آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. عبد المحسن يوسف جمال
عن الكاتب :
كاتب ومؤلف كويتي

الشام تتعافى من جراحها


عبدالمحسن يوسف جمال

منذ أيام العرب الأولى كان لليمن والشام موقعهما وأهميتهما سواء على المستوى التجاري أو كموقع استراتيجي يحيط بالجزيرة العربية.

وجاء ذكرهما في القرآن الكريم كموقعين تجاريين لأهل مكة في تجارتهم الصيفية والشتوية.
«لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ. إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ» (سورة قريش ١-٢).

وبعد دخولهما الإسلام أصبح لهما موقع أكثر أهمية، ثم تطورت الأمور وأصبحت دولهما التي تشكلت دولاً ذات أهمية كبيرة على مستوى الإقليم والعالم.

تشاء الصدف أن يتعرضا لأكثر من حرب على مدار تاريخيهما حيث أبدى شعباهما بسالة منقطعة النظير أبهرت الكثير.

اليوم وبعد مرور سبع سنوات حرب تعرضت لها الدولة السورية، خلَّفت دماراً في بنيتها التحتية، وقتلاً وتشريداً في شعبها المسالم، واصطفافات جديدة في دول العالم، ها هو الشعب السوري ينهض من جديد من وسط الركام.

وفي سابقة تاريخية عجيبة يصطف المتحاربون على الأرض السورية في اعتبار من يحارب الشعب السوري من الحركات المسلحة إرهابيين يجب تعاون العالم كله لقتالهم.

حيث أصدر مجلس الأمن الدولي مجتمعاً قرارات بمحاربة حركتي داعش والنصرة ومن لف لفهما والقضاء عليهما.

يرى المراقبون أن ذلك ما كان ليحدث لولا صبر السوريين والتفافهم حول بعضهم ومساعدة الأصدقاء وبالأخص الروس لهم.
الأحداث في سوريا ستظل زمناً طويلاً تدرس على المستويات السياسية والقومية والدولية في مراكز الدراسات والبحوث، كيف استطاع شعب قليل العدد نسبياً مقارعة إرهاب دولي تم تسليحه بمختلف الأسلحة الثقيلة وتزويده بكل المعلومات اللوجيستية والمخابراتية أن يصمد سنوات طويلة، ثم ينتصر، محافظاً على وحدته وتماسكه.

ولعل العالم تفاجأ بالأمس حين صدر هذا الاعتراف من اليميني المتطرف وزير الدفاع الإسرائيلي افيغادور ليبيرمان وهو الأكثر تطرفاً وعداوة بأن الرئيس الأسد «قد انتصر وأن العديد من دول العالم تقف طابوراً تطلب وده ومقابلته».

هذا الاعتراف المتأخر ينم عن مدى تماسك الشعب السوري ووحدته ومدى تأثيره المستقبلي في الواقع العربي الجديد.

من هنا علينا أن نفهم أن الأوروبيين والإسرائيليين يتعاملون مع الأحداث من خلال الواقع وليس من خلال العاطفة، وهذا ما نتمناه من العرب أيضاً، وأن يوقفوا الحروب العبثية ويبدأوا التعامل مع واقع عربي جديد يجب أن يرسموه لأنفسهم لا أن يُرسم لهم، ولعل إعادة إعمار بلاد اليمن والشام هي البداية، فلا يسبقنا إليها آخرون.
 
جريدة القبس الكويتية

أضيف بتاريخ :2017/10/08

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد