آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الله فدعق
عن الكاتب :
فقيه ومفكر إسلامي، أخذ العلوم الإسلامية عن عدد من العلماء في المسجد الحرام وغيره، أبرزهم جده إمام الشافعية حسن فدعق

بالفلسفة ننير العقول ونزيل الرواسب


عبدالله فدعق

العقل ليس رجسا من عمل الشيطان، وليس مناقضا للدين، والفهم الصحيح للإسلام، لا يمكن أن يرفض الفلسفة المتعمقة، أو يحرم التفلسف؛ ومن الأسى المتجدد أن بيننا من لم يزل يعادي الفلسفة ويحرمها

الفلسفة، وحسب مقولات السابقين (بنت الدين، وأم العلوم)، ويعني هذا أن الدين أصل، وأن الفلسفة ممارسة فكرية، ونشاط عقلي منظم؛ فإذا كان الدين يهتم بالإنسان وبالعالم المحيط، فالفلسفة تهتم بذلك أيضا؛ وحتى لو كانت المنطلقات مختلفة، بمعنى أن منطلقات الفلسفة من العقل الإنساني، ومنطلقات الدين من الوحي الرباني، أو حتى لو قلنا بوجود تشابك بين الدين والفلسفة؛ إلا أن تسمية الأخيرة بالتناقضات غير دقيق، ومن يعتبرها كذلك هو من هواة التفسير الخاطئ للدين والعقل معا..

الفيلسوف العظيم ابن رشد خصص كتابا رائعا سماه (فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال)؛ لموضوع الفلسفة، التي كان يعبر عنها قديما بالحكمة، وموضوع الشريعة التي هي تعبير عن الدين، وعالج هناك موضوع علاقة الدين بالفلسفة، وكدليل على هذا قال في الصفحة 31 من الكتاب: «إننا معشر المسلمين نعلم على القطع أنه لا يؤدي النظر البرهاني إلى مخالفة ما ورد به الشرع؛ فالحق لا يضاد الحق، بل يوافقه ويشهد له»، وأضاف في الصفحة 67: «الحكمة صاحبة الشريعة، والأخت الرضيعة، وهما المصطحبتان بالطبع، والمتحابتان بالجوهر والغريزة»..

استخدام العقل الذي أنعم الله به علينا، تطبيق عملي للشكر على النعمة، ومستحيل أن يغضب الله تعالى من عبد استخدم نعمة أنعم بها عليه، بل إن دراسة الأمور العقلية من الضرورات التي لا غنى عنها، لمن يريد فهم أمور الدين والدنيا على السواء، وما على أصحاب العقول إلا فهم أن «العقل نموذج من نور الله» كما قاله الإمام الغزالي، في كتابه (مشكاة الأنوار ومصفاة الأسرار/‏ ص: 44)، وأن «وكيل الله عندك هو عقلك» كما ذكره الجاحظ في الرسالة الثانية (المعاش والمعاد أو الأخلاق المحمودة والمذمومة) من كتابه (رسائل الجاحظ)..

العقل ليس رجسا من عمل الشيطان، وليس مناقضا للدين، والفهم الصحيح للإسلام، لا يمكن أن يرفض الفلسفة المتعمقة، أو يحرم التفلسف؛ ومن الأسى المتجدد أن بيننا من لم يزل يعادي الفلسفة ويحرمها، تعلما أو تعليما، ويصفها بالإلحاد أو الكفر، وأنها من علوم الضلالات التي توقع في الشبهات، وتزلزل المعقدات؛ كل ذلك بسبب أنهم درجوا على ما سمعوه عن غيرهم، وكأنهم المصداق على المقولة الخالدة: «النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا، وَحُسَّادُ مَا مُنِعُوا».  

صحيفة الوطن أون لاين

أضيف بتاريخ :2017/07/30

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد