آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
طلال القشقري
عن الكاتب :
كاتب سعودي في صحيفة المدينة

أهم قضايا المتقاعدين!!


طلال القشقري

 

كلّما أقابل متقاعدًا، ويعلمُ أنّني كاتب، «يَنْشَبُ» في حلْقي مثل «نَشْبَة» الدبّوس المغروز في الأوراق، ويعرض عليَّ بإسهاب قضايا المتقاعدين، مُطالِبًا بحلِّها على وجه سرعة الضوء لا الصوت، وكأنّ في يدي لاستحضار الحلول عصا موسى أو خاتم سليمان، أو كأنّني عفريت الجنّ الذي عَرَضَ على سليمان إحضار عرش بلقيس من اليمن للشام حيث كان يُقيم قبل أن يقوم من مقامه، أو كالذي عنده علم الكتاب واسم الله الأعظم فأحضر العرش بحول الله وقوّته إلى سليمان في طرْفة عَيْن، وما يدري المتقاعد أنّه ليس في جُعْبتي سوى الكتابة فقط عن قضايا المتقاعدين، واقتراح الحلول للجهات المعنية، لعلّ وعسى، ثمّ لعلّ وعسى!.

وبالأمس قابلْتُ متقاعدًا طازجًا أي حديث التقاعد، وقبل أن «يَنْشَبَ» في حلْقي ويلتهمني كوجبة عشاء التهمْتُه أنا كوجبة غداء، وقلت له بأنّ هناك قضايا كثيرة للمتقاعدين، لكن أعطني واحدة فقط هي أهمّها من وجهة نظرك، ويمكن تصنيفها كقضية القضايا التي لها أولوية الحلّ وليست من بقية القضايا التي لا حرج كبير من تأجيل حلولها، وقد قلّدْتُ في ذلك الوزير الراحل غازي القصيبي، يرحمه الله، حيث كان يُرتّب قضايا عمله هكذا، وهو ترتيب جيّد يُسرِّعُ حلّ و»حلحلة» جميع القضايا!.

وبعد تفكير مليّ قال المتقاعد: أنت تعلم أنّ الموظّف عندنا يتقاعد في سنّ الستين عامًا، بعد أن تكون مؤسّسة التقاعد قد استقطعت نسبة ٩٪ من راتبه الشهري طيلة سنوات قد تصل لأربعين سنة، وكثيرٌ من المتقاعدين يُتوفُّون بعد فترة قصيرة من تقاعدهم، ربّما بعد بضعة سنوات، فضلًا عن كونهم قد تزوّجوا مُبكِّرًا في عشرينيات أعمارهم، وأنجبوا أولادًا وبناتًا يصلون لِسِنٍّ وحالاتٍ اجتماعية ومهنية حين وفاة آبائهم لا يستحقّون معها حسب النظام رواتب آبائهم التقاعدية، باستثناء أرامل المتقاعدين اللاتي يندرجن أيضًا في عدم الاستحقاق فيما لو كُنّ موظّفات متقاعدات، وبهذا يضيع جُلّ ما تمّ استقطاعه من المتقاعدين طيلة حياتهم، وفجأة تُصبح رواتبهم صِفْرًا لصالح ورثتهم الأقربين، وفي هذا استشكال كبير يحتاج لإعادة دراسة وتصحيح، ويتضاعف الاستشكال إذا تُوفّيت الأمّ المتقاعدة من الوظيفة في وقتٍ مقاربٍ من وقت وفاة الأب المتقاعد!.

وأنا بدوري أعتقد أنّ ذلك هو استشكال بحقّ وحقيق، غير أنّ من حلوله الممكنة أن يُحسب الفرق بين ما تمّ استقطاعه من رواتب الموظفين قبل تقاعدهم وبين مجموع رواتبهم التقاعدية المصروفة لهم قبل وفاتهم، ويُسلّم الفرق لورثتهم الأقربين، ومعاملته كميراث شرعي قد خلّفوه، وهذا هو أقرب الحلول العادلة لأهمّ قضايا المتقاعدين، لأنّه معادلة مالية متساوية بين طرف أول هو (الوظيفة والحياة) وطرف ثاني هو (التقاعد والوفاة).!

وللقصّة بقية، فقضايا المتقاعدين غزيرة، لعلّني أتطرّق إليها في قادم الأيّام.!

صحيفة المدينة

أضيف بتاريخ :2019/03/09

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد