قصة وحدث

تأسيس قطر بين الاتفاقيات والمعاهدات

 

* جغرافية قطر ومناخها:
تقع قطر في جنوب غرب آسيا في الجهة الشرقية لشبه الجزيرة العربية على الخليج العربي، وهي شبه جزيرة لها حدود برية مع المملكة السعودية، وحدود بحرية مع الإمارات والبحرين، ولها حدود بحرية على طول الخليج العربي. مساحتها أحد عشرًا ألفًا وخمسمئة وواحد عشرين كيلومترًا مربعًا وتعتبر من الدول العربية صغيرة المساحة.

تجمع أرضها ما بين الصخري المنبسط مع تلال كلسية وأراض خصبة تكثر فيها النباتات الطبيعية في الشمال، أما سواحلها كثيرة التعرج والخلجان وهذه الأخيرة تعتبر بيئة مناسبة للأسماك، فموقعها البحري الهام جعلها محط اهتمام التجار فأضحت موانئها من أهم الموانئ التجارية في شبه الجزيرة العربية، ولأنها تطل على البحر ترتفع نسبة الرطوبة بشكل كبير، ويحكمها مناخ صحرواي كما هي الحال في كل دول الخليج.

تجدر الإشارة إلى أن قطر تمتلك أكبر حقل للغاز الطبيعي على المستوى العالمي وهي ثاني دولة في العالم تمتلك احتياط النفط والغاز.

* تاريخ قطر:
تُظهر الحفريات والقطع الفخارية والنقوش التي وجدت في أراضي قطر على أنها كانت مسكونة منذ 4000 ق.م.، حتى أن بطليموس العالم الجغرافي ذكر قطر في خريطته وسماها قطارًا وتعود هذه التسمية إلى دور قطر بتشكيل أسطول بحري ليتم نقل الجيش أثناء الفتوحات الإسلامية. وقد مر على قطر العديد من الإمبراطوريات والدول التي احتلتها ووضعت يدها عليها، فقد احتل البرتغاليون قطر في عام 922 ه وفي عام 963 هـ، تحررت على يد سليمان القانوني وكما هي حال أغلبية الدول العربية.

وقعت تحت حكم العثمانيين لفترة طويلة من الزمن إلى أن قام آل حميد بثورة ضد العثمانيين وأصبحوا ملوكًا على قطر في عام 1669. وقبل الحرب العالمية الأولى وخلالها كانت الدول والإمبراطوريات تتنافس وتسعى للحصول على ثروات ومقدرات الدول الصغيرة، سيما بريطانيا التي كانت قد دخلت في صراع مستميت مع العثمانيين للسيطرة على سواحل الجزيرة العربية الشرقية المطلة على الخليج العربي وخليج عمان ومضيق هرمز، وبينما كانت تنشط قطر في تجارة النفط واللؤلؤ بدأت عمليات القرصنة والهجوم بهدف السرقة والاستيلاء على السفن القطرية وعلى الموانئ، وقد تزايدت وتيرة هذه العمليات مع بداية الحرب العالمية الأولى فشهدت تراجعًا في صناعة اللؤلؤ والبحث عن النفط كحل لعلاج الأزمات الاقتصادية والمالية التي شهدها العالم في تلك الفترة، الأمر الذي ولد قلقًا وخوفًا كبيرين عند المشايخ.

* إبرام الاتفاقية:
في ظل هذه الأجواء المتوترة وقعت قطر اتفاقية مبرمة مع بريطانيا بين الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني وبين حكومة بريطانيا في 3 نوفمبر 1913 والتي تنص على الحماية البريطانية ضد جميع الأعمال العدائية القادمة من البحر وبمقتضى هذه الاتفاقية وافق الشيخ عبد الله على عدم الدخول في أية علاقات مع أية دولة أخرى بدون موافقة مسبقة من الحكومة البريطانية ، وفي 5 مايو 1935 استطاع الشيخ عبد الله أن يحصل على حماية بريطانيا لقطر من الهجمات الداخلية والخارجية التي تتعرض لها بدون أن تكون هي السبب المحرك للهجمات.. وبعد أن اعترفت بريطانيا بابن الشيخ عبد الله الشيخ حمد وليًّا للعهد في قطر، وقع الشيخ عبد الله أول اتفاقية لمنح امتياز بترولي لشركة النفط الإنكليزية- الفارسية وذلك في 17 مايو 1935، وبالطبع استفادت بريطانيا كثيرًا من هذه الاتفاقية خاصة بعد أن فقدت سيطرتها على الهند وفرضت هيمنتها على دول الخليج لتعوض ما خسرته.

فحصلت على امتيازات نفطية للشركات المملوكة لها مع دفعها لحكام الخليج إلى استثمار عوائد النفط الفائضة لديهم في بريطانيا. هذه الاتفاقية كانت فيما بعد الباب الرئيس لاستقلال وتأسيس قطر كدولة، ولم يحصل هذا بنية طيبة من الإدارة البريطانية بل أن الظروف التي مرت بها بريطانيا سيما عندما قررت الانسحاب عام 1968 من شرقي السويس بما في ذلك الخليج خلال 3 سنوات. بعدها وفي عام 1971 أصبحت قطر دولة مستقلة أخذت على عاتقها رسم جميع سياساتها الداخلية والخارجية.

ولا بدّ من الإشارة إلى أن هذه ليست الاتفاقية الأولى التي أبرمت بين البلدين ولكن خاصيتها تأتي من النتيجة التي تمثلت في استقلال قطر والتي كانت محط أنظار البريطانيين لفترات طويلة ففي عام 1868 وقع الكولونيل بيلي ومحمد بن ثاني زعيم قطر آنذاك على اتفاقية تعهد فيها الأخير بأن لا ينطلق في البحر في أي عمل دون مراجعة بريطانيا، وغيرها من الاتفاقيات والمعاهدات التي أرست سيطرة بريطانيا على قطر.. وفي الوقت الحالي هناك اتفاقيات اقتصادية وتمارين بحرية مشتركة بين القوات البحرية الأميرية والقوات البحرية الملكية البريطانية في المياه الإقليمية التابعة لقطر، وهناك اتفاقيات بين الجانبين في إطار التعاون الدفاعي الثنائي لدعم جهود مكافحة الإرهاب وعمليات التهريب، إضافة إلى إنشاء مقر عسكري لبريطانيا في الدوحة...

وهناك العديد من الاتفاقيات التجارية الموقعة بينهما منها: اتفاقية تعاون اقتصادي وتجاري وفني وقعت ب 19-6- 1976 بالدوحة واتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة في 27-10-2009 بالدوحة، كذلك توقيع مذكرة التفاهم لإنشاء لجنة وزارة مشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني بين الجانبين.

وتجدر الإشارة إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين وصل في عام 2017 ما يقرب من 5,6 مليار ريال قطري، وبلغ عدد الشركات البريطانية العاملة في السوق القطري في مجالات النفط والغاز والبنية التحتية وتكنولوجيا المعلومات حوالي 79 شركة، أما عدد الشركات القطرية البريطانية برأسمال مشترك على الأراضي القطرية فتبلغ 672 شركة.

أضيف بتاريخ :2017/11/03

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد