آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
طارق عبدالله العيدان
عن الكاتب :
محرر برلماني سابق وكاتب عمود في جريدة القبس ، مؤلف كتاب ١٤ يوما هزت الكويت.

تضارب في أرقام خسائر الصندوق السيادي الكويتي


طارق عبدالله العيدان

كشفت الهيئة العامة للاستثمار خلال الأيام الماضية عن إجمالي الخسائر المحققة وغير المحققة للسنة المالية المنتهية في مارس 2016 الخاصة بالصندوق السيادي الكويتي التي بلغت 312 مليون دينار، بينما في المقابل فإن العملية الحسابية للخسائر المحققة وغير المحققة الواردة في تقرير ديوان المحاسبة السنوي الأخير تشير إلى أن ما أمكن حصره من خسائر بلغ نحو 6 مليارات و865 مليوناً و938 ألف دينار.

 إن هذا التضارب في الأرقام يثير علامات استفهام كبيرة ويدعونا إلى التساؤل بصوت عال: من نصدق؟ هل نصدق أرقام الخسائر التي ذكرها بيان الهيئة العامة للاستثمار التي لم تستند في بيانها إلى أي دليل يؤكد صحة ما تقوله، أم الأرقام المجمعة لخسائر الاستثمارات التي سجلها ديوان المحاسبة في تقريره الأخير بناء على اطلاعه وتدقيقه على ما أمكن حصره من استثمارات الهيئة؟ مع الأخذ في الحسبان أن «هيئة الاستثمار» عودتنا دائماً على رفضها الكشف عن استثمارات الدولة وتتحجج بسريتها.
 في الحقيقة ان الأهم من موضوع الأرقام هو وقوع هذه الخسائر في الأساس من دون محاسبة المتسبب فيها، ولماذا تقبل الحكومة باستمرار المسؤولين عن إدارة هذه الاستثمارات في منصابهم والدولة تخسر سنوياً الملايين؟

 إن ما كشفته جلسة مجلس الأمة الأخيرة التي شهدت اعتراف جهات حكومية عدة بخسائر مليونية ضخمة لاستثماراتها في الخارج أثناء مناقشة ميزانياتها وحساباتها الختامية يوضح لنا ما نحن مقبلون عليه خلال السنوات المقبلة، خصوصاً مع غياب الرؤية الحكومية للتعامل مع الوضع الاقتصادي، وانشغال وزير المالية في إعداد النسخة المعدلة والمنقحة من وثيقته للإصلاح الاقتصادي التي أقرها مارس 2016 ولم تفعل أغلبية بنودها حتى اللحظة.

 على الصعيد الشخصي أرى أنه بات من غير المقبول أن تكون لجهات في الدولة، مثل المؤسسة العامة للموانئ، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، والهيئة العامة للقصر، استثمارات متعددة لا تخضع لقوانين ولوائح منظمة لهذه العملية، وهذا يدعونا للمطالبة بضرورة أن يصدر مجلس الوزراء قراراً بتوحيد جهة الاستثمار في الدولة وإصدار لوائح واضحة لآلية الاستثمار، لا سيما أن هناك بعض الجهات في الدولة لا تملك الخبرة في إدارة الاستثمار والأصول، وجميعنا لا شك تابع ما حدث باستثمار إحدى الجهات الحكومية التي أحيلت إلى النيابة العامة أخيراً.

 إن كل ما سبق يدفعنا إلى المطالبة بإعادة هيكلة سياسات الاستثمار وإصدار لوائح جديدة تواكب التطورات في الأسواق العالمية، والدفع نحو المزيد من الشفافية وعدم التفرد في اتخاذ القرار الاستثماري.

 في الختام؛ مواجهة المعضلة الاقتصادية اليوم تتطلب شفافية الحكومة وجهاتها مع مجلس الأمة والأجهزة الرقابية في الدولة، وأولى الخطوات للإصلاح تكمن عبر الكشف عن وضع الدولة الاستثماري لتتمكن السلطة التشريعية من المساهمة في وضع الحلول.

جريدة القبس الكويتية

أضيف بتاريخ :2017/05/31

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد