آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
أحمد هاشم
عن الكاتب :
كاتب سعودي

عندما تصبح الفتوى موجها لقيم المجتمع!

 

أحمد هاشم  

ليس هناك منصف ينكر دور الديانات الإلهية أوالـ( ميثولوجيا ) بعمومها في تطور المجتمعات، فالأديان لها دورها التاريخي ( المقدس ) الواضح في كل مراحل تطور البشرية عقليا واجتماعيا , إلا أن المشكلة ليست في الدين أو الأيديولوجية وإنما في الاستغلال الذي يستخدم أي مقدس وأي أيديولوجية لتكريس مصالح طبقة ( مسيطرة ).

في الدين الإسلامي تبرز الفتاوى كموجه للقيم الإنسانية ومحدد لتعاملات المجتمع , إن ذلك ( المقدس ) أصبح بسبب دخول كل من (هب ودب) في صومعته إضافة إلى عدم وجود آلية منظمة لعملية الإفتاء أو جهة رسمية معتمدة لا تسمح للفتوى إلا من خلالها آفة مضرة للاقتصاد والتنمية والعلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع الواحد.

وفي الوقت الذي يسل فيه البعض سيوفهم في إصدار ونشر وتأكيد الفتاوى ( العجاب ) بعيدا عن أعين هيئة كبار العلماء وإرغام المجتمع على امتطائها من خلال مبادئ التحريم ودخول النار أو إتباع خطوات الشيطان ودرء المفاسد , يتكبد اقتصادنا مليارات الريالات من الخسائر بسببها .

إننا بحاجة إلى (مشرع) يحد من عشوائية إصدار الفتاوى وتقنينها بما يتفق مع روح العصر اجتماعياً واقتصادياً وتنموياً , سلطة عليا تجمع كل أطياف المجتمع سنة وشيعة وبقية مكوناته الفكرية تعي أن حجم التحويلات المالية للعمالة الأجنبية تتجاوز 60 مليار ريال ( أولى بها فقراؤنا ومجتمعنا ) من بينها 12 مليار ريال سنويا تحويلات لأكثر من 300 ألف سائق خاص للأسر السعودية من إجمالي ما يقارب المليون سائق أجنبي في المملكة , وأنه حان الوقت للسماح للسيدات بسياقة السيارات ( ليس لأجلهن فقط ) بل من أجل الاقتصاد والأخلاق والتقاليد.

نعم , نحن بحاجة إلى ( مشرع ) يعي أن نسبة عمل المرأة ( هنا ) لا تتجاوز 14.11 في المائة وهو الأدنى إلى نسبة مشاركة المرأة في قوى العمل في العالم وأن حجم نسبة البطالة بينهن يلامس الـ 76 في المائة وأن التوسع في فتح سبل (جديدة) للرزق لهن بات أمرا هاما بدلا من وقوف ( أولئك ) ضد قرار مجلس الوزراء رقم120 وتاريخ 12/4/1425هـ والقرار الوزاري رقم 793/1 وتاريخ 22/5/1426هـ القاضي بزيادة فرص ومجالات عمل المرأة السعودية والقرارات الأخرى بشأن تأنيث محلات بيع الملابس النسائية والتي يغزوها الرجل الأجنبي في مجتمع ( الفضيلة ) الذي يمنع ( الخلوة ) ويغض النظر عن وجود امرأة بجوار سائق رجل (تقدر تحويلات العمالة الأجنبية المالية بما يقارب 24 مليار ريال سنويا من إجمالي 41 في المائة من العمالة الوافدة التي تتركز في مهن الخدمات ).

نحن أيها السادة بحاجة إلى ( مشرع ) ناضج يعي أن أكثر من 3 ملايين شخص في السعودية يعانون من مرض السمنة يقدرون بنحو 20 في المائة من عدد السكان تمثل النساء من تلك النسبة 66 في المائة, يصرفن في المستشفيات أكثر من 11 مليار ريال سنويا ( إحصائية غير رسمية ) للقضاء على مسبباتها وتأثيراتها وأن ممارسة الرياضة وسن تلك السنة الحسنة منذ الصغر في مدارسنا  بنيناً و بناتاً أصبح ضرورة لا تقبل التأويل أو الاتكاء على ما قاله السلف ضمن مبدأ ( الاجتهاد ) .

(مشرع) يعي أن إذكاء روح الخلاف وإطلاق المسميات بين مكونات المجتمع خاصة سنة وشيعة هو هدم بطيء لوطن بأكمله .

نحتاج في هذا الوقت بالتحديد مشرع واع يستمد حصانته من (التشريع) في فك الالتباس بين المصطلحات والمسميات خاصة تلك التي تستخدم للطعن في تماسك المجتمع كمصطلح الرافضة والنواصب وغيرها .

علينا جميعا أن نقف خلف تطوير وتنمية مجتمعاتنا وأن نكون جزء من (التحول الوطني) الذي يجب أن يشرك فيه جميع السعوديين بفئاتهم وأعراقهم وأن تكون في أجندته التحول الفكري والاثني داخل المجتمع والتوطئه لترسيخ مبادئ الوعي التحليلي وتأصيل مبدأ الاختلاف و التسامح الفكري والديني  .


صحيفة أنحاء

أضيف بتاريخ :2016/01/18

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد