آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
علي سعد الموسى
عن الكاتب :
- دكتوراه في الأسلوبية والنقد الاجتماعي للغة من جامعة أسكس. - بكالوريوس في الآداب من جامعة الملك سعود بأبها. - ماجستير في اللغويات النظرية من جامعة كلورادو.

هل هذا قانون


علي سعد الموسى ..

قلت لرجل المرور: لا تفسير لدي لمثل توزيع هذه القسائم بالجملة إلا الرغبة بالجباية المكشوفة. أنا مع النظام ومع القانون، ولكن بشرط اكتمال كل الثقافة وشروط الإجراءات التي تضمن لي مخارج النجاة من المخالفة، القصة بالضبط هي ما يلي: كنا بعشرات السيارات نقف على الرصيف «المدفوع بثمن» في قلب المدينة، كلنا نود شراء القسائم من الجهاز الآلي على ناصية الشارع، وكلنا تحولنا إلى شحاذين للقطع المعدنية من النقود التي لا يقبل الجهاز غيرها بالطبع. طفنا كل الدكاكين فلم نجد مبادلة لهذه القطع المعدنية التي تحولت إلى كوابيس أسئلة لدى هؤلاء الباعة، وفي الأخير، تركت سيارتي في مكانها بعد نقاش طويل مع موزع قسائم المخالفات. قلت له لا يوجد لدينا سوى الورق النقدي وسأترك القصة لضميرك. أريد أن أدفع ضعف المطلوب في ثمن تذكرة موقف السيارة فنحن «ثقافة» لم تتعود على القطع النقدية المعدنية التي لا نعرف منها إلا حبة «العلك» لإكمال الباقي من يد صاحب البقالة. وأمام عيني حرر قسيمة المخالفة إلكترونياً، ضحكت ومشيت.

القصة برمتها هي في هذه المعادلة: لا يمكن تطبيع وتطويع أي قانون أو تنظيم إلا بعد توفير كل المستلزمات الضرورية في حياة من لا يريد أن يخالف القانون. في هذه الحالة بالتحديد، تم توفير أجهزة شراء المواقف من الاختراع البدائي المنقرض في شوارع مدن العالم منذ ثلاثين أو أربعين سنة، أظنهم استوردوها من رجيع لندن وباريس. قد لا يعلمون أن الأجهزة الحديثة اليوم تتعامل بكفاءة وسلاسة مع بطاقات الائتمان وأجهزة الصراف، بل وأيضاً مع الأرقام السرية على شاشات هذه الأجهزة دون حاجة سوى لأصبع واحد لطباعة هذه التذكرة. هذا مثال واحد من عشرات الأمثلة الأخرى من النظام وغياب ثقافة القانون. لا يمكن مثلاً التفكير بزيادة أسعار النقل في هذه المدن المترامية الأطراف ولا وقود النقل الذي تحتاجه هذه الملايين ولكن في غياب البدائل: في مدن شاخت وترهلت دون وجود الوسائط البديلة للنقل. في هذه المدينة بالتحديد يسبح الملايين يومياً بلا خريطة للباص العام، ناهيك أن «المترو» لم يكتب في مخططاته ولا ورقة واحدة. السيارة الخاصة أو الأجرة هي الخيار الوحيد حتى أمام العامل الفقير الذي يصل حافاً جافاً في يومه الأول بالمطار. أنا مع القانون والنظام ولكنني ضد أن يتحول إلى جباية مكشوفة: في جيبي ثلاثة آلاف ريال ولا أستطيع شراء تذكرة موقف.

صحيفة الوطن أون لاين

أضيف بتاريخ :2017/04/03

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد