آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عدنان كلكتاوي
عن الكاتب :
كاتب سعودي

السلوك المصرفي بين الواقع والمأمول

 

عدنان كلكتاوي

 

لا يجدر الحديث عن السلوكيات الوظيفية في الحقول المصرفية في ظل غياب أساليب التطبيق الفعلي والمأمول على أرض الواقع من خلال خطط وبرامج تدريبية مكثفة تتجه بوصلتها باتجاه تقويم سلوك الفرد وتحويل أخلاقيات العمل المصرفي إلى عادة يتسم بها المصرفيون في أروقة البنوك في تعاملاتهم مع جمهور العملاء لكسب الثقة في التعامل مع أغلى ما يملكه الفرد، فالكل يشيد وينادي بالنزاهة المصرفية والوضوح والشفافية وغياب الضبابية بغية تجفيف منابع الفساد المالي والممارسات اللاأخلاقية.

 

ولكن لم نشاهد مبادرات خلق الآليات لرصف طريق السير لبلوغ محطات النزاهة، فالكل ينادي بمقت تضارب المصالح، ترسيخ مبادئ سرية التعاملات، تجنب الإعلانات المضللة، حفظ العهود والمواثيق، تحقيق ركائز التنافس الشريف، تكثيف مبادرات القطاع المصرفي في خدمة المجتمع، ومقت التعسف الإداري المؤدي إلى الإحباط الوظيفي ولكن لم نشاهد تلك البرامج التدريبية التربوية الداعمة لتحقيق تلك الرؤية الواعدة والمأمولة في تحويل أخلاقيات المهن المصرفية إلى عادات مكتسبة.

 

قال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ". فلا يكفي أن نقر بالشهادة وأن ربنا الله دون أن نستقيم بأداء الفرائض كما أنزلت، فالدين معاملة ولا يقتصر على طقوس العبادات.. عندها فقط يكتمل نصاب الإيمان في نفوسنا قولا وعملا، كذلك هو الحال في أمور دنيانا فلا يكفي أن نحب العدل والإنصاف فالوجه الآخر هو أن نصحح الظلم والإجحاف، لا يكفي أن نشجع الحسن والوضاءة والجمال بل يجب أن نتعقب القبح، لا يكفي أن نعين على الصدق بل يجب أن نطوق الإفك والبهتان، وعليه فلا يكفي الصدع بالقول إننا مع النزاهة ونكتفي باللافتات بل يجب إظهار نية التغيير بداخلنا وهي ثقافة تحتاج إلى التفعيل لدى "البعض".

 

أتعجب من غياب ثقافة أداء القسم المهني المصرفي في محافلنا المصرفية والتي تعد صمام أمان أخلاقي ضد أي تسريب لا أخلاقي ينجم عن ضعاف النفوس أمام مغريات الضمائر. أتعجب ممن يرى في أداء القسم المصرفي تشكيكا في النوايا والذمم. أتعجب ممن لا يرى فيه أداة تنبيه وإيقاظ وتصحيحا لمسارات السير في أروقة البنوك. أتعجب لماذا لم تتحد بنوكنا الاثني عشر في تبني ثقافة أداء القسم المهني المصرفي كقاسم مشترك ومرآة عاكسة لصفاء ونقاء سريرة العاملين في المحافل المصرفية. أتعجب في عدم التقاء بنوكنا تحت شعار موحد للنزاهة المصرفي ينص على أن النزاهة المصرفية ليست العنصر الأهم بل هي العنصر الوحيد، ويرتدى كوسام يظهر بجلاء اتسام المصرفيين بالنزاهة المصرفية، أتعجب في الاقتصار بإدراج قواعد السلوك المهني المصرفي ضمن تعميم ورقي أو إليكتروني يكتفي في الغالب بإشادة اطلاع الموظفين له، دون إبداء الحرص على خلق آليات التطبيق الأمثل لتلك القيم والسمات على أرض الواقع من خلال تطوير حقيبة سلوك مصرفي لحقن السلوكيات في الجسد المصرفي كأيدولوجيات فكرية يجب تأصيلها في الفكر المصرفي المعاصر من خلال عقد ورش العمل المنهجية، أتعجب في إنفاق الكثير على شركات "تقييم" الأداء البيعي والتسويقي لموظفي الفروع من خلال تفعيل شخصية "المتسوق الخفي" دون استنساخ نفس الشخصية "لتقويم" السلوك الأخلاقي لموظفي البنوك.

 

نحن لا نسيء الظن بقطاعنا المصرفي ولا نشكك في الذمم فنحن نهدف للانتقال من الحسن إلى الأحسن؛ فالضرورة تقتضي الوقوف لوهلة والتفكر بتمعن في كيفية تحويل قواعد السلوك المصرفي من واقع التنظير إلى حيز التطبيق.

 

صحيفة الرياض

أضيف بتاريخ :2017/07/08

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد