آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
إبراهيم شير
عن الكاتب :
صحفي وإعلامي سوري

الشمال السوري.. بين الأطماع التركية والتعنت الكردي

 

إبراهيم شير
بعد أكثر من تسعة أشهر من احتلال تركيا لمدينة عفرين السورية هاهي الآن تحضر نفسها لقضم مدينة أخرى من التراب السوري لضمها إلى الكيانات التي أنشأتها في الشمال من إدلب وصولا إلى جرابلس والآن منبج وكل ذلك بزعم وجود تهديد كردي يهدد أراضيها.

نفس ماجرى في عملية “غصن الزيتون” التي تم خلالها احتلال مدينة عفرين، يجري الآن من ممهدات ومهدئات لهذه العملية، حيث أن الأتراك أعلنوا بكل صراحة أنهم ينسقون لهذه العملية مع الولايات المتحدة التي هي الداعم الرئيسي والمباشر للكرد الذين يحاربون من أنقرة في هذه العملية، وواشنطن أعلنت في السابق أنها لن تسمح لتركيا باحتلال عفرين، وفي النهاية لم تمنعها واكتفت ببيانات جوفاء، واليوم تقول أنها لن تسمح بعملية منبج، في وقت يخرج فيه المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، ليؤكد وجود اتصالات مع واشنطن لتجنب الاشتباك معها في تلك المنطقة.
الأخوة الكرد في الشمال السوري انجذب قسم مهم منهم للعبة الأميركية وإثارتهم بعض الشعارات القوية وداعبت عقولهم فكرة الدولة الجديدة من “النهر إلى البحر” إلا أنهم صدموا في المرة الأولى منهم وذلك لدى دعم الولايات المتحدة لداعش في معركة مدينة عين العرب في ريف حلب عام 2014 والجميع شاهد مظلات الأسلحة التي تم رميها لداعش في تلك المنطقة، ولولا دعم الدولة السورية المباشر للوحدات الكردية لما انتصروا في المعركة. والمرة الثانية كانت الضوء الأخضر الذي منحته واشنطن لأنقرة ليحتل جيشها عفرين وما حولها، ووقتها لجأ كل أهالي المدينة وقراها إلى مناطق سيطرة الدولة السورية، وجل من لجأ كان ممن يدعون إلى ما يسمى الفيدرالية والدولة الجديدة. والسؤال هنا هل ينتظر الكرد صدمة جديدة من واشنطن لكي يعودوا لوعيهم؟

تركيا شيطنت الوجود الكردي الطبيعي بحكم أنهم مكون سوري يعيش في هذه المنطقة من آلاف السنين، وجعلت منهم شماعة لتوغلها في الأراضي السورية بحكم أنهم باتوا مسلحين وعملوا على تهميش وجود الدولة ومنعه بالقوة باتوا يشكلون تهديدا لها على رأيها. وبسبب هذا الوجود باتت تقضم الأراضي السورية وتعمل على تتريكها.

نحن الآن أمام تغيير ديمغرافي مخيف في سوريا حيث اعتمدت تركيا سياسة مخيفة في الشمال السوري إلا وهي تتريك المنطقة ككل حيث تعتبر هذه المنطقة أرضا خصبة لأنقرة لزرع بذور سياساتها الجديدة عبر عدة نقاط أبرزها افتتاح المدارس التركية فيها وإدخال أفكارها إليها ثم ضمها بطريقة أو بأخرى لتكون تحت سلطات الولايات التركية إداريا وأبرزها ولاية “هاتاي” وهي الاسم التركي لمحافظة لواء اسكندرون السورية السليبة، ثم محاولة تدجين الإرهابيين المتواجدين في هذه المنطقة وجعلهم جيشها ويدها في المنطقة وهو أشبه بجيش لحد في لبنان ليكون حاميا لتركيا في جنوبها، والإبقاء عليهم كورقة ضغط ضد دمشق.

الآمال الآن معلقة على الأخوة الكرد في منبج وباقي مناطق الشمال الشرقي السوري، هل سيعودون لحضن الدولة ويقفون بجانبها أمام هذه المحاولات، أم أنهم ينتظرون صفعة تلو الأخرى من واشنطن وحلفائها؟

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/12/17

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد