الاهتمام بآلام المظلومين من الضعفاء الذين لا يستطيعون الانتصار لأنفسهم، حياة الإنسان تمثل في دول العالم المتحضر التي نطلق عليهم « كفار « أولوية، الإنقاذ ووسائل السلامة للمحافظة على الحياة لا تخضع للمساومة والتهديد والوعيد أو محاولة إسكات الضعيف، أين هيئة حقوق الإنسان من قضية زهراء؟ وأين جمعيات حقوق الإنسان؟ إذا كنا مسلمين وفي بلاد الحرمين وبعض أصحاب الأعمال بدون ضمير، هنا يتوجب أن يبرز ضمير أجهزة الدولة لتقوم بواجبها تجاه زهراء أولاً وتوفير الرعاية الصحية وإصلاح ما أفسده الإهمال والاستهتار وموت الضمائر، وتقديم الدعم النفسي والصحي والمادي لهذه الأسرة المنكوبة، ومحاسبة ومعاقبة المسؤول أو المسؤولين عن وصول حالة زهراء إلى هذا الوضع المأساوي.

حِرمان فتاة شابة لذراعها في المصنع الذي تعمل به دون أن يتحرك صاحبه لمساعدتها بأي شكل كان ليخفف عنها ألم فقدانها جزءاً مهماً جداً من جسدها، مع ما عانته من آلام وأوجاع؟ أخطاء كثيرة ومسؤولية تقع على عاتق كثير من الجهات ذات العلاقة بالتشغيل والتصاريح والسلامة ووزارة العمل التي أهملت في أمر هذا المصنع وربما غيره كثير لا ندري عنهم حتى تسيل دماء العمال والموظفين البسطاء الذين لا يستطيعون أخذ حق ولا دفع ظلم سوى الصمت أو الموت.

لم يشر المحامي ومسؤولة وزارة العمل إلى المسؤولية الجنائية والمادية والأخلاقية لصاحب المصنع تجاه ما أصاب زهراء والطريقة التي نقلت بها، ووسائل السلامة ومسؤولية المشرفة ، كل منهما ألقى الكرة في ملعب التأمينات الاجتماعية لعلاج زهراء الذي لا يتوفر هنا بالتأكيد، وماهي مسؤولية وزارة العمل عن مثل هذه الدكاكين التي يطلقون عليها مصانع دون إشراف أو خضوع لمعايير السلامة وقوانين حماية العمال والموظفين وتوفير سيارة إسعاف مجهزة لنقل المصابين في حالة وقوع إصابة بدلاً من هذه الفوضى والهرجلة التي تعرضت لها زهراء.

أتمنى وصول قضية زهراء لولاة الأمر لنقلها فوراً للعلاج في الخارج والتكفل بتركيب ذراع صناعية، كذلك محاسبة كل مسؤول تقاعس عن نجدة هذه الفتاة وأفسد مستقبلها وقتل طموحها سواء بالاستهتار أو الإهمال أو التسلط والقوة ، وصاحب المصنع لا بد أن يدفع حساب زهراء إما عاجلاً أو آجلاً .!

صحيفة المدينة

أضيف بتاريخ :2017/03/29

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد