آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
إدريس الدريس
عن الكاتب :
كاتب ومستشار إعلامي - مقدم برنامج الإسبوع في ساعة على روتانا خليجية

الموت بين فكي باب الطوارد

 

إدريس الدريس

من حق الدفاع المدني أن يأخذ كامل الصلاحيات القانونية التي تخوّله معاقبة كل القطاعات الحكومية والخاصة والمنازل والمباني التي لا تلتزم بتطبيق الاحتياطات الأمنية ضد الحرائق

حوادثنا -دائمًا- جسيمة وخسائرها كبيرة، لكنها رغم كبرها وجسامتها إلاّ أنها تتكرر في أزمان ومواقع مختلفة. ونحن أناس لا نعتذر ولا نتعلّم من الأخطاء، والتكرار فعلاً هو معلّم الشطار ولا يبدو أننا نتعلّم منه.

يحدث الحادث ثم نلطم ونحلطم ونتهدد ونتوعد وننتقد المتسببين ونهجوهم بأقذع الأوصاف لكننا -بعد قليل- ننسى ما مضى ولا نستفيد مما انقضى ولا نعاقب المتسبب ولا نصلح الأخطاء، وندخل بعد كل مرة دائرة الروتين والنسيان والانشغال حتى تفاجئنا حادثة أخرى لنعيد نفس السيناريو الذي حدث من قبل.

والأخطاء هنا ليست حكومية أو تنظيمية بل هي أخطاؤنا التي نتشاركها جميعنا أفرادا ومسؤولين ووزارات وهيئات.

تحدث المآسي في حفلات الأعراس وفي مدارس البنات وفي المستشفيات وفي المناسبات الدينية وفي عمائر الشقق السكنية، وتحدث في بعض المنازل ويتسبب في هذه المصائب كبار المسؤولين التنفيذيين في إدارات الشؤون الصحية أو التعليمية، أو بسبب احتساب رجال الهيئة في مدارس البنات، أو بسبب اجتهاد بعض الأفراد وإقامة الأفراح في سرادق دون اتخاذ الاحتياطات الأمنية.

وحتى مع كوننا كمواطنين نهب جميعًا ونلوم المسؤولين في حادثة مستشفى جيزان ومعنا كامل الحق في ذلك، خاصة ونحن نرى الاستسهال واسترخاص البشر الذي تسبب فيه إهمال عمدي من خلال إغلاق أبواب الطوارئ بالسلاسل؛ لكننا ونحن نصرخ ونغضب لهذا الحادث الشنيع إلاّ أن الغالبية العظمى من المواطنين تقطن بيوتًا يحاصر الحديد نوافذها وتخلو هذه المنازل من أجهزة السلامة وطفايات الحريق.

إن من حق الدفاع المدني أن يأخذ كامل الصلاحيات القانونية التي تخوّله معاقبة كل القطاعات الحكومية والخاصة والمنازل والعمائر السكنية والمدارس التي لا تطبق تعليمات الدفاع المدني ولا تلتزم بتطبيق الاحتياطات الأمنية ضد الحرائق وغيرها من الحوادث المحتملة. وعلى الدفاع المدني أن يتولى الحق في المراجعة الدورية للتحقق من تطبيق هذه الاشتراطات في كل القصور والمساكن بل والمستشفيات ومدارس الأولاد ومدارس البنات والجامعات والجوامع والملاعب الرياضية، وكل أماكن التجمعات البشرية عندنا تخلو من صرامة الملاحظة في جوانب الاحتياطات الأمنية، وسيظل الخطر كامنا في كل مكان وفي كل زمان.

وما حدث في عرس القطيف وقع في مدرسة بنات مكة، ووقع في مستشفى بريدة وأخيرا وقع في مستشفى جيزان، وسيتكرر الأمر طالما أننا لا نتعلّم ولا نود ذلك. وستتكرر المأساة لأن بيوتنا ومدارس بناتنا مثل الزنازن مطوّقة ومسيّجة بالحديد، وسنرى فصولاّ من الحوادث الحزينة التي تسترخص فيها الأرواح البشرية طالما أن أبواب الطوارئ تغير جلدها وتصبح أبوابا للطوارد حيث تطرد الفارين إليها من النار وتردهم من حيث فروا إلى النار.

صحيفة الوطن أون لاين

أضيف بتاريخ :2015/12/28

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد