آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. جمال المنشاوي
عن الكاتب :
كاتب مصري في رأي اليوم

اعتقالات السعودية.. ذبح القطة للمعارضين.. أم حرق مراحل لتولية بن سلمان؟!

 

د. جمال المنشاوي

في الموروث الشعبي المصري أنه عند زواج الرجل ,وفي أول ليله مع زوجته عليه أن يأتي بقطه ويذبحها أمامها بمنتهي القسوه ليخيف زوجته من أول يوم ,فتخضع له وتطيعه ولا تعصي له أمراً.أصبح هذا المثال والنموذج قاعدة لمن أراد أن يخيف ألآخرين ويخضعهم له قبل التعارف والتعامل المباشر والمستمرالبناء علي هذه القاعده قد يعطي بعض التفسير لما حدث في الأيام الأخيرة بالسعودية من حملة اعتقالات لعدد من ألأمراء والوزراء والمسؤلين المرموقين بدعاوي فساد غير مسبوقة.

ولكي نفهم خطورة هذا ألإستنتاج علينا أن نعود لهيكلية النظام السعودي الذي يقوم علي تولي نسل محمد بن سعود حكم السعودية وأخرهم الملك عبد العزيز وأنجاله بالتعاون مع المؤسسة الدينية التي يترأسها دوماً أحد أحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
استمر هذا النسق بعد وفاة الملك عبد العزيز فتولي ابنه ألأكبر سعود ثم فيصل ثم خالد ثم فهد ثم عبد الله فسلمان, وظل الملك دوماً  وولاية العهد والمناصب العسكرية من نصيب الصف ألأول من أبناء عبد العزيز,وكانت وزارة الدفاع من نصيب سلطان وأولاده, والحرس الوطني من نصيب عبد الله وأولاده, والداخلية من نصيب نايف وأولاده, والخارجية كانت مسجلة باسم أبناء فيصل وأهمهم سعود الفيصل, وكان حكام المناطق أيضاَ من أبناء عبد العزيز لكثرتهم, وكنوع من إرضاء الجميع, وكان الملك أحياناً يقوم بتعيين أحد أولاده في منصب شرفي لا يؤثر في القرار لكن يكون قريباً من الأضواء كحالة عبد العزيز بن فهد.

كانت المميزات المالية للأمراء محفوظة من المهد إلى اللحد وبمبالغ فلكية ناهيك عن تكوينهم شركات ومؤسسات يكونون لها غطاء ويحصلون على مناقصات ومشروعات من الدولة ويسندونها بالأمر المباشر لهذه الشركات ويخصمون نصيبهم من المنبع, وكانت كل الشركات الكبيرة  في المملكة بشراكة مع ملك أو أمير وأشهرها بن لادن للمقاولات بشراكة محمد بن لادن مع الملك فهد, وسعودي أوجيه بشراكة رفيق الحريري مع سلطان وغيرها, وكانت كلمة السر دوماً في تسيير الأعمال وتخليصها الشراكة مع أمير مباشرة أو تحت حمايته مع دفع نسبه لها لاخطر من ذلك أن الصفقات الكبرى بالمليارات كصفقات السلاح كان يتدخل فيها الأمراء تدخلاً مباشراً ويحصلون على عمولات بالمليارات وأشهرها صفقة اليمامة مع الحكومة البريطانية ب70 مليار دولار حصل فيها بندر بن سلطان على 4 مليار دولار كما أشارت الصحف البريطانية ومنعت الحكومة البريطانية النشر فيها لمصلحة بريطانيا العليا وغيرها من الصفقات مع أمريكا.

كل هذه ثوابت في نظام الحكم السعودي معروفة ومستقرة لا يزيغ عنها إلا هالك في مقاييس حكام السعودية، ظلت هذه القواعد كما هي حتى مع مرض الملك وعدم قدرته على القيام بأعباء الحكم محافظةً على الاستقرار والشكل العام فعند مرض خالد وعجزه عن الإدارة كان فهد هو من يدير الأمور من وراء ستار, وعند مرض فهد وإصابته بجلطات متكررة كان النويصر مسؤول الديوان مع عبد العزيز بن فهد بمساعدة عمه عبد الله ولي العهد وقتها يديرون الأمور, وعندما مرض عبد الله لعب خالد التويجري بالديوان الملكي الدور ألأعظم في تسيير ألأمور لدرجة منعه بعض ألأمراء من الدخول على عبد الله, وإصدار بعض القرارات المهمة التي تتعلق بالتعيينات في المناصب الحساسة, ولعل هذا ما دفع للتنكيل به ألآن.

تغيرت هذه الثوابت تماما بعد وصول سلمان للحكم بعد وفاة الكبار فهد وعبد الله وسلطان ونايف وهم ألأقوى سلطة ونفوذ داخل الأسرة بحكم السن والمكانة, فقفز سلمان على هذه القواعد فأطاح بأخوانه المقاربين له في السن كسطام ومقرن وغيرهم وألأصغر منه نسبياً كأحمد بن عبد العزيز وغيره, بل وأطاح بالصف الثاني وهم أبناء إخوانه كمحمد بن نايف وعبد العزيز بن فهد وغيرهم لمصلحة إبنه محمد بن سلمان (32)عاماً, فعينه ولياً للعهد بمنزلة ملك فعلي لكبر سن ألأب (فوق الثمانين) ومعاناته من أمراض الشيخوخة وغيرها.

مثّل الصعود السريع والغير متوقع لمحمد بن سلمان زلزالاَ خفياً داخل ألأسرة أولاً بتخطيه كل القواعد المعروفه وإقتحامه المناطق الحمراء بإعتقال ألأمير عبد العزيز بن فهد الذي لو طبق الملك فهد مايطبقه سلمان الآن لتربع عبد العزيز علي عرش المملكه وهو أكبر منه سناً لدرجة توسط والدته الجوهرة البراهيم شقيقة وليد البراهيم مالك (mbcمقبوض عليه الآن) للإفراج عنه, لمعارضته لنفوذ محمد بن زايد على محمد بن سلمان, كذلك الخروج المهين لمحمد بن نايف (52 عاماً) ولي العهد السابق من السلطة ومبايعته لمحمد بن سلمان في لقطة مسرحية بركوع بن سلمان أمامه !ثم ألإشاعات بتحديد إقامته وتهديد الوليد بن طلال (معتقل ألآن ) بسحب إستثماراته من المملكة إن لم يتم ألإفراج عنه. أحدث بن سلمان توتراً غير مسبوق داخل ألأسرة الحاكمة بتلك التصرفات, وأحدث قلقاً وتوتراً مجتمعياً بالقبض على دعاه ومشايخ معتدلين كالشيخ سلمان العودة وغيره بسبب تغريدة تحتوي على دعاء بإصلاح ذات البين بين المملكة وقطر؟! مما يعد إشارة إلى عدم التسامح مع أي محاولة للتعبير الحر عن الرأي مهما كان طالما يخالف توجهات بن سلمان, كذلك يثير غضباً مكتوماً داخل المؤسسة الدينية الرسمية بتقليص دور مؤسسة الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر وفرض مايسمى بمؤسسة الترفية والتي تقوم بدور واضح في تسريع وتيرة التغريب وألإنفتاح على ما كان من المحرمات السابقة.
يستمد محمد بن سلمان قوته من تأييد ومباركة ترامب له بمجرد توليه السلطة إذا قابله بن سلمان وحده في البيت ألأبيض وحصل على مباركته نظير فتح الخزانة السعودية لأمريكا والحصول على 480 مليار دولار من السعودية أنعشت الإقتصاد ألأمريكي وقلصت البطالة.
كذلك تسريع وتيرة التطبيع مع الكيان الصهيوني ودخوله في شراكة مباشرة لتكوين حلف ضد إيران, والتعاون الاقتصادي الذي بدأت تباشيره بالظهور بالحصول على جزيرتي تيران وصنافير بالتنسيق مع هذا الكيان._كذلك تأييد المؤسسة الدينيه لة بإعتباره ولي ألأمر وأن كانت المصداقية لتلك المؤسسة إهتزت إهتزازاً شديدا لتأييدها المطلق لكل قراراته, ومخالفتها لفتاوي سابقة أشهرها تحريم قيادة السيارة للنساء ورجوعها عنها, وسكوتها عن إضاعة ألأموال وإستنزافها بواسطة أمريكا.

ثم تأييدها للإجراءات الأخيرة بحجة مقاومة الفساد؟!يحاول بن سلمان جعل كل خيوط الحكم  واللعبة والسلطة بيده, بوضع مراكز القوة العسكرية تحت يده, فهو وزير الدفاع (وهو خريج حقوق؟!), وأقال متعب بن عبد الله وزير الحرس الوطني الذي يدين بالولاء لعبد الله على خلفية تكوينه القبلي, بل وإعتقله بتهمة الفساد وهو إبن عمه وأكبر سناً منه, وغير رؤساء ألأجهزة الحساسة من مخابرات وغيرها ليضمن الولاء الكامل لها.
يسارع بن سلمان الوقت ليتم توليه الملك في حياة أبيه إذ لا يضمن كيف تسير ألأمور بعد وفاته, بعد التوتر داخل الأسرة الحاكمة وحراك المجتمع الذي بدأ يتكلم ويعارض سرا في الداخل وعلنا بالخارج.

يحتاج بن سلمان للأموال ليستطيع تغطية مطالب أمريكا التي لايستطيع معارضتها, ولتغطية حرب اليمن الباهظة التكاليف. وإسكات الشعب السعودي الذي بدأ يتململ من الغلاء الغير مسبوق, فظن أنه وجد ضالته في هؤلاء المليارديرات المُعتقلين الآن الوليد بن طلال وصالح كامل ووليد ألإبراهيم وغيرهم, ليساومهم على الدفع وتغطية هذه ألإلتزامات بالراحة وإلا كانت المصادرة والتجريس والتنكيل أمامهم جميعاً.
 مقاومة الفساد ورد حق الشعوب والشفافية والنزاهة مطلب شرعي وواقعي وأساسي لتقدم ألأمم, بشرط أن يُطبق على الجميع وأولهم المسؤول عنه وإخوانه وتابعيه وإلا صار لعبة من ضمن لعب السياسة والجعجعة بلا طحن, وتصبح ألإعتقالات والتنكيل جزءاً من سياسة حرق المراحل لتولية الملك الجديد الذي نعتقد أنه لايقدر عواقب ألأمور جيداً مدفوعاً بعنفوان الشياب ورغبة جامحة في الملك وعجز من ألأب عن مسك الزمام, والأخطر أن تعود حادثة أغتيال الملك فيصل للواجهة, ويستحضرها المغامرون والمكلومون من ألأسرة الحاكمة أو غيرها ؟!

رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/11/07

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد