آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الوهاب الشرفي
عن الكاتب :
‏‏‏محاسب قانوني معتمد ، رئيس مركز الرصد الديمقراطي (اليمن) ، كاتب ومحلل سياسي .

ما احتمالات تدخل عسكري سعودي إماراتي في قطر؟

 

عبدالوهاب الشرفي

تبدو الأزمة الخليجية أزمة في بالغ الحدة بشكل واضح ، و  لدرجة أن البعض يرتب على حدتها احتمال تدخل عسكري سعودي إماراتي في قطر إذا لم تنصع للمطالب العشرة السعودية بل أن البعض يرى أن تلك المطالب قد صممت أساسا بشكل لايمكن الاستجابة لها عمدا وان القرار هو التدخل العسكري .

 

تداولت أخبار أن هناك قوة إيرانية وصلت على وجه السرعة إلى قطر لتقوم بحماية الأمير وأنها تحيط بالقصر الأميري لتأمينه  ، كما تداعا البرلمان التركي على عجل و اقر نشر قوة عسكرية تركية في قطر وردت الأخبار أن قوامها 5000 جندي تركي وقد بدءوا بالوصول إلى قطر بالفعل  .

 

قرقاش وزير خارجية الإمارات يغرد أن الاستقواء بالخارج و المكابرة و العناد لن تحل المشكلة و أن الحل يتطلب التعقل و الحكمة وليس الهروب إلى الخارج ويستغرب من أن الاستقواء تم بالأطراف التي هي أساسا سبب المشكلة أو هكذا أراد أن يقول .

 

تطلب السعودية والإمارات من قطر تغييرا في سياساتها وعلاقاتها و هو أمر موجه بوضوح إلى إيران و حزب الله وحماس و ما الحديث عن الإرهاب إلا للتغطية على هذا المطلب فالجميع يعرف إنه وارط في ملف الإرهاب بطريق أو بأخر و لا يستطيع أي طرف منها جميعا بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية أن تذهب بعيدا بشكل  فعلي في هذا الاتجاه .

قطر دولة ذات سيادة و كتله مالية وسياسية ومالية وازنة . وذهب البعض للمقارنة بين القدرات العسكرية للسعودية والإمارات وحلفائها ضد قطر وبين قطر و ماهي قدرة قطر للدفاع عن نفسها في مواجهة أي اجتياح قد تتعرض له ، و بالطبع يضل الميزان العسكري يرجح بشكل واضح باتجاه التحالف السعودي ويمكنه في ضل تجريد كل العوامل أن يجتاح قطر في ساعات بالفعل .

 

العمل العسكري ضد قطر هو أمر ليس محل النظر في إمكانيته القدرات العسكرية فقطر من الناحية هذه تعرف تماما الفرق العسكري الكبير الذي لا يمكن التغلب عليه بشكل فاعل لهذا فهي تحمي نفسها أساسا بتحالفات عريضة قادرة أن تحقق لها قدرا من التوازن العسكري مع أي قوة أخرى و مع ذلك تضل العمل العسكري تجاه قطر أو تجاه أي دولة  متعلقة حتى بالقدرات العسكرية ابتداء .

 

تضل مسألة التدخل العسكري في قطر مسألة متعلقة بالحق في التدخل وهذا الحق لا تمتلكه السعودية والإمارات لا شكلا ولا مضمونا ، فالسعودية و الإمارات ومن معهما هي دول مثلها مثل قطر و ليس لهما صفة للتدخل في دولة أخرى ، وليس الوضع كما هو في اليمن مثلا حيث كان هناك طلب من ما يسمى ” الحكومة الشرعية ” تم بدء العمل العسكري بناء عليه بينما التدخل العسكري في قطر سيكون هدفه هو تغيير الحكومة الشرعية وهذا الأمر لا حق لهما فيه ولا يمكن بدء عمل عسكري بناء عليه .

 

يضل لا مجال أمام السعودية والإمارات للتدخل ضد قطر بعمل عسكري إلا بالتحصل على  قرار أممي يمنح لهما  الحق بذلك أو يجيزه وهو أمر غاية في الصعوبة في حق قطر فلا يمكن في ضل خارطة تحالفات قطر و في ضل معادلات التنافسات الإقليمية و العالمية أن تتحصل السعودية و الإمارات على مثل هذا التفويض بشكل مطلق .

 

لا يجب أن يفهم إنني أقدم شهادة حسن سيرة وسلوك للإمارات و السعودية بأنهما يلتزمان أو يتحريان القانون عند الإقدام على خطواتهما وإنما إقدامهما على عمل عسكري تجاه قطر دون توفر غطاء قانوني يعطيهما الحق في ذلك يعني نقل الأزمة مع قطر إلى أزمة عالمية ستمثل انتهاك حق غير دولة في مقدمتها روسيا و الصين في أن يكون لهما موقف في ملف متعلق بالأمن و السلم الدوليين ، أي أن الأمر سيصبح أضرارا ومساسا بالحضور الأممي بالنسبة لدول عظماء لن تقف صامته أمام انتهاكه .

 

مسألة التدخل العسكري في قطر مسألة غير مطروحة على الإطلاق في ضل الواقع العالمي الحالي منذ البداية ، فهي – كما سبق –  غير ممكنه  قانون فلا طلب من حكومة شرعية ولا قرار أممي يجيز ذلك كما أنها غير ممكنة عسكريا فتحالفات قطر العريضة تمنع ذلك ، ومع ذلك تم  إشباع المجال الإعلامي العربي بذهاب الأزمة الخليجية  باتجاه تدخل عسكري – وهو ترويج إعلامي  كان متعمد على مايبدوا – بينما كان المعنيين على معرفة بعدم إمكانية ذلك  وكانوا يشقّون طريقا أخر للتعامل مع قطر و هو الطريق الممكن للسعودية و الإمارات .

 

فجأة وفي تصرف غير مسبوق في إطار العلاقات الخليجية بدأت صحف السعودية تتحدث عن أن الحق في الحكم ليس لأسرة تميم وإنما هو حق لفرع آخر من أسرة آل ثاني  كان قد  تم الانقلاب عليهم قبل عقود ، وهو حديث يمثل تجاوزا للخطوط الحمراء في الأزمات الخليجية ويعكس حدة الأزمة و يظهر النوايا السعودية و الإماراتية بل وفضح مخططها للتدخل في قطر خصوصا وقد أرفق باصطناع شخصية ادعي أنها من آل ثاني و بدء الترويج لها عبر وسائل الإعلام .

يتطلب الأمر في حال توقع عمل عسكري أن يتم الاحتياط بقوات كبيرة و بمصاحبة معدات عسكرية لكن ما احتاطت به قطر هي قوة إيرانية تأمن القصر الأميري – إن تأكد – و قوة قدرها البعض 5000 جندي لا أكثر ولا حديث عن أي جوانب عسكرية أخرى .

 

كان التدخل الذي لوحت به السعودية و الإمارات هو العمل على تغيير الحاكم القطري واستبداله بحاكم أخر يكون منسجما معها و يحقق لها ماتريد من تغيرات في السياسة القطرية وهذا الأمر حدوثه هو بانقلاب داخل قطر يطيح بتميم و يأتي بالحاكم المنسجم الذي كانت قد بدأت صناعته إعلاميا .

 

العمل  على أحداث انقلاب في قطر هو الأمر الذي يمثل خطورة حقيقية على الحاكم في قطر وليس التدخل العسكري خصوصا في ضل عدم وضوح الموقف الأمريكي في أيام الأزمة الأولى ، وهو بالفعل ما احتاطت له قطر عن طريق حضور عسكري من إيران وتركيا  – تغلب عليه السمة الأمنية وليس العسكرية – للمساعدة في السيطرة في حال محاولة زعزعة الداخل القطري من جهة و كذلك الموقف السياسي الذي يحمله هذا التدخل الذي عنوانه العريض لا سماح بالانقلاب على تميم من جهة أخرى .

 

احتمال التدخل العسكري كان صفر منذ البداية و أصبح احتمال انقلاب عسكري لتغيير تميم بعد الموقف التركي خصوصا والإيراني بالتبعية و أيضا وضوح المواقف الدولية المهمة و الأممية احتماله صفر أيضا . وهذه الخيبة هي وراء تصريحات قرقاش التي  بدأت بالحديث عن التعقل و الحكمة ، ذلك التعقل و تلك الحكمة التي أهدرتهما السعودية والإمارات في اتخاذ قرارتهما تجاه حليفهما السابق في أكثر من ملف و التي وصلا فيها إلى طرد المواطنين القطريين و ليس الدبلوماسيين فقط .

 

رئيس مركز الرصد الديمقراطي ( اليمن )

 

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/06/10

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد