آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
أحمد عبد الباسط الرجوب
عن الكاتب :
كاتب بصحيفة رأي اليوم

الانتخابات النيابية اللبنانية والتحولات السياسية والعسكرية في لبنان والمنطقة.. نتائج الانتخابات غيرت موازين القوى وحزب الله باق على سلاحه.. هل تشن إسرائيل عدواناً جديداً على لبنان؟

 

أحمد عبد الباسط الرجوب

في السادس من أيار 2018 وعقب الاستحقاق الوطني اللبناني للانتخابات النيابية والنتائج التي تمخضت عنها فقد بدأ لبنان مرحلة جديدة ومعه المنطقة في تداعيات التكهن عليها كمن يبحث عن إبرة في كومة قش، وفي رصد ما آلت هذه الانتخابات وما حصدته التنظيمات والقوى والأحزاب السياسية على اختلاف مذاهبها وانتمأتها، وفي سياق متصل خرج رئيس الحكومة سعد الحريري على جمهوره متقبّلاً النتائج التي حملت تراجعاً بنسبة ثلث المقاعد لتياره قياساً بنتائج انتخابات عام 2009 …

وبقي الكلام الذي قاله الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله هو الأهمّ للإشارة إلى ما حصدته المقاومة بتوفير حصانة شعبية وسياسية أسقطت مفاعيل الحملات الأمريكية الإسرائيلية التي استهدفتها، وأن المقاومة التي كانت مستهدفة بتحجيم حضورها ومحاصرتها عبر هذا الاستحقاق الانتخابي، خرجت أقوى مما كانت بعد كل العمليات الانتخابية التي شاركت فيها في الانتخابات السابقة كما خرجت بحصاد نيابي فاق كل التوقعات، ليس على مستوى الخصوم وحسب، بل على مستوى الحلفاء والأصدقاء وزادوا نفوذهم السياسي على حساب رئيس الوزراء الحريري المدعوم من الغرب وبعض الدول العربية المنضوية تحت مظلة النظام الغربي..

وغير بعيد عن ذلك فقد وجّه رئيس المجلس النيابي نبيه بري تحية شكر إلى اللبنانيين وشكرهم لإنجازهم هذا الاستحقاق قلباً واحداً ويداً واحدة قائلا كما كان وعدنا أن نصنع معكم ولكم وللبنان فجراً جديداً وهو ما اتفق عليه اللبنانيون جميعا وهذا قد وحّد لبنان.

أما التيار الوطني الحر الذي يتزعمه جبران باسيل وزير الخارجية اللبناني فقد أصبح أكبر تكتل نيابي في البرلمان اللبناني ” 29 نائباً ” فقد أعتبر باسيل أن الحلف مع حزب الله استراتيجي وباق وتعززه قناعة لدى الناس بقدرتنا على محاربة الفساد حيث كشف بأننا سنكون على موعد مع تكتل نيابي جديد اسمه تكتل لبنان القوي وأول عمل له التغيير والإصلاح مؤكدا على الابقاء في شراكته مع تيار المستقبل مستمرة…

وفي دراسة تحليلية حول نتائج الانتخابات اللبنانية والتي اتت مغايرة لما كانت تخطط له الإدارة الأمريكية ودولة الكيان الصهيوني فلقد أدّت نتائج أول انتخابات برلمانية في لبنان خلال تسع سنوات ”أجريت أخر انتخابات نيابية في لبنان عام 2009 ” إلى تعزيز موقف حزب الله بطريقة من المرجّح أن تثير قلق الولايات المتحدة وإسرائيل والذي اظهر بوضوح فوز أغلبية نيابية تضمّ ثنائي حزب الله وحركة أمل وقوى وشخصيات الثامن من آذار ونواب التيار الوطني الحر وحلفائه، الذي يعني إنه تجمّع نيابي يشكل الأغلبية الجديدة في البرلمان المنتخب، وفي هذا السياق كتب نفتالي بينيت، وزير التعليم في الحكومة الائتلافية المحافظة في دولة الكيان الصهيوني «لن تفرّق دولة إسرائيل بين دولة لبنان ذات السيادة وحزب الله، وستنظر إلى لبنان على أنه مسؤول عن أيّ عمل من داخل أراضيه».

ولما تقدم يمكن استنتاج العديد من النقاط والمؤشرات والتي تقودنا الى بعض المسلمات التي تمخضت عن هذه الانتخابات والفوز الكاسح الذي حققه حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر والتي يمكن التعرض اليها من الزوايا التالية:
تحصنت المقاومة بمظلة سياسية تفوق ما كانت عليه في انتخابات 2009 بكثير، حيث تمكنت من إيصال حلفائها من السنة والمسيحيين إلى البرلمان..

تصاعد وتيرة الضغط الخارجي على المقاومة على شاكلة التهديد الإسرائيلي المستمر وخاصة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، لكن احتمالات قيام إسرائيل بتنفيذ عدوان جديد على لبنان قد يكون مستبعدا في ظل التحولات السياسية والعسكرية في لبنان والمنطقة، لكن السؤال هنا “هل ستبقى مغامرات نتيناهو في غمدها؟ “.
أظهرت الانتخابات معادلة جديدة وواقعا يطغى على المشهد السياسي والدفاعي في لبنان وهى ”أي المعادلة” التي تحمي لبنان والمتمثلة بالشعب والجيش والمقاومة” والمعادلات السياسية في الديمقراطيات ترسمها كلمة الشعب ”للتصدي إلى إسرائيل وهى التي لا تزال تحتل مزارع شبعا ولها أطماع تطالب بها في المياه والنفط في المياه الإقليمية اللبنانية.

الرئيس الحريري هو المرشح الأوفر حظا لتشكيل الحكومة الوطنية للمرحلة القادمة وهو الذي يملك الأغلبية السنية وأي شخصية أخرى مرشحة غيره لهذا المنصب يجب أن تحظى بموافقة الحريري.

التوقعات تشير إلى الإسراع في تشكيل الحكومة الوطنية إذ من مصلحة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف وفريق المقاومة الإسراع في تشكيل حكومة لمواجهة الاستحقاقات الداخلية والخارجية المقبلة لا سيما الاقتصادية والحياتية وملف النازحين السوريين.
بمقارنة انتخابات 2018 مع انتخابات عام 2005 تظهر انتخابات 2018 فوز حلفاء المقاومة بعدد من المقاعد يفوق ما حازه ما تبقى من حلفاء الرابع عشر من آذار ”المكوّن من تيار المستقبل” 21 مقعدا ”والقوات اللبنانية 15 مقعدا “. وإذا ما أخذنا في الاعتبار مقاعد التيار الوطني الحر إلى قوى الثامن من آذار ” 78 مقعدا ” يظهر أن الانتخابات قد خرجت بأغلبية نيابية مريحة، مقابل خسارة الحلف المناوئ للمقاومة الذي حاز هذه الأغلبية في انتخابات 2005.
أظهرت هيمنة كل من حزب الله وحركة أمل على الطائفة الشيعية، فضلا عن نجاح حلفائه من الأحزاب الأخرى والمستقلين، وهذه لن تصب فقط لجهة وضع ما يسمى بالاستراتيجية الدفاعية في أدراج قصر بعبدا، بل أيضا ستمكن الحزب من تثبيت دوره لا بل غيرت موازين القوى بالإضافة إلى ”شبكة التحالفات” التي سيقيمها حزب الله في البرلمان الجديد والتي تضمن له حق الفيتو الضمني على القضايا الكبرى، معتبرا أن ترسانته العسكرية لن تخضع مجدداً للمساءلة أي ان حزب الله باق على سلاحه.
تعتبر طهران أن الأريحية السياسية التي ضمنتها الانتخابات النيابية اللبنانية فإنها تؤهل حزب الله للاستمرار في تنفيذ أجندتها الإقليمية وهى ما تراهن عليه إيران والتي تواجه تصعيدا يهدد مكاسبها في المنطقة على حزب الله الذي يعد أحد أقوى أذرعها..

واخيرا وليس اخرا وفي سياق متصل وعلى وقع نتائج انتخابات اللبنانية واثناء كتابة هذه السطور اتخذ الرئيس الأمريكي دوناد ترامب قراره بالانسحاب من تفاهم الاتفاق النووي مع إيران والذي من شأنه زعزعة الاستقرار وخلق صراعات جديدة في المنطقة، وعلى نفس المسار المتعلق بالتفاهم النووي مع إيران ينظر الأميركيون إلى النتائج اللبنانية بعين تربطها بالمواجهة الدائرة مع إيران حول ملفها النووي عشية اتخاذ الرئيس الأميركي قراره بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران.

وعلى وقع هذا الانسحاب الأمريكي من التفاهم النووي مع إيران ترجح مصادر أوروبية موقفاً أميركياً يمنح المهلة لأوروبا لتقديم رؤية تصلح لتحقيق الأهداف التي تمّ الاتفاق عليها مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بفتح تفاوض جديد مكمل مع إيران حول برنامجها الصاروخي والأوضاع الإقليمية، وهو ما يرجح تصاعدا على الجبهة اللبنانية مع الكيان الصهيوني وتصاعد وتيرة العمليات العسكرية السعودية على اليمن وهو ما يرجح تسخين الهلال الجغرافي الذي تتحكم بمفاصلة إيران من خليج عدن إلى طهران وبغداد ودمشق إلى الناقورة.

ختاما أرى أن المنطقة تتدحرج إلى حافة الحرب تقوم بها إسرائيل قد يكون لبنان والجولان السوري المحتل شرارتها الأولى والتي تشتد سخونتها في الأيام القادمة وتوقعاتي في فترة زمنية خلال الثلث الأخير من شهر أيار / مايو – حزيران / يونيو 2018  ، وهو ما أعلن عنه وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان في شهر تشرين أول / أكتوبر 2017 بأن الحرب المقبلة التي ستخوضها إسرائيل ستكون، على الغالب، في ثلاث جبهات في آن واحد. ففي الجبهة الشمالية لن تقتصر الحرب على «حزب الله» في لبنان، وإنما ستشمل سوريا أيضا وجبهة ثالثة في الجنوب (قطاع غزة) والتي قد تبدأ هذه الحرب على هذه الجبهات في أي لحظة كنتيجة حتمية للأجواء التي فرضتها نتائج الانتخابات النيابية التي تعرضنا لها، وكذلك تداعيات قرار الرئيس الأمريكي ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران وايضا غير بعيد عن ذلك الثأر الإيراني المؤجل مع الكيان الصهيوني ردا على قتل إسرائيل سبعة من المقاتلين الإيرانيين عند هجومها على قاعدة تيفور ( T4) القاعدة الإيرانية في سوريا.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/05/10

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد