آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. بهيج سكاكيني
عن الكاتب :
صحفي

الابتزاز المالي والسياسي للحلفاء…. والجيش الأمريكي تحول إلى جيش من المرتزقة

 

الدكتور بهيج سكاكيني

بتوجيه من الرئيس ترامب يعمل فريق من إدارته في تحضير قائمة من المطالب المالية لكل من ألمانيا واليابان ولاحقا لأي دولة تستضيف القوات الأمريكية على أراضيها بدفع النفقات الكاملة للجنود المنتشرين على اراضيهم بالاضافة إلى 50% وربما أكثر ” لشرف” استضافة هذه القوات وفقا لاثني عشر مسؤولا في الإدارة وعدد من الاشخاص الذين بلغوا بهذه المسألة.

إلى جانب الجشع المادي الذي أبدته هذه الإدراة منذ تسلم ترامب الرئاسة كما اتضح في تعامله مع الدول الخليجية وبشكل فج ومهين ووقح للغاية فإن الإدارة تريد استخدام منظومة الابتزاز الجديدة كوسيلة لممارسة نفوذها على البلدان للقيام بدعم السياسة الخارجية العدوانية للولايات المتحدة وخاصة في زمن تشعر به الإدارة الأمريكية بالعزلة حتى من قبل حلفائها التقليدين. وقد ظهر هذا بوضوح مؤخرا في عدم انجرار الاتحاد الأوروبي خلف الولايات المتحدة بما يخص الاتفاقية التي وقعت مع إيران بشأن برنامجها النووي.
فالاتحاد الأوروبي وقف موقفا مغايرا جدا عن الإدارة الأمريكية فهو لم يرفض فقط الاملاءات الأمريكية بالانسحاب من الاتفاقية  بل رفض أيضا إنزال العقوبات على إيران التي اتخذتها الإدارة الأمريكية ومن جانب واحد وخارج الأطر الاممية ضاربة بعرض الحائط قرارات مجلس الأمن والمجتمع الدولي.   وقام الاتحاد الأوروبي بإيجاد آلية مالية بديلة للتعاملات التجارية والمالية مع إيران للالتفاف على الإجراءات المالية التي وضعتها إدارة ترامب والتي من شأنها وضع عقوبات على الدول والشركات التي تتعامل مع إيران.
كما ولم تستجب هذه الدول لأهداف مؤتمر وارسو الأخير الذي شكل بهف إيجاد جبهة دولية ضد إيران وتهيئة الراي العام العالمي للعدوان بشن حربا عليها، كما افصح المجرم نتنياهو حال وصوله إلى وارسو.وللدلالة على أن الإدارة الأمريكية تريد استخدام هذا التعامل الجديد مع الحلفاء كوسيلة للضغط السياسي عليهم فقد أوعزت الإدارة إلى البنتاغون أن يقوم بتقدير المبالغ المطلوب دفعها بصيغتين: الأولى هي تحديد مقدار الأموال التي يطلب من بلدان مثل المانيا واليابان دفعها والثانية هي تحديد الخصومات الذي ستحصل عليها تلك البلدان إذا كانت سياساتها الخارجية تتماشى وتتناغم مع تلك التي تتبعها الولايات المتحدة.
هذا الابتزاز المالي والسياسي ليس بجديد على الإدارات الأمريكية المتعاقبة ولكن الجديد هنا هو أن تصبح هذه السياسة علنية ومتعارف وركيزة اساسية من ركائز السياسة الخارجية الامريكية وكأنها تأسيس لمرحلة جديدة في التعامل مع الحلفاء والأدوات.  فالدول الخليجية على سبيل المثال وهبت وتهب للآن الأرض التي تقام عليها القواعد الأمريكية مجانا إلى جانب تحمل كل تكلفة إقامة هذه القواعد وخير مثال على ذلك قاعدة العديد في قطر. ولا شك أن هذه الدول الغنية تشارك في نفقات هذه القواعد والاحتياجات اليومية. ولقد سبق وأن صرح ترامب أثناء حملته الانتخابية وبعدها أن هذه الدول تمتلك الكثير من المال ونحن بحاجة إليه وأن عليها ان تدفع لنا نفقات حماية عروشها وأنها لن تصمد ولو لأسبوعين دون توفير الحماية لها من قبلنا.
وأذكر انه في حرب الخليج الأولى والثانية حققت الولايات المتحدة أرباحا طائلة من وراء حربها للمساهمة المالية التي قدمت لها بسخاء من هذه الدول. وعندما طلبت الإدارة الأمريكية آنذاك من ألمانيا ان تقوم بدفع المزيد من الأموال متحججة أنها تدافع عن المصالح الغربية كافة وليس عن مصالحها فقط قال وزير الخارجية الألماني آ نذاك إن ألمانيا على استعداد لدفع أي مبلغ لتسديد النقص في فاتورة الحرب فيما إذا ما أقدم البنتاغون على تقديم فاتورة بتكاليف الحرب الكلية وما قبضته الولايات المتحدة من الدول وأي نقص في الميزان ستقوم المانيا بتغطيته.
ولكن إدارة بوش والبنتاغون آنذاك رفضا تقديم الفاتورة المفصلة للحرب الى ألمانيا. الولايات المتحدة نصبت ما يقرب من 800 قاعدة عسكرية في أرجاء العالم ليس لحماية الدول العميلة والحلفاء وإنما للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية ومحاولة احتواء أي خطر يهدد هذه المصالح الاستراتيجية الكونية ولتبقي هذه الدول تحت السيطرة والهيمنة الأمريكية. وأمريكا من خلال هذه القواعد والاتفاقيات المبرمة مع الدول التي اقيمت عليها القواعد تعمل على إبقاء حالة من عدم الاستقرار في العديد من المناطق إلى جانب الوقوف أمام أية عملية تقارب بين “الاعداء” كما هو حاصل بين كوريا الشمالية والجنوبية. فالقواعد العديدة التي فرضت أمريكا إقامتها في الجنوب والمناورات المشتركة مع قوات كوريا الجنوبية أبقت حالة من الجفاء وعدم الاستقرار والعداء بين شطري الوطن.

المصدر: صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/03/12

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد