آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. أسعد عبد الرحمن
عن الكاتب :
باحث وكاتب سياسي

زيارة ترامب في عيون إسرائيلية


د. أسعد عبد الرحمن

عاد الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) إلى البيت الأبيض بعد “زيارة ناجحة” بالمقاييس الأمريكية بالنسبة لواشنطن، فيما كان الوضع مختلفا بالنسبة لإسرائيل، حيث وصفت معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية زيارة (ترامب) لإسرائيل بأنها “زيارة تاريخية”، وذلك مع ملاحظة تباين لافت تجلى في مواقف ثلاثة مجموعات تم رصدها من تصريحات ومواقف عديد المصادر الإسرائيلية:

1) اليمين وأقصى اليمين الإسرائيلي اعتبرا أن تصريحات (ترامب) تنسجم كلية مع توجهات حكومة (نتنياهو) المتطرفة. وكان التركيز هنا على أن الرئيس الأمريكي تبنى الخطاب السياسي للحكومة الإسرائيلية فيما يتعلق بعلاقة “الإرهاب” الفلسطيني مع الإرهاب العالمي، ولم يتطرق للاستعمار/ “الاستيطان”، وذكر الشروط الإسرائيلية حول وقف تمويل السلطة الفلسطينية أسرى الشهداء والأسرى باعتباره تمويلا للإرهاب، بل ولم يتردد في تكرار هذا الحديث خلال لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيت لحم، بل إن وزير العلوم (أوفير أكونيس) “الليكود”، صرح بعيد مغادرة (ترامب) إسرائيل، بأنه “سعيد بانضمام عضو جديد لليكود (قاصدا الرئيس ترامب)، ولا مانع لديه حتى من انضمام ميلانيا ترمب عقيلة الرئيس لعضوية حزب الليكود”.

2) المعارضة الإسرائيلية، اعتبرت أن مواقف وتصريحات (ترامب) تنسجم في المجمل مع دعواتها منذ سنوات في مواجهة مواقف حكومة (نتنياهو)، واعتبار الرئيس الفلسطيني شريكا حقيقيا للسلام، وهو ما صرحت به وزيرة الخارجية السابقة وزعيمة “المعسكر الصهيوني” (تسيبي ليفني) من أن “الكرة الآن في الملعب الإسرائيلي. فلقد أكد ترمب أن عباس مستعد للتفاوض واعتبره شريكا للسلام”.

3) الموقف الثالث الذي عكسه المحللون الإسرائيليون، يرى أن الرئيس الأمريكي لم يقدم شيئا، ففاقد الشيء لا يعطيه، حيث أن الرئيس لا يعلم شيئا عن الصراع ولا عن الدولة الفلسطينية، التي لم يذكرها مرة واحدة في خطاباته. وفي السياق، كتبت المحللة السياسية في صحيفة “يديعوت أحرونوت” (سيما كدمون) تقول أن “خطابات ترمب لا تفيد إلا بكيفية عدم قول شيء بكثير من الكلمات! إنه لم يقل أي شيء زيادة عما قاله لنتنياهو في زيارته إلى واشنطن، وملخصه (افعلوا ما شئتم)”. وأشارت (كدمون) إلى أن ترمب لم يأت مطلقا على ذكر “دولتين لشعبين” أو المفاوضات أو حتى عملية السلام، باعتبار أن ما قاله “عملية السلام صعبة” يعرفه الجميع وليس هناك أي داع ليقوله رئيس دولة عظمى.

على صعيد متمم، فإن ما يؤكد تعدد المواقف والتوقعات من زيارة (ترامب) ذلك التفاوت الحاصل في استطلاعات الرأي. ففي استطلاع أعدته “يديعوت أحرونوت” مع معهد مختص في شؤون الاستطلاعات: “63% من الإسرائيليين يعتقدون أنه لا يوجد احتمال لإحراز سلام حقيقي بين إسرائيل والفلسطينيين وأن 33% يعتقدون أنه يوجد احتمال كهذا”. بالمقابل، وفي ذات اليوم الذي صدرت فيه نتائج الاستطلاع، أظهر استطلاع آخر للرأي العام أجرته صحيفة “إسرائيل اليوم” (الداعمة لنتنياهو) بواسطة معهد متخصص، أن “75% من الإسرائيليين يعتقدون أنه لا يوجد احتمال للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في المستقبل المنظور وأن 25% يعتقدون أنه يوجد احتمال للتوصل إلى هكذا اتفاق”. كذلك، جاءت مفاجأة كبرى. فبينما كان اليمين يحتفي بتجاهل (ترمب) حق الفلسطينيين في تقرير المصير، وحل الدولتين، وحدود 1967، وتجميد البناء في المستعمرات/ “المستوطنات”، جاءت مفاجأة عكست حدة الإنقسام الإسرائيلي حين شارك آلاف من مناصري المعسكر اليساري في تظاهرة حاشدة في تل أبيب بمناسبة ذكرى 50 عاما على احتلال إسرائيل أراضي الضفة الغربية تحت شعار “دولتان – أمل واحد”.

أما الوضع عند محللين بارزين في إسرائيل، فقد تفاوت أيضا بين “التشاؤم” و”التشاؤل” دون “تفاؤل” يذكر. فمن جهته، قال الكاتب الإسرائيلي (نتسان هوروفيتس): “من راهن على أن ترمب سيقوم بالعمل الصعب بدلا منا، يعيش في وهم. وهذا بالضبط ما حدث مع باراك أوباما. هذا التفكير بأن كل شيء متعلق بالضغط الخارجي يعبر عن اليأس من سياسة إسرائيل ومن (الشعب الإسرائيلي). هذا تفكير ضعيف: الحديث يدور عن وهم”. أو كما قال (شلومو شمير): “ستبقى أزمة لا تبدو نهايتها في الأفق. بادرات طيبة ودية، تصريحات عاطفة، ابتسامات متبادلة وربتات على الكتف ميزت زيارة الرئيس، الصديق الأكبر لإسرائيل، لم تقرب السلام إنشا واحدا”. بالمقابل، كتب (شمعون شيفر) يقول: “إسرائيل ملزمة بأن تعرب عن موافقتها على تقرير المصير للكيان الفلسطيني الذي تتقرر حدوده حسب خطوط 67، وتكون عاصمته في شرقي القدس. ترمب قال لمضيفيه الإسرائيليين: عليكم أن تقرروا إذا كنتم مستعدين لتقديم نصيبكم في الصفقة”. وفي السياق، لعل ما كتبه المحلل العسكري (رون بن يشاي) يلخص بصراحة متناهية، الموقف إذ قال: “حمل خطاب ترمب الذي ألقاه في متحف إسرائيل ثلاث رسائل: الأولى: إسرائيل هي الحليفة الأقرب، والثانية: إسرائيل ليست المشكلة بل هي الحل لمشكلات الشرق الأوسط، والثالثة: الولايات المتحدة لا تنوي التعامل مع طرفي الصراع بصورة متساوية- وهي تفضل علانية مصلحة دولة إسرائيل”.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/06/22

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد