عبدالعزيز الصويغ ..
إذا كان الفساد قد ضرب أطنابه هنا وهناك في بعض الدول، فخرب بنيتها التحتية بمشاريع زائفة كلفت مئات البلايين وانكشفت مع أول زخات مطر حتى أصبحت تعاني من «أعلى حالات الغش في صناعة البناء والتشييد بالمقارنة بأي منطقة أخرى من العالم»، فإن الخطورة الأكبر ليست في المواد أو الخامات التي تستعمل لإقامة البنية التحتية ولكن في البنية الفوقية.. وهي الإنسان!!

***

إن الغش والفساد في البنية التحتية.. (المشروعات الإنشائية) يمكن معالجته بوضع مزيد من المقاييس الهندسية والإجراءات الرقابية لكشف الأخطاء والعيوب التي يرتكبها المقاولون أو الموردون أو المكاتب الهندسية، لكن هناك عيوب تحتاج إلي جهود عظيمة لإصلاحها وهي عيوب البنية الفوقية.. (الإنسان) . فالأخلاق حين تكون عنواناً أساسياً لأي شعب فإنها تساعد أى دولة على النهوض سريعاً مهما أصابها من بأس، والتعامل مع الإنسان أكثر صعوبة من التعامل مع الجماد.

***

الأخلاق هي سمة المُجتمعات الرّاقية المُتحضّرة، وحائط الصد الأول ضد الفساد وضد السرقة، وهى الحافز الأول للعمل والإنتاج وتحقيق جودة للمنتج. والأخلاق هي أساس بناء الدول. ولما أرسل الله تعالى نبيّه محمّداً -عليه الصّلاة والسّلام- جعل من مَهمّات دعوته وصميم رسالته أن يُتمّ الأخلاق ويُكمّلها. قال حبيبنا عليه الصلاة والسلام « إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق «.

***

المعضلة الأساسية هي في الأقنعة التي يرتديها البعض والازدواجية التي تجعل المظاهر هي أساس الحكم على الأشياء حتى لو حجبت وراءها أفعالاً لا تتوافق مع الأخلاق والدين. يظل هناك بعض عذر للمتعطل والجائع والعاجز عن إيجاد مسكن وعن الزواج وعن العلاج، خاصة إذا لعب الأغنياء والمتنفذون حتى بأحلامهم.. فحين تضيع القدوة الطيبة يضيع المجتمع.

#نافذة:

[عندما يكون الميزان صحيحاً نعرف أن فلاناً على حق في فعله وأن الآخر على باطل .. فماذا يحدث إذا كان الميزان نفسه فيه خلل؟]

د. محمد عمارة
 
صحيفة المدينة