آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. نعمت أبو الصوف
عن الكاتب :
خبير في شؤون الطاقة

ماذا بعد تمديد خفض الإنتاج لمدة 9 أشهر


د. نعمت أبو الصوف

تلتزم منظمة أوبك وشركاؤها المنتجون من خارج المجموعة باتفاق خفض الإنتاج، اقتناعا منهم بأنهم سينجحون في القضاء على فائض المخزون العالمي. ولكن تمديد الاتفاق لمدة تسعة أشهر أخرى، حتى نهاية آذار (مارس) 2018، يعني أن المنظمة قبلت برأي السوق بأن عملية إعادة التوازن ستستغرق وقتا أطول من المتوقع. وفي اجتماع المنظمة الأخير في 25 أيار (مايو)، ناقش وزراء النفط إمكانية إجراء تخفيضات أعمق، فضلا عن تمديد لمدة 12 شهرا. ولكن الاتفاق على الحصص الجديدة سيستغرق أسابيع من المفاوضات التحضيرية، التي لم تبدأ بعد.

ولكن من خلال السماح لهذه الفكرة التصاعدية بالانتشار في الأسواق، رفعت "أوبك" بعض التوقعات. عندما أدركت الأسواق أن تخفيضات المنظمة ستبقى عند 1.2 مليون برميل في اليوم (ونحو 0.6 مليون برميل في اليوم من المنتجين من خارجها)، انخفضت الأسعار، وخسرت نحو 2 في المائة قبل اختتام الاجتماع. وبعد تأكيد الخبر، وصل هذا الانخفاض إلى ما يقرب من 5 في المائة، وانخفض خام بحر الشمال برنت إلى ما دون 52 دولارا للبرميل وتراجع خام غرب تكساس الوسيط نحو 49 دولارا للبرميل.

وعلى الرغم من ذلك، يرى عديد من المحللين أن تمديد فترة التخفيض تسعة أشهر سيؤدي إلى عودة مخزون دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى متوسط السنوات الخمس. وأضافوا أن تخفيضات منظمة أوبك، مع بقاء كل شيء دون تغيير، تكفي للقضاء على فائض المخزون، ربما في الربع الأول من عام 2018 إن لم يكن عاجلا. ولكن، قد لا يبقى كل شيء على حاله. مع تركيز كل اهتمام المنظمة على مخزون دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يبدو غائبا تأثير تخفيضاتها لدعم الأسعار في قطاع النفط الصخري الأمريكي، حيث الإنتاج في ازدياد.
في هذا الصدد، قال رئيس أبحاث سلع الطاقة في بنك باركليز إنه يتوقع أن يرتفع الإنتاج البري للولايات الـ 48 السفلى بنحو 1.2 مليون برميل في اليوم هذا العام. وأضاف أن توقعاته ربما تقصّر بنحو 300 ألف برميل في اليوم. وفي السياق نفسه قال محلل متخصص في النفط الصخري خارج مقر المنظمة في يوم الاجتماع نفسه، إنه إذا نجحت منظمة أوبك في الحفاظ على أسعار النفط عند نحو 50 دولارا للبرميل، فإن إنتاج النفط الصخري سيرتفع بمقدار 100 ألف برميل في اليوم شهريا خلال الأشهر الـ 18 المقبلة. على النقيض من ذلك، يتوقع أحدث تقرير للمنظمة أن ينمو إنتاج النفط الصخري بمعدل 614 ألف برميل في اليوم في عام 2017.

في الوقت الذي أقرت فيه المنظمة أن التخلص من فائض المخزون سيستغرق وقتا أطول مما كانت تتوقع، خفضت "أوبك" أيضا من توقعاتها لأسعار النفط. في العام الماضي، كان الحديث يدور حول انتعاش الأسعار أو تثبيت أسعار النفط عند مستوى أعلى. في هذا الاجتماع، الغرض من التخفيضات هو الحفاظ على الأسعار من ركود آخر.

أما فيما يتعلق بتمديد فترة التخفيض إلى تسعة أشهر، فإن الأشهر الثلاثة الإضافية (إضافة إلى ما كان متوقعا في الأصل أن يكون تمديد فترة التخفيض ستة أشهر)، لا معنى لها إلى حد كبير. حيث ستجتمع المنظمة مرة أخرى بعد ستة أشهر وستقيم وضع السوق وما تحتاج إلى القيام به بعد ذلك. وعلى افتراض أن التخفيضات ستستمر لكامل المدة المتفق عليها، فهذا يعني أن منظمة أوبك لا تزال بحاجة إلى تحديد خطة خروج. وفي حالة نمو إنتاج النفط الصخري بسرعة كما يتوقع المحللون، فإن انتهاء اتفاق "أوبك" في نهاية آذار (مارس) 2018، يعني أن عودة تخفيضات المنظمة 1.2 مليون برميل في اليوم إلى الأسواق، يمكن أن يطغى على إعادة التوازن مرة أخرى.

في هذا الجانب، تعتقد المنظمة أنه بحلول ذلك الوقت سيتخلص نمو الطلب على النفط من بعض الفائض أيضا ـــ حيث أشار بعض المحللين إلى مجموعة من السيناريوهات لنمو الاستهلاك، تصل إلى 1.6 مليون برميل في اليوم. ولكن من المرجح أن تواجه "أوبك"، خلال تسعة أشهر، السيناريو نفسه الذي واجهته في 25 أيار (مايو). وسيتعين عليها أن تقرر ما إذا كانت تريد أن تبقي على خفض الإنتاج، أو حتى تعمق تخفيضاتها، لتفادي انهيار الأسعار، مع إدراك أن أي دعم للأسعار سيعطي شركات النفط الصخري في الولايات المتحدة الثقة للحفاظ على ضخ مزيد من النفط.

وقبل كل شيء، لم يعط الاجتماع في 25 أيار (مايو) أي تفاصيل حول كيفية إنهاء "أوبك" تخفيضاتها، على الرغم من أن بعض وزراء المنظمة قالوا للصحافيين «إن هذا يجب ألا يفسر على أننا لا نملك إستراتيجية للخروج». وأضافوا أن المنظمة لن تتخلى عن السوق، لكنها ستقرر قريبا ما يجب القيام به. على الرغم من أن تمديد خفض الإنتاج قد يساعد على خفض المخزونات في النصف الثاني من عام 2017، إلا أن بعض المحللين يقولون إن عدم الوضوح حول إستراتيجية الخروج قد ينتهي بوضع ضغوط هبوطية على الأسعار. وأضافوا أنه إذا لم تدرك "أوبك" الرسالة بوضوح متى وبأي وتيرة سيعود إنتاجها إلى الأسواق، فإنها ستتعرض لخطر ضعف أسعار النفط نظرا لأن الأسواق في نهاية المطاف ستشهد ارتفاعا في إنتاج "أوبك" عندما ينتهي الاتفاق.
لقد دخل اتفاق تمديد خفض الإنتاج حيز التنفيذ منذ بداية الشهر الجاري, ما يدل على أن المنظمة على استعداد للحفاظ على خفض الإنتاج إذا لم يتم التخلص من فائض المخزون بالسرعة المطلوبة. بالنسبة لمنتجي النفط الصخري في أمريكا الشمالية، فسروا ذلك بمنزلة الضوء الأخضر لضخ مزيد من النفط، حتى لو أدى ذلك إلى ارتفاع المخزون وإضعاف الأسعار ـــ حيث يراهنون على أن "أوبك"، التي تعمل على تخفيض المخزون، ستستمر بالتخفيض، أو حتى تعميقه لإعادة التوازن. لذلك من المرجح أن تواجه المنظمة تحديات كبيرة في اجتماعها المقبل، ما يضعها أمام خيارات صعبة.
 
صحيفة الإقتصادية

أضيف بتاريخ :2017/06/07

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد