آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
أحمد الحناكي
عن الكاتب :
إعلامي وكاتب سعودي

«المناهج».. و«قوانين» مكافحة الإرهاب


أحمد الحناكي

 فضلاً على مكافحة الإرهاب أمنياً وإعلامياً وفكرياً ودينياً، فإن مراجعة المناهج عامل مهم جداً لمكافحته خصوصاً في المرحلة الابتدائية، كونه يتعلق بأذهان الأطفال الذين يتلقون المعلومات بذلك السن من دون تمحيص، بل كـ«مسلمة» يجادلون بها حتى والديهم.

كثيرون يختلفون معي لأسباب كثيرة، لكنني ومن خلال تجربتي بالعمل في بريطانيا في الفترة الزمنية من 2003 حتى 2013 تقريباً، كانت أعمار أطفالي في عامنا الأول ثماني سنوات وأربع سنوات وسنة، في حين غادرناها وهم في سنواتهم الـ18 والـ14 والـ11، أقول من خلال تجربتي فإنني أستطيع الجزم بأنهم وبالذات الأخيريْن تشرّبوا النهج البريطاني الذي علمهم نقاطاً عدة مهمة، منها الصراحة التامة والجدل والسؤال والمساواة والاعتزاز بالوطن وتاريخه، هل يا ترى نملك في مناهجنا تقديم هذه المميزات؟ أترك الحكم لكل من يقرأ المقالة!

ستصبح ابنتي في الـ16 بعد شهرين، سألتها بعد التفجير الدموي في مانشستر أثناء رجوعنا من مدرستها، هل سمعتي عن التفجير؟ قالت: نعم، وأضافت: للأسف، مما أقرأه في «تويتر» هناك الكثير ممن يتحدث عن أن مسلماً وراء الحدث من دون أن يعقبها بكلمة متطرف (للتفريق بين الإسلام والتطرف)، طبعاً ملاحظتها مهمة، إنما أوضح أنها لم تكن لتعي هذا لو أنها درست في مدارسنا في السعودية.

المفجر الإرهابي هو شخص ليبي وُلد في بريطانيا، وهذا يبدو سبباً قوياً للإسلاميين في السعودية لعدم ربط العنف أو الإرهاب بالمناهج، لكن الواقع والمعطيات تقول «إنه ليس كل مسلم إرهابياً، ولكن الغالبية الساحقة من الإرهابيين هم مسلمون»، هذا من جهة الإرهاب، أما من جهة الربط بالمناهج فلا شك أن المناهج عامل مهم لتوجيه الأطفال، ولكنه ليس العامل الوحيد، فعلى سبيل المثال الليبي واسمه سلمان عبيدي على رغم ولادته ونشأته في بريطانيا إلا أنه من الواضح كان يتعرض لعمليات «غسل» دماغ من محيطه القريب، سواء أكان عائلياً أم البيئة التي ينغمس بها، والكل يعرف أن كثيراً من الجنسيات من العرب أو الباكستانيين أو الهنود أو الصينيين يتقوقعون على أنفسهم ولا يختلطون بغير أبناء جلدتهم، ويلتزمون بكل ثقافاتهم الدينية والاجتماعية لدرجة خطرة.

قبل الليبي هناك مفجرو محطات المترو البريطانية الذين وُلدوا في بريطانيا فيما كانت أصولهم باكستانية، وعلى أي حال الملاحظ أن الهند تقاوم الإرهاب في السينما بشكل مكثف وكثير من الأفلام تناقش ظاهرة المتطرفين الذين يعيشون في الغرب بأسلوب شيق.

مكافحة الإرهاب تتطلب قوانين صارمة لكبح منفذيه ومؤلبيه ومهندسيه، ولحسن ظننا أن الدواعش وغيرهم لا يستطيعون المزايدة على اهتمامنا بالإسلام في المملكة، وعلى حد علمي لا يوجد بلد في العالم يخلو من مظاهر المشاعر الدينية للأديان الأخرى إلا السعودية، ومع هذا لم نسلم من أحداث كثيرة يطغى فيها التطرف على كل شيء. الإرهاب ليس تفجيراً وقتلاً وعنفاً، بل هو أيضاً بالتحريض والتكفير والتحقير والإقلال من شأن الآخرين.

في تغريدة لأكاديمية سعودية أسفرت عن طائفيتها عندما اتهمت الشيعة الذين يعملون في القنوات السعودية باختلاق المشكلات ومحاربة الوطن، وهو اتهام فيه تأليب واستعداء، فضلاً على ركاكته فهي تتجاهل أن القنوات مراقبة ولو كان هناك مجرد شك لتمت معاقبة مديرها المسؤول.
أما الطامة الكبرى فهي استنكارها على أكاديمي آخر هاجم الإرهابي الليبي بقوله «عليه اللعنة»، الطريف أن أحد من علق على تغريداتها قال: «لم يبق إلا أن تطالبينا بعمل تأبين كبير له»، إضافة لكل ذلك تستنكر على الدول حذف المناهج التي تحرض على الجهاد، طبعاً مفهوم الجهاد بالنسبة لها هو ما يصنعه «داعش» و«النصرة».

لست من مطالبي الحجر على الرأي أو قمعه، لكن عند الطائفية لا بد وأن نسن قانوناً يردع هذه المتعصبة وأمثالها الذين يصرون على أن هناك فرقاً بين إنسان وإنسان.
 
صحيفة الحياة

أضيف بتاريخ :2017/07/01

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد