آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عباس السيد
عن الكاتب :
كاتب يمني بصحيفة رأي اليوم

ما كبث السعودية!


عباس السيد

” الشر محرقة الطموح “. هذه هي الرسالة التي تركها لنا الكاتب الإنجليزي وليم شكسبير بين سطور مسرحيته ” ماكبث ” .

بعد أكثر من أربعة قرون. من كتابة تلك المسرحية ، أعاد الأمير محمد بن سلمان تجسيد المسرحية على ” خشبة الواقع ” .

 ومنذ تسلم الأمير  وزارة الدفاع في السعودية عام 2014 ، وحتى اغتيال الصحفي جمال خاشقجي ، وما بينهما من جرائم وانتهاكات داخل السعودية وخارجها ، والأمير يسير في نفس الطريق التي سلكها الأمير الاسكتلندي ماكبث ، وكأننا أمام نسخة أخرى من ” ماكبث شكسبير ” وهي نسخة يمكن تسميتها ” ماكبث كوشنير ” نسبة إلى الأمريكي المتصهين ،جاريد كوشنير ، صهر ترامب ومستشار البيت الأبيض ، الذي اكتشف شخصية بن سلمان ومواهبه ، ودفع به نحو العرش السعودي ، كما فعلت ” الساحرات الثلاث ” بالأمير الأسكتلندي ماكبث.

ماكبث ، إبن عم ملك استكتلندا ، وقائد جيشه ، استغل ثقة الملك الذي كان في ضيافته ، ودبر مع زوجته – الليدي ماكبث – خطة لاغتيال الملك أثناء نومه.

لم تكن تلك الجريمة البشعة كافية لتحقيق طموحاته ، بل كانت البوابة التي  ولج منها إلى جحيم من الشر ، أحرق فيه كل طموحاته وأحلامه ودمر مملكته .

على نفس الخطى ، سار ماكبث السعودية ، أو ” ماكبث كوشنير ” . ومنذ العام 2014 ، يمضي الأمير محمد بن سلمان نحو العرش كالبلدوزر ، يجرف في طريقه كل شيء.

لم يكن لطموحاته سقف ولا حدود ، ولم يخف رغبته الجامحة بحكم المملكة خمسين عاما.

سل الأمير سيفه ومنشاره ، ومضى يستعرض قوته وجبروته في الداخل والهارج . واختار أسرع الطرق وأكثرها خطورة ووعورة للوصول إلى العرش ، وكانت الأولى عبر اليمن.

استغل الأمير أزمة اليمنيين وانقسامهم ، فجعل من بلادهم ساحة لإثبات قوته وجبروته .. قذف حفلات الزفاف ومراسم العزاء والأسواق العامة وحافلات الأطفال بالقنابل والصواريخ.

حتى الآن ، لا نعلم كم يحتاج ماكبث السعودية من جماجم وأشلاء اليمنيين لتعبيد طريقه إلى عرش المملكة. !.

الطريق الثانية التي اختارها الأمير للوصول إلى العرش تمر عبر تل أبيب ، لم يكتف الأمير بالنفق الحالي ،  فهو يريد لها أن تكون سكة حديد ، يقطر فيها كل العواصم والمدن العربية إلى تل أبيب ، ضاربا بالحرم المكي والنبوي والمقدسي عرض حائط المبكى.

وضع ماكبث الأسكتلندي ” الذهبي المدور ” الذي كان يحلم به على رأسه . لكن شبح الملك دنكن ظل يطارده في صحوه ومنامه ، وعاش هو وزوجته فريسة للكوابيس .. ويوم إثر يوم ، كانت دائرة المقربين والحلفاء تنكمش ، فيما تتوسع دائرة الخصوم والأعداء. ويواصل ماكبث وزوجته الغرق في دماء الضحايا.

لم يستطع  ماكبث إزالة آثار دماء ضيفه وابن عمه الملك المُسن ” دنكن ”  فقال ذات مرة لزوجته : ” هل تغسل بحار نبتون العظيمة كل هذا الدم عن يدي فتنظف! . لا بل إن يذي هذه لسوف تضرج البحور العارمة وتجعل الأخضر أحمر قانيا ” .

 حينها ، وبخته زوجته ، وحاولت رفع معنوياته ، لكنها بعد أيام وهنت وخارت ، وقالت لزوجها وهي تشم يدها : ” لم أكن أتوقع أن لذلك الشيخ كل هذه الدماء .. عطور بلاد العرب كلها لن تطيب هذه اليد الصغيرة ” .

من سفكوا دماء الصحفي السعودي جمال خاشجي في قنصلية بلاده باسطنبول هم أيضا لم يتوقعوا أن يكون لخاشقجي هذه الكمية الهائلة من الدماء . ظن الجناة أنهم أزالوا آثارها في موقع الجريمة ، لكنها كانت تتدفق إلى بحر مرمرة وتلون بحر ايجه .

لم يكن الجُناة يتوقعون أن دماء خاشجقي ستركب موجات البحر نحو الشرق والغرب ، وأنها ستخضب أوراق الصحف وشاشات التليفزيونات في أرجاء العالم .

وهاهم الجُناة في عذاب وحيرة ، وهم يحاولون عبثا غسل آثار الجريمة وإزالة دماء خاشقجي بنفط الجزيرة العربية كلها ويفشلون. !.

عندما فشلت الليدي ماكبث في إزالة رائحة دماء الضحايا من يديها ، وفشل الأطباء في علاجها قررت إنها عذابها ووضعت نهاية لحياتها بالإنتحار ، بينما واصل زوجها الدفاع عن العرش ، ورغم عزلته ومعاناته ، كان ماكبث على ثقة بأن هزيمته مستحيلة ، وأنه لن يقهر ” إلا إذا تحركت أشجار غابة بيرنام لمواجهته ” . هكذا اخبرته ” الساحرات الثلاث” عندما تنبأن له بالعرش.

لكن المستحيل صار ممكنا.  فقد تحركت غابة بيرنام نحو معقله . هكذا أخبره أحد جنوده وهو مذهولا مما رآه.

 وفي الحقيقة لم يكن المشهد الذي رآه الجندي ، سوى الجيش الإنجليزي يسير مموها بأغصان من أشجار الغابة في طريقة لاستعادة عرش اسكتلندا ، تلبية لطلب نجلي الملك المغدور اللذين لجأ إلى إنجلترا بعد اغتيال ماكبث للملك.

خرج ماكبث لمواجهة ” غابة بيرنام ”  ، لكنه كان خائرا بلا معنويات كمن يسير  إلى  المقصلة . قُتل ماكبث على يد أحد خصومه ، ليسدل الستار على طموحاته وحياته . وتم العثور على جثة الملك المغدرر ، واجريت له مراسم الدفن اللائقة .

في حين لا يزال ” ماكبث السعودية ” متمسكا بطموحاته ،  ولا يزال البحث جاريا عن جثة خاشقجي أو بعض منها في ” غابة بلجراد ” شمال اسطنول.

فهل تتحرك “غابة بلجراد” نحو ماكبث السعودي وتنتصر للمغدور خاشقجي والآلاف من الضحايا اليمنيين ، وتضع حدا لكل هذه المظالم والشرور ؟.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/11/10

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد