التقارير

تقرير خاص: نار الغلاء المعيشي تكوي الشعب.. أين وعود الرؤية وثمارها؟


محمد الفرج

قد يرى البعض بأنه ليس هناك اختلاف في سبب غلاء المعيشة التي تعاني منه شعوب العالم سواء كان بسبب ارتفاع أسعار السلع والخدمات أو أنه نتيجة لتعديل مستوى الاقتصاد العالمي، لكن في المملكة السعودية نستغرب واقع الغلاء المعيشي كونها من البلاد المتقدمة اقتصاديا والتي من المفترض أن ينعم أهلها برفاهية أكثر من غيرهم، لكن التباين الواضح بين الطبقة الغنية والفقيرة في المملكة كان سبباً رئيساً في فشل جهود الحكومات في مواجهة مشكلة الغلاء وانتشار الفقر.

الكثير من المواطنين الذين يكتوون بنار الغلاء المستمر على الأسعار، يرون بأن ارتفاع قيمة الكثير من السلع والخدمات على أرض الواقع، يزيد كثيراً من نسبة الغلاء، ولا نذكر هذا الرأي جزافاً وإنما من واقع عشرات الشواهد التي ربما لا يتسع المجال لذكرها في هذا المقال.

لو أجريت استطلاعات شهرية لآراء المستهلكين؛ حول مستويات الأسعار، لتفاجأت بآرائهم وبنتائج الاستطلاع ولتفاجأت بالتفاوت الملحوظ بين قناعات ومشاهدات الناس عن الغلاء، وبين ما تورده تلك الإحصاءات الرسمية.

ولكن يبدو أن شريحة عريضة من السكان الذين يعانون من ارتفاع الأسعار لا يعترفون بكل ذلك، وربما لا يفهمونه أيضا، وإنما يفهمون فقط أنهم مضطرون لدفع زيادات متتالية على قيمة مشترياتهم من السلع واحتياجاتهم من الخدمات، بدون أن يكون هناك مبررات موضوعية لذلك؛ من وجهة نظر الكثيرين منهم.

ولعل الأسوأ والأغرب من كل ذلك هو أن المتغيرات الاقتصادية المحلية والعالمية المتسارعة والتي كان (يفترض) أن تؤدي إلى تراجع الأسعار بدلاً من ارتفاعها؛ ولكن ذلك لم يحدث!، وفي مقدمة تلك المتغيرات الارتفاع الملحوظ على سعر صرف الدولار.

كما تعمل السعودية منذ زمن طويل على استقبال العمالة الأجنبية للعمل لديها في جميع المجالات، ابتداءً من بضعة أيام وانتهاءً بسنوات طويلة، ويشكل المقيمون الأجانب ما نسبته (35%) من إجمالي تعداد السكان في المملكة، ما عزز نسبة البطالة المحلية في المملكة حيث بلغت نسب بطالة الموطنين في المملكة 12.8% خلال الربع الثاني 2017، والنسبة تزيد مع كل عام.

لاحتواء تلك الأزمة التي بدأ ينتج عنها أصوات معارضة، أمر الملك سلمان بن عبد العزيز بصرف بدل غلاء معيشة شهري قدرة 1000 ريال (267 دولارا) للمواطنين من الموظفين المدنيين والعسكريين لمدة سنة تعويضا عن زيادة تكاليف المعيشة بعد أن رفعت الحكومة أسعار البنزين المحلية وفرضت ضريبة القيمة المضافة.

لكن ذلك البدل لم تكن الفائدة منه كما كان متوقع، فالغلاء المعيشي مازال محط شكاوى ومطالب، غير أن التفاؤل بتحسن النشاط الاقتصادي وتطبيق بعض التدابير الإيرادية وتصحيح أسعار الطاقة مع استلام ولي العهد لمنصبه، لم يخفف تلك الآفة المعيشية.

أما بعد الإعلان عن خطة 2030 فشهدت عدة أقسام من "سلة السلع والخدمات الرئيسية للمستهلك" ارتفاعاً بالأسعار، فالاتصالات والصحة والتعليم والسكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى، كل ذلك أضنى المواطن السعودي وأثقل كاهله.

وكي لا نظلم تلك الرؤية في أول عمرها، ستكشف الأيام القادمة إذا ما كان المواطن السعودي سيعيش ارتياح معيشي، وإذا ماكانت نسبة البطالة ستقل كما سبق ووعد ولي العهد عندما أعلن عن رؤيته، ولكن إذا مابقي الأمير يدعم جيوب ترامب فلن ينال هذا المواطن أي ارتياح لا نفسي ولا معيشي.

أضيف بتاريخ :2019/03/26

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد